خبر اقبلوا التحدي – بحق الجحيم..هآرتس

الساعة 11:18 ص|19 مارس 2010

بقلم: يوئيل ماركوس

منذ البداية خشينا بان الحياة مع الرئيس اوباما لن تكون نزهة. الاشارات من واشنطن كانت واضحة بما فيه الكفاية منذ بداية ولاية الرئيس، الذي مع كل المشاكل التي يتعين عليه ان يحلها في الداخل، لا ينبغي التوقع منه بان يدلل اسرائيل كاسلافه. ناهيك عن ان لدينا أيضا ميلا للتعاطي باشتباه مع رئيس مستشاروه الكبار هم يهود.

نتنياهو، الذي يقف على رأس حكومة تضم عناصر متطرفة، فهم منذ الدباية بان هذه ليست الساعة المناسبة لاستفزاز الادارة الجديدة. البداية الشرق اوسطية لاوباما لتسوية سلمية اقليمية، بالذات من القاهرة، في ظل القفز عن اسرائيل، كانت مؤشرا آخر على أننا في نظره لسنا العامل الاهم كما اعتدنا على الاعتقاد.

بيبي، وهو ليس غبيا، فهم بان خطوة اوباما تستدعي ردا ايجابيا. وهنا، جاء هذا في خطاب بار ايلان في 14 حزيران 2009، حين طرح العرض بعيد الاثر الذي سبق لاي رئيس وزراء ان طرحه: "دولتين للشعبين". لا حاجة للترجمة كي نفهم ان ما عرضه على الطرف الاخر هو دولة فلسطينية، معناها انهاء الاحتلال وتصميم الحدود الدائمة بالثمن الاليم لانسحاب واخلاء لعشرات الاف المستوطنين. وبدلا من امساك رئيس الوزراء بكلمته وبالتزامه، لم يقبل أحد التحدي. القيادة الفلسطينية رأت في هذا العرض فخا ورفضت استئناف المفاوضات في طرحها الشروط فوق مزيد من الشروط. وكمن غطى اعلاميا مؤتمر كامب ديفيد بادارة الرئيس كارتر أتساءل اذا كنا سنصل في أي وقت من الاوقات الى تسوية سلمية لو كانت مصر طالبت كشرط مسبق تجميد الاستيطان في بتحات رفيح وشروطا مسبقة اخرى للمفاوضات النهائية. من أجل ماذا يوجد مؤتمر سلام او مفاوضات مباشرة ان لم يكن من أجل حل جملة المشاكل غير القابلة للحل بشكل منفصل؟ سيكون هناك من يقول ان مصر كان بوسعها أن تسمح لنفسها بالوصول الى المؤتمر عقب مفاجأة حرب يوم الغفران. ولكن الفلسطينيين ايضا يمكنهم ان يأتوا الى محادثات السلام مرفوعي الرأس عقب كفاحهم المسلح طويل السنين ضد اسرائيل والذي دفع بشارون الى الاستيقاظ من مرض ارض اسرائيل الكاملة.

الادارة ايضا، بدلا من أن تمسك بيبي بالتزامه العلني، تعاونت مع ما وصفه كسنجر بقدرة تفويت الفرص لدى الفلسطينيين. اشهر أضاع الوسطاء الامريكيون في الانصات لمعاذير الفلسطينيين ضد المفاوضات المباشرة مع اسرائيل. ليس واضحا لماذا طرحت على جدول الاعمال فكرة "محادثات التقارب" حين كان ابو مازن ورفاقه في القيادة يأتون ويخرجون الى المحادثات مع رئيس الوزراء ووزيرة الخارجية في القدس. ناهيك عن ان محادثات التقارب مع سوريا كان لها منذ زمن بعيد سمعة سيئة لهذا النوع من المفاوضات.

ما طرحته الادارة ليس التقارب بل ابتعاد الطرفين واقامة ساحة لطرح المطالب من الطرفين. نعم تجميد لا تجميد لعشرة اشهر – ماذا يعلي او ينزل كل هذا عندما تعلن اسرائيل بانها مستعدة لاقامة دولة فلسطينية؟

بيبي لن يحصل على مدالية كمن لم يكذب في حياته ابدا. ولكني اصدقه بانه لم يعرف مسبقا بان ايلي يشاي سيعلن بالضبط في اثناء زيارة جو بايدن عن خطة لبناء 1.600 شقة في القدس. عن حق غضب اوباما، وعندما يغضب رئيس امريكا فان كل العالم يغضب. بيبي اضاف زلة على الخطيئة، حين صرح عن حقنا في البناء في القدس وتلقى ضربة على رأسه في حديث التوبيخ الهاتفي من هيلاري كلينتون. وكلما حاولنا أن نبرر لانفسنا هكذا تورطنا أكثر. فماذا توقع بيبي حين هاتف برلسكوني وماركيل؟ ان يشجبا اوباما؟

سفيرنا في الولايات المتحدة مايكل اورن تملكه الفزع باعلانه الذي تصدر العناوين بان هذه الازمة الاكثر خطورة التي كانت لنا مع الولايات المتحدة منذ 35 سنة. ولكن ما العمل في أن اوباما نفسه لطف رد فعله واورن نفى ان يكون على الاطلاق قال ما اقتبس عنه في العناوين الرئيسة.

كلينتون انتقدتنا في واشنطن ايضا ولكنها اتخذت خطوة الى الامام حين قالت ان الولايات المتحدة ملتزمة بأمن اسرائيل. اوباما هو الاخر سار خطوة الى الامام حين أعلن بانه لا توجد ازمة مع اسرائيل. لعل الازمة صدت، ولكن الجمر يشتعل. خسارة أنهم في ظهورهما لم يوبخا ايضا الزعامة الفلسطينية التي تضع شروطا على استئناف المفاوضات مع اسرائيل. هذه هي المرة الاولى التي تقترح فيها اسرائيل اقامة دولة فلسطينية وهم ينشغلون بالهراء مثل تجميد البناء لعشرة اشهر. فعلى أي حال في اللحظة التي تبدأ فيها المفاوضات لن تسمح الولايات المتحدة لاسرائيل بالبناء خلف الخط الاخضر. على اسرائيل أن تثبت انها ملتزمة بالسلام، من المؤسف ان الادارة لا توجه هذا المطلب الى الفلسطينيين ايضا.

-