خبر « النخالة » : « إسرائيل » غير قادرة على خوض الحرب بسبب تآكل قدرة الردع وقوة المقاومة

الساعة 08:31 م|19 مارس 2010

"النخالة" : "إسرائيل" غير قادرة على خوض الحرب بسبب تآكل قدرة الردع وقوة المقاومة

فلسطين اليوم- دمشق

أكد الأستاذ زياد النخالة نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي أن السلام لن يحل على هذه الأرض طالما على الخريطة شيء اسمه "إسرائيل".

وأشار النخالة في الندوة السياسية التي أقامتها نقابة المحامين السوريين تحت عنوان:المشروع الصهيوني: رؤية سياسية في ظل المتغيرات الراهنة" أن الحروب التي خاضتها إسرائيل رغم الانتصارات التي حققتها. لم تحسم الصراع على فلسطين بل إن شارون مع بداية انتفاضة الأقصى أعلن أن "حرب الاستقلال" أي حرب 1948 لم تنته بعد!

موضحا أن إسرائيل ليست مشروع دولة عادية ينحسر فعلها داخل حدودها الراهنة بل هي دولة ودور في المنطقة والعالم. وحتى لو قبلت المنطقة بوجود هذه الدولة في فلسطين فسوف نجدها تمد يدها في كل شيء في المنطقة وتفتعل الحروب في كل مكان لإضعاف الآخرين. لتضمن لنفسها أن تبقى في موقع الريادة دائماً.

وبين القائد الفلسطيني ان وجود المقاومة والانجازات التي حققتها إن كان ذلك في لبنان أو في الأرض المحتلة. مدعوماً بموقف سوري ثابت، معززاً بموقف الجمهورية الإسلامية وشعوب العالم العربي والإسلامي، أثبت أن الشعوب يمكن أن تستمر بالصراع حتى في ظل تخلي النظام العربي الرسمي عن واجباته، إذا توفرت الإرادة والحد الأدنى من الدعم والإسناد الرسمي. وهذا يعني أن الأنظمة إذا عجزت عن خوض الحروب نتيجة اختلال موازين القوى فكل المطلوب منها أن توفر التأييد والدعم لمقاومة الشعوب القادرة على مواجهة المشروع الصهيوني.

وأوضح النخالة ان إسرائيل اليوم تشعر أنها تتعرض لتهديد وخطر غير مسبوق. وهي تؤمن أن هذا الخطر لا يمكن إزالته إلا بالحرب لكنها غير قادرة على خوض الحرب اليوم في ظل تآكل قدرة الردع الصهيونية وقوة المقاومة وعدم تأكدها من نتائج هذه الحرب ومآلاتها في المنطقة.

وأشار إن مشروع التسوية قد أثبت فشلاً ذريعاً في تحقيق أي تقدم وما يجري في الأرض المحتلة من حملات الاستيطان والاستيلاء على الأرض والمقدسات ومحاولات تهويد القدس، ورفضها الانسحاب من الأراضي السورية المحتلة، يؤكد أن هذه الدولة تريد الأرض مقابل سلام لا تستطيع هي أن تمنحه لنفسها.

وبين نائب الأمين العام  ان محاولة السيطرة على القدس وتهويدها تقطع الطريق على أي تسوية قادمة وهي بمثابة اختبار حقيقي للشعوب والدول في الأمة لأن إفلات إسرائيل بجريمتها ضد القدس سيفتح أمامها الطريق إلى كل العواصم وبالشروط التي تريدها.

وأشار النخالة إن الهجوم على القدس الذي يترافق مع إصرار الكيان وبموافقة أمريكية على فكرة الدولة اليهودية أي أن هذا الكيان هو لليهود فقط، يؤسس لمشروع ترحيل الفلسطينيين بدءاً بعرب 48 أولاً ثم ما تبقى من السكان في الضفة الغربية مستقبلاً.

وأوضح إن فشل مشروع التسوية التي تقوده السلطة الفلسطينية ووصوله لطريق مسدود. وحرص إسرائيل وحلفائها على الحفاظ على هذه السلطة وعدم السماح بانهيارها أو حلها بل توفير كافة أنواع الدعم لها يؤكد أن وجود هذه السلطة أصبح ضرورة إسرائيلية حيث توفر لهم غطاء لتمرير مخططاتهم وعدوانهم على الأرض والشعب والمقدسات، وفي الواقع إن إسرائيل تتعامل مع السلطة اليوم كموظف أمني كبير يعمل لصالحها.

