خبر غزة:ارتفاع سعر كيلو السردين حالياً لـ 15 شيكلاً

الساعة 06:52 ص|18 مارس 2010

غزة:ارتفاع سعر كيلو السردين حالياً لـ 15 شيكلاً

فلسطين اليوم-وكالات

تبدو صرخة صيادي الأسماك في قطاع غزة أكثر وجعاً هذا الموسم بعد تقليل قوات الاحتلال الإسرائيلي مناطق الصيد المسموحة، لتشكل الحلقة المميتة والضربة القاضية في سلسلة المعاناة والمشاكل التي تحفل بها مهنتهم.

ولم يدخر جنود الاحتلال جهداً لمحاربة الصيادين في كسب لقمة عيشهم بابتكار الوسائل التي ساهمت في تحطيم قطاع الثروة السمكية، وألحقت به أضراراً فادحة وتدنت قدراته الإنتاجية، ما أدى إلى ارتفاع أسعار الأسماك.

وشكلت الزوارق الحربية على مدى سنوات أساس معاناة الصيادين، بالإضافة إلى مشاكل كثيرة أخرى تغتني بها حقيبة مهنة المخاطر.

ويتعرض الصيادون لشبكة عنكبوتية من خفر السواحل الإسرائيلي التي تسرح دون حسيب أو رقيب في المنطقة الخيّرة بالأسماك والممتدة على طول سواحل القطاع من بيت حانون شمالاً مروراً بمدينة غزة ودير البلح وخان يونس وصولاً إلى مدينة رفح جنوباً، شبكة تعمل على مطاردة الصيادين الفلسطينيين وملاحقتهم داخل المياه الإقليمية التي تحددها كما يحلو لها.

صيادو القطاع الذين يستغلون قدوم فصل الربيع الهادئ لاصطياد لقمة عيشهم، لا يجدون ملجأ لكم المشكلات التي تغرقهم بعدما باتوا يعيشون تحت هاجس الاعتقال من قبل جنود البحرية الإسرائيلية، التي تضيق الخناق عليهم وتقوم باحتجازهم متى أرادت دون أي رادع وتحت حجج أمنية واهية.

سطو على الشباك

يقول عبد الحميد النجار صاحب زورق صيد وأب لأربعة أولاد: "يمنعنا وجود الطراد الإسرائيلي الذي يجوب على طول الشاطئ من الصيد بحرية، حتى أنهم أمسكوا مؤخراً ببعض الصيادين وهم على مقربة من السواحل بالرغم من أنه لا حق لهم بذلك".

ويتابع، "منذ فترة يعمدون إلى السطو على شباكنا التي نتركها ونهرب عندما يقترب منا الزورق الإسرائيلي، ولا من يحاسب"، مشيراً إلى أنه "في السابق كنا نصل حتى أكثر من 20 ميلاً ولا أحد يعترضنا، بينما اليوم لا نستطيع الإبحار لأكثر من 2 ميل خوفاً من أن يمسكنا جنود الاحتلال..".

على مقربة من النجار، كان محمد الجوراني الذي يظهر وكأن الهموم كلها على ظهره، يعمل على تنظيف مركبه، يشرح سبب وضعه، ويقول، "منذ الصباح الباكر وأنا أعمل، لكن على ماذا حصلت؟ لا شيء سوى الأوساخ والنفايات، التي علقت بالشباك".

تفرح يوماً وتبكي عشرة

وينهي كلامه بالقول، "في البحر كان المثل، يوم تبكي يوم تفرح، أما اليوم، فأصبح تفرح يوم تبكي عشرة..".

يذكر أنه بعد توقيع اتفاق أوسلو وبشكل خاص بعد توقيع اتفاق القاهرة العام 1994 تم تحديد مساحة الصيد المسموح فيها للصيادين بـ20 ميلاً، وبالرغم من ذلك، لم تلتزم سلطات الاحتلال الإسرائيلي بهذا الاتفاق وحولته إلى اتفاق مزاجي فتقلصت المسافة من 20 ميلاً، إلى 10 أميال لممارسة مهنة الصيد، وبعد ذلك في العام 2004 أصبحت المسافة المتاحة للصيادين حوالي 8 أميال وبعد ذلك 6 أميال، إلى أن أصبحت حالياً لا تزيد على 3 أميال.

وتعتبر المنطقة التي سمحت قوات الاحتلال للصيادين النزول فيها من ناحية فنية غير صالحة لمعيشة السمك، ولا يوجد فيها مخزون سمك لعدم وجود الصخور التي تعتبر مأوى لها.

