خبر إنه بالفعل كنيس الخراب وبداية تدمير المنطقة!! .. أ.د.سليمان صالح

الساعة 04:55 م|19 مارس 2010

بقلم: أ.د.سليمان صالح

ربما يكون الشيء الوحيد المعقول الذي يتفق مع حركة التاريخ هوالإسم الذي أطلقه اليهود على معبدهم الجديد، فقد أسموه كنيس الخراب. اختلفت التفسيرات لهذه التسمية، فالصحف العربية التي مازالت تتمسك بأوهام السلام قالت: إن التسمية ترجع إلى أن ذلك الكنيس تم تخريبه مرتين من قبل!!.

لكن الصحف الإسرائيلية خاصة صحيفة هاآرتس كشفت الحقيقة فقد قالت إن من أطلق تلك التسمية على الكنيس هو حاخام يهودي عاش في القرن التاسع عشر إسمه جون فلنا، وان هذا الكاهن هوالذي جمع الأموال لبناء ذلك المعبد اول مرة، وأعطاها مجموعة من اليهود لدفع رشوة لبعض الحراس العثمانيين... ثم تنبه مسؤول عثماني لخطورة الأمر فقام بهدمه!!.

وقالت جريدة هاآرتس إن ذلك الحاخام الذي وصفته بأنه عبقري قد تنبأ بأن إعادة بناء ذلك الكنيس سيتم في منتصف الشهر الثالث من عام 2010، وأن إعادة بناء هذا الكنيس هو بداية بناء الهيكل الثالث بعد تدمير المسجد الأقصى، ولذلك أطلق عليه كنيس الخراب لان إعادة بنائه هو بداية تخريب المسجد الأقصى.

عندما حاولت أن أبحث في القضية وجدت أن تلك النبوءة تحتل أهمية كبيرة لدى اليهود، وان معظم اليهود يؤمنون بصحتها، وأنهم بالفعل قد بدأوا في تنفيذها.

من يريد أن يكتشف الحقيقة عليه أن يتأمل سير الأحداث فقد إرتبط بناء ذلك الكنيس بخطط الحكومة الإسرائيلية لبناء أكبر عدد من الوحدات السكنية لليهود في القدس، بحيث تفرض أمراً واقعاً جديداً، يجعل أية مفاوضات مستحيلة، وتجعل حياة المواطنين العرب داخل القدس صعبة.

يضاف إلى ذلك ان الحكومة بدأت تمارس إجراءات لقهر المواطنين الفلسطينيين ومنعهم من الدخول للحرم القدسي، ودفع أعداد من اليهود لدخول الحرم، لاستخدام ذلك كمبرر للدفع بأعداد كبيرة من الجنود إلى داخل الحرم.

تدمير المسجد الأقصى

ارتبط كل ذلك بالعمل بشكل سريع لتنفيذ المخطط الإسرائيلي الذي بدأ منذ عام 1968 لحفر السراديب والأنفاق أسفل الحرم القدسي بهدف تدمير أساساته. وتشير التقارير إلى أنه قد تم إنشاء مدينة كاملة أسفل الحرم، وأن تلك الأنفاق قد أدت إلى تقويض أساسات الحرم في مناطق عديدة وظهور شروخ في الجدران وهو ما يهدد بإنهيار الحرم كله.

ارتبط ذلك أيضاً بتوزيع منشور على المواطنين العرب في يوم إفتتاح كنيس الخراب بطالبهم بالرحيل والهجرة إلى البلاد العربية.

الغريب في ذلك المنشور إنه يقول إن هجرة المسلمين من القدس أمر إلهى، وأن الله يأمر العرب بإخلاء القدس... كما يتضمن أيضاً إشارة إلى أن الحكومة الإسرائيلية على استعداد لدفع تعويضات للمواطنين العرب الذين يهاجرون من القدس، هوما يشير إلى أن ذلك المنشور قد جرى إعداده وتوزيعه بواسطة مصدر حكومي رسمي.

هناك أيضاً بعض الصحف الإسرائيلية التي اطلقت على كنيس الخراب اسم الهيكل الصغير إشارة إلى أنه يشكل بداية لبناء هيكل سليمان الكبير.

وقد نقلت بعض الصحف صوراً لجدران وسقف ذلك الكنيس، ويتضح في هذه الصور الإشارة إلى تتابع الأحداث، حيث إن بناء ذلك الهيكل الصغير يأتي بعده مباشرة بناء هيكل سليمان.

ارتبط ذلك أيضاً بقيام إسرائيل بضم الحرم الإبراهيمي ومسجد بلال رباح إلى قائمة التراث اليهودي، أي بمعنى أوضح إستيلاء إسرائيل بشكل كامل على المسجدين، وقد تم تصوير هذين المسجدين على سقف كنيس الخراب في إشارة لتتابع الأحداث بمعنى أن الإستيلاء عليهما إشارة إلى بناء هيكل سليمان.

