خبر من فاشل دائم إلى سائق سكران .. يديعوت

الساعة 09:53 ص|17 مارس 2010

بقلم: سيفر بلوتسكر

في منتصف ولاية بنيامين نتنياهو الاولى رئاسة الحكومة، في تشرين الاول 1997 حظي بأن يصور في الصفحة الاولى لأهم صحيفة اسبوعية في العالم هي "الايكونومست" البريطانية. حظيان مريب: فقد اختار محررو الصحيفة الاسبوعية تسمية نتنياهو "فاشلا دائما".

"عامل ثابت في إفشال الاتصالات بين اسرائيل والفلسطينيين"، كُتب هناك "هو موهبة السيد نتنياهو التي لا مثيل لها في سل قرارات متسرعة تحرشية في أشد اللحظات غير ملاءمة مثل بدء بناء حي يهودي جديد في ضواحي القدس...".

أيبدو هذا معروفا؟ كأن الكلام منقول عن مقالة الصحفي توم فريدمان عن نتنياهو التي نشرت هذا الاسبوع في صحيفة "نيويورك تايمز" تحت عنوان "سائق سكران في القدس". من المحزن ان نتبين مبلغ قلة تغيره بين 1997 الى 2010. رسالة المقالتين اللتين يفصل بينهما أكثر من 12 سنة متشابهة هي أن نتنياهو غير ثقة، وينابذ الحقيقة، وقراراته متقلبة ويتلوى تحت الضغط.

أكانت "الايكونومست" على حق آنذاك في انتقادها القاتل على نتنياهو؟ اجل في الجانب الاداري لكن لا في الجانب الجوهري. فبيبي إذ كان رئيسا للحكومة مضى نحو السلطة الفلسطينية مسافة كبيرة ووقع مع عرفات اتفاقات وتنازلات بعيدة المدى في الميدان. بيد أن قليلا من هذه الاتفاقات قد تحقق. فقد سقطت حكومة نتنياهو عندما لم تكن مواهبه كذي حيلة كافية للابقاء عليها.

نجا رئيس الحكومة نتنياهو من ولايته الاولى بجلده في حين أن الثقة به – وهي عنصر مركزي في الزعامة – بدت مشروخة لا اصلاح لها. حاول أن يرممها عندما وافق على أن يلي وزارة الخزانة العامة في حكومة شارون ونجح في ذلك نجاحا كبيرا جدا بسبب التزامه سياسة اقتصادية – اجتماعية غير شعبية وغير دهماوية بيقين. نجح ذلك الى حد ما، أي الى أن قرر نتنياهو ترك الخزانة العامة واعتزال الحكومة بسبب الانفصال من قطاع غزة. كلفه الاعتزال لاسباب سياسية خسارة كثيفة للثقة مرة اخرى وكاد يقضي على الليكود في الانتخابات آنذاك.

إن سائسا كوي كثيرا كان يجب أن يحذر من البرد لكن نتنياهو لم يحذر. فهاكم مثلا جديدا لا من مجال العلاقات الدولية. قبل نحو من شهر ونصف شهر، وضع على مائدة الكنيست اقتراح جديد لـ "قانون بنك اسرائيل". بحسب الاقتراح لم يُطلب الى بنك اسرائيل خضوع لوزارة الخزانة العامة في إقرار أجور العاملين فيه. وهذا هو المعتاد، بالمناسبة، في جميع المصارف المركزية المهمة في العالم.

قُدم الاقتراح للكنيست بعد أن تأثر موظفو بنك اسرائيل الكبار وأدركوا انه سيحظى بتأييد غير متحفظ ودعم كامل من ديوان رئيس الحكومة. وافق على هذه المصالحة ايضا وزير الخزانة العامة يوفال شتاينيتس وهو يكظم غيظه من اجل السلام الداخلي. لكن أعداء الاستقلال الميزاني لبنك اسرائيل، وهم كثير بدأوا يجندون من فورهم قوى تعارض الاقتراح وزعموا أن "تحرير" بنك اسرائيل من رقابة الخزانة العامة سيفضي الى انهيار كل اطار الرقابة على الأجور في الخدمة العامة.

في اللحظة الحرجة، عندما طلب رئيس الهستدروت عوفر عيني – لاسباب لا تتصل ألبتة ببنك اسرائيل بل بالتفاوض في الأجور في القطاع العام – الاستمرار على اخضاع بنك اسرائيل للمسؤول عن الأجور في الخزانة العامة، وقف نتنياهو الى جنب عيني. لقد قام بأحد أشهر تعوجاته واختار تأييد الشخص القوي الذي هدد سلامة الائتلاف. ومن غير تردد أدار نتنياهو ظهره للمحافظ البروفيسور فيشر. ذهبت الثقة وذهبت الصدقية.

يقولون إن الصدقية رصاصة واحدة وحيدة في البندقية الخاصة لرجل الحياة العامة. فاذا أطلقها وأهدرها فسيبقى دائما غير ثقة. قام نتنياهو في ولايتيه لرئاسة الحكومة بالكثير من اجراءات بناء الثقة واهتم بعد ذلك بالطمس عليها وبهدمها والتنكر لها والتهرب منها. لقد أفلت من يديه وبيديه سلاح الثقة به. فليس مفاجئا أن اللقب الأولي الذي ألزمته إياه الـ "ايكونومست" في 1997 وهو "الفاشل الدائم" – حل محله الآن لقب أشد منه كثيرا هو "السائق السكران".