وفيما يلي النص الكامل للمحاضرة :

 

بسم الله الرحمن الرحيم

كلمة الأستاذ زياد النخالة نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في الندوة السياسية التي أقامتها نقابة المحامين السوريين بتاريخ 14 ربيع الأول 1431هـ - 18/3/2010م تحت عنوان:

((المشروع الصهيوني: رؤية سياسية في ظل المتغيرات الراهنة))

من المعروف أن المشروع الصهيوني وكيانه في المنطقة كان ولا يزال أحد أدوات الهجمة الغربية الحديثة. وهو تتويج لمرحلة طويلة من محاولات الغرب السيطرة على المنطقة بما لها من مكانة إستراتيجية وحضارية في التاريخ والعالم، وبما تحوي من ثروات وُمقدّرات هائلة. وفي هذا السياق نشأت الحركة الصهيونية التي تقاطعت أفكارها وبرنامجها بإقامة كيان يهودي مستقل يستند إلى مفاهيم توراتية، ودعاوى بأن فلسطين هي وطن الآباء مع طموحات ومشاريع الغرب الاستعماري.

 أقنعت الحركة الصهيونية الغرب أنها تستطيع أن تكون حليفة له، فاستصدرت (وعد بلفور) من وزير خارجية بريطانيا العظمى التي كانت تسيطر على فلسطين آنذاك. والذي يقضي بإعطاء الحق للشعب اليهودي بإقامة كيان قومي له في فلسطين، وهيأت بريطانيا الظروف التي ساعدت في إنشاء هذا الكيان ووفرت كل ما يمكن أن يساعد في تهجير اليهود من دول العالم إلى فلسطين، هذا بالإضافة للحماس الشديد الذي أبدته الحركة الصهيونية نفسها من التعبئة والحشد المعنوي والمادي، فأقامت مؤسسات كبرى لتمويل هذا المشروع (الدولة).

ومع بداية إقامة أولى المستوطنات والتجمعات اليهودية بدأت اللبنات الأولى لإقامة ما سمي فيما بعد بدولة "إسرائيل"، كما شُكِّلت الميلشيات المسلحة والمنظمات التي مارست العنف والإرهاب منذ تأسيسها ضد السكان الأصليين العزل، بهدف ترحيلهم والاستيلاء على أراضيهم.

وقامت بريطانيا بإنشاء إمارة شرق الأردن من أجل استيعاب السكان الفلسطينيين الذين يبحثون عن الأمان هرباً من القتل. وهذا يؤكد كم كان الغرب متورطاً في إقامة هذا الكيان. ولذلك، فإن أهم ما يميز المشروع الصهيوني منذ البدايات أنه قام على العنف والقتل والإرهاب ومارس ذلك الفعل في كل خطوة من خطواته، عدا عن المؤامرات التي حاكتها الحركة الصهيونية من أجل تحقيق هدفها المركزي وهو إجلاء السكان الشرعيين عن أراضيهم وممتلكاتهم.

ومع استكمال إعلان الدولة (إسرائيل) عام 1948 أصبح جزءا هاما من سكان فلسطين الأصليين لاجئين خارج وطنهم.

و بحماية معادلات دولية معقدة، وغياب عربي وإسلامي عن ساحة الفعل صارت إسرائيل، منذ نشأتها، دولة تحوز على ثقة ورعاية الغرب بالكامل. وما إقامة المشروع النووي الإسرائيلي منذ عقد الخمسينات إلا دليل على ذلك. عزز من هذا الوضع الانتصارات التي حققتها إسرائيل (الدولة) على جيرانها مجتمعين في عام 1967 واحتلالها أضعاف مساحتها الجغرافية، كما عززهُ ثقة الدول الغربية بها كدولة حليفة، تقوم بدور فاعل في المنطقة وتنوب عنهم في حماية مصالحهم، وتشكل العصا الغليظة لضرب كل من يخرج عن الطاعة من الدول الطامحة للاستقلال السياسي والاقتصادي في المنطقة.

 هذا الوضع عزز من قدرة إسرائيل ونخبتها السياسية والحزبية بأنها أصبحت قادرة على تجسيد أحد أهم خصائص وأهداف المشروع الصهيوني بعدم حصر فكرة إسرائيل (الدولة) في الجغرافيا للوصول إلى فكرة إسرائيل (الدور) الذي يتجاوز قيود الجغرافيا وموانع التوسع والامتداد الجغرافي.

