خبر كنيست بائسة- معاريف

الساعة 09:31 ص|22 مارس 2010

بقلم: أفيف لفي

 (المضمون: قانون التخطيط والبناء الجديد اقر بالقراءة الاولى باغلبية الاصوات – ولكن اصوات غالبيتها الحاسمة ليس لها فكرة على ماذا صوتت على الاطلاق  - المصدر).

مثل هذا النقاش الغريب لا يجري في الكنيست كل يوم. الواحد تلو الاخر صعد النواب الى المنصة وعلى السنتهم اعتراف: لم أقرأ مشروع القانون الذي يفترض بي أن أصوت عليه. ليس لدي أي فكرة عما يدور الحديث. عندما حان دور اوري اورباخ، من الجديين بين النواب في الكنيست قال بصدق لاسفي لم أتمكن من القراءة كي أعرف على ماذا أصوت. وعليه فانه لا يسعني أن أتحدث لاني لا أعرف عما يدور الحديث. اما لحاييم اورون فكانت رسالة لرئيس الكنيست: "ابلغك اني لم اقرأ الـ 400 صفحة. ولكن لماذا أحتاج الى ذلك؟ فقراءة القوانين كانت ستعيق النقاش".

دعوا للحظة جانبا الجدال اذا كان الاصلاح للتخطيط والبناء من مدرسة نتنياهو وايلي يشاي جيد أم سيء للدولة. فالطريقة التي يقر فيها هذا الاصلاح هي التي تجعل الديمقراطية الاسرائيلية مزحة. ففي مساقات المقدمة للدراسات السياسية يشرحون بان الديمقراطية ليست مجرد مؤسسات مع اسماء محترمة مثل "المجلس التشريعي" بل هي ايضا مضمون وثقافة ديمقراطية تملأ هذه المجالس.

ما حصل في الاسابيع الاخيرة في الكنيست وفي الحكومة، امام ووراء الكواليس، يدل على انه في نظر اصحاب القرار في القدس الديمقراطية هي مصدر اقلاق، بعوضة مثيرة للاعصاب يجب ازاحتها بقفى الكم ومواصلة الدرب الى الامام.

في الديمقراطية الحقيقية، قبل التصويت على قانون محمل بالمصائر سيصمم وجه الدولة على مدى أجيال، يحصل أعضاء البرلمان على الزمن الكافي لقراءته بجذرية والتشاور مع الخبراء لبلورة رأي. اما في اسرائيل، فان اعضاء الكنيست حصلوا على يوم واحد لدراسة قانون يقع في مئات الصفحات والمواد، في مجال معقد ومركب قلة يتوجهون اليه بعلم مسبق. يوم الاحد صادقت الحكومة على قانون التخطيط والبناء الجديد، ويوم الاثنين مساء وضع على طاولة الكنيست، وفي يوم الاربعاء اجري التصويت. هكذا يجعلون من القانون اضحوكة.

التصويت العاجل في الكنيست هو مجرد طرف الجبل الجليدي. من اللحظة التي نشرت فيها مسودة القانون، وهو كتاب سميك يقع في 250 صفحة ونحو 600 مادة، خصص 21 يوما للملاحظات فقط. واضح أن مثل هذا الجدول الزمني يرمي الى منع نشوء بحث جماهيري ذي مغزى. فالاندفاع المجنون نحو الاصلاح ألحق بالحكومة بضع لحظات من الحرج: قضاة محكمة العدل العليا، الذين ،على أقل تقدير، لم يكونوا مرتاحين من العجلة المصطنعة، اطلقوا امرا احترازيا وضع على طاولة الحكومة قبل دقائق من البدء المفترض للنقاش في هذا الاصلاح. وتساءل القضاة على ماذا الجلبة. وقالت القاضية اييلا بروكتشيا: "على ماذا العجلة؟ يمكن للمرء أن يظن أنه اندلعت حرب".

ولكن لحظات الحرج هذه لا تمنع حكومة اسرائيل من الركض الى الامام وذلك لان محكمة العدل العليا – وهي مؤسسة ديمقراطية منغصة اخرى – لا تعد في نظرها. ولا حتى حقيقة أن مسؤولين كبار في وزارة الصحة وصفوا الاصلاح بانه "كارثة صحية"، وان مئير شطريت، رئيس بلدية ووزير داخلية سابق – يعتقد أن هذا الاصلاح "مشوش". كل الوزراء (باستثناء واحد) رفعوا اياديهم مؤيدين، 60 نائبا وقفوا صامتين امتثالا للامر الائتلافي، بينهم حزب العمل البائس الذي للمرة من يدري كم فوت الفرصة لاظهار الشجاعة، الاستقلالية والمسؤولية الاجتماعية – البيئية. قانون التخطيط والبناء الجديد اقر بالقراءة الاولى باغلبية الاصوات – ولكن اصوات غالبيتها الحاسمة ليس لها فكرة على ماذا صوتت على الاطلاق.