خبر طالب جامعي بالصين يثير أجراس الخطر في أميركا

الساعة 06:59 ص|22 مارس 2010

فلسطين اليوم-وكالات

فوجئ وانغ جيانوي، طالب الدراسات العليا بكلية الهندسة في مدينة لياونينغ بالصين عندما وصفه الكونغرس الأميركي بأنه مقاتل إلكتروني محتمل. وحدث ذلك بعدما أعرب الاستراتيجي العسكري والخبير في الشؤون الصينية لاري وورتزيل أمام لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب في 10 مارس (آذار) الحالي عن وجود مخاوف بشأن «الورقة البحثية، التي نشرها الباحثون الصينيون بمعهد الأنظمة الهندسية بجامعة داليان للتكنولوجيا، والتي تدور حول كيفية مهاجمة شبكات الطاقة الأميركية الصغيرة بالطريقة التي يمكن أن تؤدي إلى تعاقب انهيار أنظمة الطاقة بأنحاء الولايات المتحدة كافة».

ولدى سؤاله عبر اتصال هاتفي، قال وانغ إنه وأستاذه نشرا بالفعل ورقة بحثية حول «إمكانية تعرض شبكات الطاقة الأميركية لهجمات إلكترونية متتالية» نشرتها مجلة «سيفتي ساينس» الدولية خلال الربيع الماضي.

لكن وانغ أكد أنه كان يحاول أن يجد سبلا لتعزيز استقرار شبكات الطاقة من خلال رصد الثغرات المحتملة بها. وقال: «نحن عادة نقول (هجوم) حتى يمكن رصد ما يمكن أن يحدث، لكنني أركز على كيف يمكننا حماية تلك الشبكات، فقد كان هدفي أن أجد حلا يمكن من خلاله أن نجعل الشبكة أكثر أمنا». وقال العلماء الأميركيون المستقلون الذين قرأوا تلك الدراسة إن ذلك صحيح؛ مشيرين إلى أن الدراسة التي قام بها وانغ تعد من الممارسات الفنية المعتادة ولا يمكن استغلالها لشن هجوم على شبكات الطاقة.

لكن الفارق بين تفسير وانغ والنتيجة التي خلص إليها وورتزيل هي أكثر من الاختلاف الأكاديمي؛ حيث إنها تعكس العداء الذي يسود الأجواء بين الولايات المتحدة والصين بشأن الأمن الإلكتروني بما في ذلك الهجمات الكبرى التي تعرضت لها شبكات الكومبيوتر، فحتى مجرد سوء تفاهم يمكنه أن يصعِّد التوتر ويتسبب في رد فعل مبالغ فيه.

ويقول نارت فيلينوف، الباحث بشركة «سيكديف»، التي تعنى بأبحاث الأمن الإلكتروني ومقرها أوتاوا: «هناك بعض الناس الذين ينظرون إلى تلك الدراسة باعتبارها تعكس اهتمام الصين بعرقلة شبكة الطاقة الأميركية. وعندما تبدأ في النظر إلى أي خطوة تقوم بها الدولة باعتبارها ذات دوافع عدائية، ينشأ إحساس بالبارانويا داخل النظام».

وقد أثار عرض وورتزيل في جلسة الاستماع بمجلس النواب رد فعل قويا من جانب النائب الجمهوري إد رويس عن كاليفورنيا، إذ قال بشأن الدراسة التي قام بها وانغ: «أعتقد أن ذلك يذكّر جميع أهالي كاليفورنيا الموجودين هنا اليوم أو يجب أن يذكرهم بشيء واحد»، في إشارة إلى المخاوف التي ظهرت عام 2001، عندما نشرت «لوس أنجليس تايمز» تقريرا يرجع اختراق الشبكة التي تتحكم في الشبكة الكهربائية إلى شخص في مقاطعة غوانغدونغ بالصين. وعادة ما كانت التقارير اللاحقة للهجمات الأخرى تتضمن مزاعم بأن الصينيين كانوا وراء الاختراقات على الرغم من عدم وجود أدلة على ذلك.

وفي حوار أجري معه الأسبوع الماضي حول دراسة وانغ وشهادته، قال وورتزيل إن نوايا هؤلاء الباحثين لا تهم. وأضاف: «لقد أصبحت الثغرات معروفة لجميع الصينيين وأصبح بإمكانهم استغلالها».

من جهة أخرى، قال المتخصصون في مجال علوم الشبكات، التي تستكشف استقرار الشبكات مثل شبكات الطاقة والإنترنت، إن ذلك ليس صحيحا. وتقول ريكا أبرت، عالمة الفيزياء بجامعة بنسلفانيا، التي أعدت دراسات مشابهة، في حوار أجري معها عبر البريد الإلكتروني: «ليس لدى معدي تلك الدراسة أو أي دراسة أخرى سابقة، المعلومات المتعلقة بهوية عناصر شبكات الطاقة المعروفة باسم نقاط اتصال الشبكات. كما أنه لا يمكن إقامة أي سيناريو عملي لشن هجوم على شبكات الطاقة الحقيقية من خلال مثل ذلك العمل».