 انها دولة "إسرائيل" لا تنحصر في الجغرافيا فقط ولكنها تتوسع وتتمدد بالمنافسة على الدور في المنطقة والعالم. وهذا ما ميز سلوك السياسة الإسرائيلية عبر الأربعة عقود الماضية، وخلق مناخاً في المنطقة بأن إسرائيل أقوى دولة، وتمتلك أحد أهم الجيوش في العالم، وكذلك تمتلك قوة اقتصادية لا تبارى. وأصبحت كل دول المنطقة تحسب لها الحساب لدرجة أنها تستطيع أن تحدد سياسات دول المنطقة، وتعمل بطريقة أو أخرى على إعادة صياغة هذه الأنظمة.

 ورغم ذلك، فإن هذه الدولة لم تستطع أن تقنع شعوب المنطقة بقبولها. فبرغم قوتها والدعم اللامحدود من الغرب إلا إنها بقيت الجسم الغريب الذي عملت شعوب الأمة والمنطقة على مقاومته والسعي لإزالته. وتجلى ذلك في حرب عام 1973، التي أثبتت أن العرب يمكن أن يذهبوا للحرب، وفي الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987، التي وجدت تعاطفاً والتفافاً جماهيرياً هائلاً من العرب والمسلمين، وهي أتت امتداداً لسنوات طويلة من المقاومة، تلتها انتفاضة أخرى شكلت تهديداً كبيراً للكيان الإسرائيلي، وذلك بموازاة المقاومة اللبنانية التي قادها حزب الله بكفاءة عالية.

 كل هذا الفعل الشعبي المعزز بصمود ودعم سوريا وإيران وشعوب الأمة أفقد الكيان هيبته. وشل قدرة الردع لديه مما خلق معادلة جديدة في المنطقة فلم تعد إسرائيل تمثل في نظر العالم وشعوب المنطقة الدولة ذات الجيش الذي لا يقهر وأنها كيان لا يهزم.

 لقد هزمت المقاومة الجيش الإسرائيلي وأجبرته على الانسحاب من الأراضي اللبنانية عام 2000، وأجبرته على الانسحاب من المستوطنات في قطاع غزة عام 2005، ثم الانتصار الكبير للمقاومة في لبنان 2006، وصمود قطاع غزة في مواجهة عدوان إسرائيل (2008 - 2009) كل ذلك خلق وقائع جديدة أمام الكيان الصهيوني.

لقد هزمت المقاومة بإنجازاتها وانتصاراتها مشروع الشرق الأوسط الجديد والكبير، وعرقلت كل خطوات إسرائيل والإدارة الأمريكية ومشاريعها بالهيمنة وبدأت تتعثر سياستها بقوه، أمام فعل المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق.

وقد انعكس ذلك على سياسات النظام العربي الذي كان مندفعاً باتجاه  مصالحة عربية مع إسرائيل، وتجسد ذلك في مبادرة السلام العربية التي مثلت سقوطاً كبيراً دلل على مدى ضعف هذا النظام، حيث شكلت تلك المبادرة خطوة أخطر من وعد بلفور حيث أن من يملك أعطى الحق لمن لا يستحق. ورغم ذلك فإن إسرائيل رفضت هذه المبادرة بعنجهية لم يسبق لها مثيل وأكدت إسرائيل مرة أخرى أنها دولة حرب وعدوان، وبذلك حاصرت نفسها.

 لقد أصبحت المقاومة الخيار الأمثل والوحيد للشعوب، في مقابل خيارات أخرى مازالت تجد لها صدى في مستوى معين من الطبقات السياسية الضعيفة، وبعض الأنظمة التي ربطت مصيرها بمصير السياسات الخارجية للغرب وإسرائيل. وبذلك أصبحت المقاومة تشكل رادعاً أمام إسرائيل، وحساباتها للحروب أصبحت مختلفة عن الحسابات السابقة.

الخلاصة:

1 ـ إن إسرائيل كدولة قامت على  العنف والإرهاب وبهما تستمر. وهذا يجعل الرهان على أي نوع من السلام مع هذا الكيان هو ضرب من الخيال والوهم لأنه منافي لطبيعته ووظيفته التي أقيم من أجلها. لقد قال موشيه دايان يوماً "إن إسرائيل يجب أن تكون دوماً كالكلب المسعور الذي يخيف كل جيرانه".