يوضح كل ذلك أن اليهود يعتقدون أنهم يسيرون نحوتنفيذ مخططهم لتدمير الحرم القدسي وبناء هيكل سليمان مكانه. وأنهم يؤمنون بصحة نبوءة الحاخام اليهودي جون فيلنا الذين أصبحوا يقدسونه، ويصورونه بأنه عبقري، ويتداولون صوره ويدرسون سيرة حياته.

لذلك يجب أن يتوقف العرب عن تقليد النعام، خاصة وأن بنيامين نتن ياهوقد قال إنه لم يعترض حاكم عربي على الخطط الإستيطانية الإسرائيلية حول الحرم القدسي. في إشارة واضحة إلى احتقاره للحكام العرب، وأنهم لا يجرأون على الإعتراض.

التحالف مع الإستبداد

ويبدو أن ذلك التصريح يشكل دليلاً على تحالف غير مكتوب بين استبداد النظم العربية وإسرائيل... وأن تلك النظم قد أدركت أن بقاءها مرهون بإرضاء إسرائيل والدفاع عن أمنها باعتباره الطريق الوحيد إلى قلب أمريكا سواء كان رئيسها بوش أم أوباما.

ومن أجل ذلك صمتت الإدارة الأمريكية عن إدانة السلوك الاستبدادي للحكام العرب، وتركت لهم المجال واسعاً لقهر شعوبهم، ولم تعد تطالب بالديمقراطية أو حماية حقوق الإنسان.

والمشهد في شوارع مدن العرب يقدم دليلاً على صحة ذلك التحليل، فأجهزة البوليس التي تحولت إلى جيوش قد انتشرت لقمع المظاهرات ومحاصرة المساجد لمنع الشعوب من التعبير عن غضبها على إنتهاك إسرائيل لحرمة المسجد الأقصى وضم الحرم الإبراهيمي ومسجد بلال بن رباح.

المقارنة بين سلوك الجيش الإسرائيلي في مواجهة المرابطين الفلسطينيين في المسجد الأقصى وسلوك أجهزة البوليس في مواجهة المظاهرات تؤكد أن كفاح الشعوب العربية لتحرير القدس يجب أن يبدأ بالكفاح للتحرر من نظمها الإستبدادية التي تحمي أمن إسرائيل.

تفسير جديد

لذلك فأنا أقدم تفسيراً جديداً لتسمية المعبد اليهودي بكنيس الخراب. ذلك أن بناءه يشير إلى إنفجار المنطقة كلها، وأنه لم تعد هناك إمكانية للمحافظة على معاهدات سلام تشكل إهانة للكرامة العربية، وسلباً للحقوق، وخضوعاً لإسرائيل... كما أنه لم تعد هناك إمكانية للتعايش مع نظم عربية أدمنت الذل والإستسلام للعدو وقهر المواطنين ومواجهة الشعوب العربية بكل هذا العنف لحماية أمن إسرائيل.

والمسلمون لا يمكن أن يصمتوا أكثر من ذلك على ما يحدث في القدس بعد وضوح الخطر.

المرابطون الفلسطينيون سوف يدافعون عن القدس، ولذلك ستحدث مذبحة بدأت أولى مؤشراتها في إصابة أكثر من مائة فلسطيني في يوم واحد.

والشعوب العربية لا يمكن أن تصمت وسوف تخرج إلى الشوارع، فماذا يمكن أن يحدث بعد أن تملأ النظم العربية سجونها بمواطنين قرروا ان يغضبوا الله، وأن يثوروا على واقعهم البائس، وأن يغيروا نظمهم التي أفقرتهم وأذلتهم وأصبحت مجرد شرطي يحمي أمن إسرائيل.

لذلك فبناء كنيس الخراب يشير إلى بداية تخريب شامل للمنطقة كلها، وانفجار شعبي يؤدي إلى تغيير للنظم، وقد يكون ذلك البناء هوالشرارة التي ستشتعل النار في استقرار زائف.

وإسرائيل لن تستطيع أن تواجه ملياراً ونصف المليار من المسلمين ينتشرون في كل أنحاء العالم، والخطر الذي يواجه المسجد الأقصى سيؤدي إلى استهانتهم بتلك الحياة الذليلة التي يعيشونها بسبب قهر حكامهم.

وستجد أمريكا أيضاً نفسها في مواجهة شاملة مع المسلمين، فهي مصدر قوة إسرائيل وحياتها، ولا يمكن إقناع مسلم بمقولات الاعتدال والكفاح السلمي إذا تعرض المسجد الأقصى للخطر.

وإذا كنتم لا تعرفون أهمية المسجد الأقصى للمسلمين، فأنا على استعداد أن أجري استطلاعاً للرأي العام في كل الدول الإسلامية حول سؤال: هل أنت على استعداد للموت دفاعاً عن المسجد الأقصى؟... وسوف تعرفون النتيجة... وسترون ماذا سيحدث خلال سنوات قليلة. إنه الإنفجار القادم الذي سيعم المنطقة وسيؤدي إلى تغيير شامل!!.