خبر قراءة الواقع .. أستكون انتفاضة؟ .. يديعوت

الساعة 11:45 ص|18 مارس 2010

بقلم: ارئيلا رينغل هوفمن

        منذ ثلاثة ايام وهم يقولون لنا – وزراء الحكومة، رجال الامن، ضباط كبار في الشرطة وسياسيون مجربون – ان ما يحصل الان في المناطق وينزلق ويتسرب ايضا الى داخل حدود الخط الاخضر هو ليس، لا سمح الله، تفو – تفو – تفو، خمسة خمسة، انتفاضة ثالثة. هذه مجرد اعمال اخلال بالنظام، يقولون لنا، اضطرابات، اعمال شغب محلية، عربدات موضعية، مشادات فتيان. بعد لحظة يصبح هذا بشكل عام شقاوة اطفال. ان نسمع حقا ونهدأ ونغرق في سبات حلو.

        ليس للفلسطينيين مصلحة في أن يشعلوا الضفة الان، يشرحون لنا. او اذا اردنا الدقة – ليس لرجال فتح مصلحة. او للدقة اكثر قليلا – ليس لابو مازن، الذي يعانق في هذه اللحظات بالذات ممثل العالم الدوري، فهذا حقا حقا، ولكن حقا، غير مناسب. باختصار، ليس هناك مثلنا في فهم مصالح الفلسطينيين، في شرحهم وفي استخلاص الاستنتاجات اللازمة.

        فعلنا هذا جيدا في الانتفاضة الاولى، التي اندلعت في كانون الاول 1987 وعلى مدى اسابيع لم تكن سوى اضطرابات في جباليا، مع بضعة فروع غير واضحة لباقي القطاع والضفة، حين كان كل ما يلزم هو تحطيم أيدي وارجل المشاغبين. بعد ذلك كررنا الامر في العام 2000 في الانتفاضة الثانية، التي اسماها الفلسطينيون انتفاضة الاقصى ونحن اسميناها بداية "احداث تشرين الاول 2000"، وبعد ذلك "مواجهة مسلحة". وهكذا تصرفنا، بقوة، بالكثير من القوة، منذ البداية، حتى يكون واضحا من هنا رب البيت.

        والان نحن مرة اخرى في نفس المكان. مثلما في الاغنية، نحن هنا. مع ذات البحر ومع ذات العرب.

        الحقيقة هي انه من الصعب معرفة اذا كانت هذه ستصبح انتفاضة ثالثة. وعليه فان متوقعي الامور الوردية وكذا من يرى السواد يمكنهم على حد سواء ان يكونوا غدا محقين تماما وان يتباهوا بالقول المفرح اكثر من أي شيء آخر: "قلت لكم". ويمكن لهذه ان تكون جلبة قصيرة الزمن في افضل الاحوال، يمكنها أن تؤدي الى انتفاضة ثالثة في اسوأ الاحوال. فقط عدم المعرفة اليوم ما يحصل غدا لا يجعل الانشغال في المسألة الهامة التالية زائدا: كيف نختار نحن تفسير الواقع وعلى ماذا يدل هذا بالنسبة لنا.

        قول اسرائيلي اننا في بداية مواجهة مسلحة – سواء انتفاضة أم لا – عنيفة وقاسية مع الفلسطينيين، كان يفترض بالحكومة الحالية أن تقوم بأمرين: ان تفحص الى الوراء كيف وصلنا حتى هنا وان تخلق اجوبة جيدة الى الامام، قبل أن نغرق مرة اخرى في حمام من الدماء. الاصرار على أن الحديث لا يدور الا عن تحريض من حماس، عن مؤامرة محلية هدفها اشعال اللهيب، يسمح لنا، بقلب هادىء، بتكرار العادة المباركة. العودة الى نثر البؤر الاستيطانية غير القانونية في الضفة والتذاكي حيال الامريكيين والعالم بأسره، توسيع المستوطنات، زرع الاحياء اليهودية في القدس ومحيطها، ومواصلة القول بصوت عال: ما العمل، ولكن لا يوجد لنا شريك.

        حقا لا يوجد لنا شريك. ولكن حكومة اسرائيل تفعل ايضا تقريبا كل ما يمكن كي تضمن الا يكون لنا كهذا. صحيح ان كل شيء مفتوح للمفاوضات، ولكن الظروف على الارض هي أن حتى العبقري المتفجر من شدة النية الطيبة لن ينجح في حل المتاهة التي نتورط فيها، اكثر فأكثر، في هذه الايام بالذات.

        بتعابير اخرى، يحتمل أن ما يحصل الان في المناطق بالفعل، سينتهي في الايام القريبة القادمة، مثلما يعدنا المطلعون على الامر. غير أنه حتى لو هدأت الاضطرابات وتبددت حقا، فليس لنا سبب وجيه لان نكون هادئين. وبالتأكيد راضين عن أنفسنا. وكل هذا معا يؤدي الى القول الذي سبق أن قيل مرات عديدة في مطارحنا، وان كان في صيغ مختلفة: من أجل السلام حتى بعد سنين، ينبغي العمل منذ الان. وقمع الاضطرابات في القدس وامساك الاطفال راشقي الحجارة في يافا لا يعتبر عملا.