محمود اللحام يتحسر على تلك الأيام حين كان يسمح للصيادين النزول إلى البحر دون أية معوقات، حيث تبلغ المسافة التي كانوا يصلون إليها ما يقرب من عشرين ميلاً في البحر بين رفح جنوباً ومنطقة السودانية في أقصى شمال قطاع غزة؛ ويضيف، "كان ذلك قبل انتفاضة الأقصى إلا أننا ما زلنا هذه الأيام ممنوعين من الدخول عميقاً في البحر وإننا محرومون من الصيد في مياه بحرنا".

ترك مهنة الصيد

وتحدث محمد أبو حسن (43 عاماً) أحد الصيادين، بينما كان يقف وسط سوق مدينة خان يونس خلف بعض صناديق الأسماك، عن التدهور الذي حل بمهنتهم، قائلاً بمرارة: إنه لم يتمكن من ممارسة الصيد في بحر خان يونس منذ بداية الانتفاضة بسبب الطوق العسكري المفروض على البحر.

وأشار أبو حسن، الذي يعيل أسرة من ستة أفراد، إلى أن الحصار دفعه إلى ترك مهنة الصيد واضطر للتعامل مع تجار الأسماك، الذين يجلب بعضهم سمكاً مهرباً عبر الأنفاق مع مصر، ما أفقده فرصة الربح، معللاً ذلك بأن رأسماله في السابق كان ما يصطاده من السمك، وأي شيء يبيعه يعتبر مكسباً صافياً له، أما الآن فهو يشتري السمك بالمال، وهذا قد يعرضه للخسارة أحياناً أو الربح القليل.

ارتفاع الأسعار

وأكد أن هذه الصعوبات والعراقيل جراء الحصار والحواجز التي تطال في كثير من الأحيان حتى المناطق المسموح بالصيد فيها، سببت تراجعاً في كمية وأنواع الأسماك في السوق، وبالتالي ارتفاع الأسعار، مشيراً إلى أن ثمن كيلو السردين حالياً والذي يعتبر أرخص أنواع الأسماك بلغ قرابة 15 شيكلاً، بينما سعره قبل الحصار كان لا يتعدى 6 شواكل.

ويؤدي الارتفاع في أسعار الأسماك إلى عزوف المشترين عنها، لا سيما وأن الأوضاع المادية لدى المواطنين سيئة بسبب تفشي البطالة ومحدودية الدخل.

وتقوم النقابة العامة للصيد البحري بمتابعة هموم ومشاكل الصيادين وترصد الانتهاكات الإسرائيلية لهذا القطاع الحيوي.

ويقول نزار عياش، نقيب الصيادين، إن حياة الصياد الفلسطيني أصبحت لا تطاق ويائسة في ظل استمرار العدوان والانتهاكات الإسرائيلية والمتمثلة في الحصار البحري وإغلاق البحر وصغر مساحة الصيد.

وأوضح عياش لـ"وفا" أن قوات الاحتلال في عدوانها وحصارها المستمر على هذا القطاع تحرم قرابة 3600 صياد من مصدر رزقهم الوحيد، والذي أصبح عادة وهواية يمارسها جيش الاحتلال خاصة خلال المواسم الرئيسية للصيد والتي ينتظرها الصيادون طوال العام على أحر من الجمر لتعويض ولو القليل من خسائرهم التي بلغت منذ بداية الانتفاضة أكثر من 17 مليون دولار.

وأضاف، إن هذه الخسائر تتمثل في تدمير ماتورات "حسكات" وإتلاف معدات صيادين داخل البحر، وإتلاف وتدمير عدد من لنشات الجر وسرقة معدات صيادين وإتلاف مخازن الصيادين بالإضافة إلى مصادرة "حسكات" صيد وإغلاق حقل الصيد البحري أحياناً.

وأشار إلى أن الصيادين أصبحوا يخاطرون بحياتهم للحصول على كميات ضئيلة من الأسماك، حيث تحولت المساحات المسموح بها للصيد إلى كمائن تقوم بها الطرادات الإسرائيلية التي تعمل على إطلاق النار على مراكب ولنشات الصيادين، وتعمل في بعض الأحيان بعد الاعتداء عليهم باعتقالهم ومصادرة مراكبهم أو تدميرها وإصابة واعتقال العديد من هؤلاء الصيادين منذ بداية الانتفاضة.

وأوضح عياش أن الصيادين يضطرون في كثير من الأحيان إلى التنقل بحسكاتهم وعلى مساحة ثلاثة أميال فقط، مشيراً إلى أن هذه المساحة تشتهر بضحالتها وعدم صلاحيتها للصيد لخلوها من الصخور وأماكن تجمع الأسماك.