2 ـ إن الحروب التي خاضتها إسرائيل رغم الانتصارات التي حققتها. لم تحسم الصراع على فلسطين بل إن شارون مع بداية انتفاضة الأقصى أعلن أن "حرب الاستقلال" أي حرب 1948 لم تنته بعد!

3 ـ إسرائيل ليست مشروع دولة عادية ينحسر فعلها داخل حدودها الراهنة بل هي دولة ودور في المنطقة والعالم. وحتى لو قبلت المنطقة بوجود هذه الدولة في فلسطين فسوف نجدها تمد يدها في كل شيء في المنطقة وتفتعل الحروب في كل مكان لإضعاف الآخرين. لتضمن لنفسها أن تبقى في موقع الريادة دائماً.

4ـ إن وجود المقاومة والانجازات التي حققتها إن كان ذلك في لبنان أو في الأرض المحتلة. مدعوماً بموقف سوري ثابت، معززاً بموقف الجمهورية الإسلامية وشعوب العالم العربي والإسلامي، أثبت أن الشعوب يمكن أن تستمر بالصراع حتى في ظل تخلي النظام العربي الرسمي عن واجباته، إذا توفرت الإرادة والحد الأدنى من الدعم والإسناد الرسمي. وهذا يعني أن الأنظمة إذا عجزت عن خوض الحروب نتيجة اختلال موازين القوى فكل المطلوب منها أن توفر التأييد والدعم لمقاومة الشعوب القادرة على مواجهة المشروع الصهيوني.

5 ـ إن إسرائيل اليوم تشعر أنها تتعرض لتهديد وخطر غير مسبوق. وهي تؤمن أن هذا الخطر لا يمكن إزالته إلا بالحرب لكنها غير قادرة على خوض الحرب اليوم في ظل تآكل قدرة الردع الصهيونية وقوة المقاومة وعدم تأكدها من نتائج هذه الحرب ومآلاتها في المنطقة. وهذا يجعل إسرائيل في حالة استنفار وجهوزية دائمة للحرب المحتملة في أي وقت تراه القيادة الصهيونية مناسباً.

6 ـ إن مشروع التسوية قد أثبت فشلاً ذريعاً في تحقيق أي تقدم وما يجري في الأرض المحتلة من حملات الاستيطان والاستيلاء على الأرض والمقدسات ومحاولات تهويد القدس، ورفضها الانسحاب من الأراضي السورية المحتلة، يؤكد أن هذه الدولة تريد الأرض مقابل سلام لا تستطيع هي أن تمنحه لنفسها.

7 ـ إن محاولة السيطرة على القدس وتهويدها تقطع الطريق على أي تسوية قادمة وهي بمثابة اختبار حقيقي للشعوب والدول في الأمة لأن إفلات إسرائيل بجريمتها ضد القدس سيفتح أمامها الطريق إلى كل العواصم وبالشروط التي تريدها.

8 ـ إن الهجوم على القدس الذي يترافق مع إصرار الكيان وبموافقة أمريكية على فكرة الدولة اليهودية أي أن هذا الكيان هو لليهود فقط، يؤسس لمشروع ترحيل الفلسطينيين بدءاً بعرب 48 أولاً ثم ما تبقى من السكان في الضفة الغربية مستقبلاً.

9 ـ إن فشل مشروع التسوية التي تقوده السلطة الفلسطينية ووصوله لطريق مسدود. وحرص إسرائيل وحلفائها على الحفاظ على هذه السلطة وعدم السماح بانهيارها أو حلها بل توفير كافة أنواع الدعم لها يؤكد أن وجود هذه السلطة أصبح ضرورة إسرائيلية حيث توفر لهم غطاء لتمرير مخططاتهم وعدوانهم على الأرض والشعب والمقدسات، وفي الواقع إن إسرائيل تتعامل مع السلطة اليوم كموظف أمني كبير يعمل لصالحها.

وفي الختام، أمام فشل مشروع التسوية وهجوم إسرائيل الشرس على الأرض والشعب والمقدسات، وإحساس هذا الكيان بالخطر الوجودي تبقى كل الاحتمالات مفتوحة، وطالما أن الصراع كما هو في القدس اليوم مازال مفتوحاً على مصراعيه يبقى الاحتمال الأهم والأكبر هو إشعال الحروب فهذه هي مهمة الكيان ووظيفته، أما السلام فلن يحل على هذه الأرض طالما على الخريطة شيء اسمه إسرائيل.