وبعيدا عن الدراسة التي أعدها وانغ، فإن الخبراء في مجال أمن الكومبيوتر يقولون إن هناك أسبابا حقيقية وراء مخاوف المسؤولين الأميركيين بشأن الصين، كما أنهم يميلون إلى عدم تصديق تأكيد الصين المستمر أنها لا تملك الخبرة أو النية اللازمين لشن مثل تلك الهجمات التي تنهال بالآلاف على الحكومة الأميركية والأنظمة الكومبيوترية كل أسبوع.

لكن المشكلة هي أنه من السهل إخفاء مصدر الهجوم على الشبكات الكومبيوترية، وبالتالي فإن أي رد فعل انتقامي سيكون محفوفا بالغموض. وذلك هو السبب الذي يجعل حرب الكلمات - مثل الحرب التي اشتعلت خلال الأشهر الماضية بين الولايات المتحدة والصين - حربا لها خطورة خاصة، وفقا لما قاله جون أركويلا مدير مركز العمليات المعلوماتية بأكاديمية البحرية بمونتيري في كاليفورنيا. وأضاف أركويلا: «ما نعرفه من خلال علم الشبكات هو أن الاتصالات المكثفة من روابط مختلفة وأنواع مختلفة من الروابط يمكن أن يكون لها تأثير غير متوقع على الإطلاق». وأضاف: «وتشبه الحرب الإلكترونية على نحو ما الأشخاص الذين يفكرون في الأسلحة البيولوجية؛ فإذا ما تراخيت في الحفاظ على ذلك السلاح، سيكون من الصعب أن تتحكم في الاتجاه الذي سيذهب إليه».

يذكر أن حدة التوتر بين الصين والولايات المتحدة قد تزايدت في بداية العام الحالي، بعدما هددت شركة «غوغل» بالانسحاب من الصين قائلة إن لديها دليلا على تورط الصين في عمليات اختراق إلكتروني دقيقة.

وقد استخدمت عدة تقارير، بما فيها التقرير الذي أصدرته لجنة التقارير الأمنية والاقتصادية الأميركية - الصينية، (وورتزيل هو نائب رئيس تلك اللجنة)، في أكتوبر (تشرين الثاني) الماضي، لهجة عالية النبرة حول تزايد التهديدات الحاسوبية خاصة من قبل الصين. وذكر ذلك التقرير: «تشير مجموعة من الأدلة، سواء الظرفية أو الشرعية، إلى تورط الصين في مثل تلك الممارسات سواء من خلال الأفعال المباشرة التي تقوم بها هيئات حكومية أو من خلال الممارسات التي تقوم بها مجموعات أخرى تابعة للدولة».

من جهته، قال وانغ في الحوار الذي أجري معه إنه اختار الشبكة الكهربائية للولايات المتحدة لدراسته، لأنها كانت الأسهل؛ حيث إن الصين لا تنشر بيانات حول شبكات الطاقة الخاصة بها. مضيفا أنه لم يجد سوى لدى الولايات المتحدة بيانات مفيدة ويمكن الوصول إليها.

وأضاف أنه كان خبيرا «في إدارة الطوارئ» وأن دراسته ترتكز أساسا على دراسة النقطة، التي تفقد عندها الشبكة فعاليتها. وأضاف: «لقد اخترت النظام الكهربائي، لأنه أفضل ممثل للطريقة التي تتدفق بها تيارات الطاقة عبر الشبكة. فكل ما أردته هو إجراء بحث نظري».

وتذكر الدراسة احتمال تعرض أنواع مختلفة من الشبكات الكومبيوترية إلى هجمات «متعمدة». وتشير الدراسة إلى أن أنواعا محددة من الهجمات ربما تسفر عن انهيار متتالٍ، يشبه انهيار قطع الدومينو، للشبكة بأسرها. وقد كتب معدو الدراسة: «من المتوقع أن تكون النتائج التي أوردناها هنا مفيدة للشبكات الحقيقية، حيث سيصبح بإمكانها حماية النقاط الأساسية وتجنب كارثة الانهيارات المتتالية».

كما استعانت دراسة وانغ بالبحث الذي أعده ألبرت لازلز باربازي، عالم الفيزياء بجامعة «نورث إيسترن»، الذي قام بدراسات موسعة حول الثغرات المحتملة في الشبكات، التي يمكن أن تتعرض للهجمات. ويقول الدكتور باربازي في حوار أجري معه: «أنا لست مؤمنا بنظريات المؤامرة، ولكن ذلك أمر شائع بالنسبة إلى نطاق واسع من الشبكات حتى في نطاق تحويل الطاقة، وهي ليست مقتصرة على نظام الولايات المتحدة، فهناك دراسات مماثلة في شبكات الطاقة في جميع أنحاء العالم».