خبر الموت يتهدد مرضى التليف الكيسي بغزة

الساعة 08:58 ص|17 مارس 2010

فلسطين اليوم-غزة

بدأت علامات المرارة واليأس تسيطر علي وجه الأم منى الشاعر من سكان مدينة غزة وهي تتحدث عن معاناة طفليها براء ابن العامين ومحمود ابن الثلاثة أعوام المصابين بمرض التليف الكيسي.

وتقول الشاعر "منذ اللحظة الأولى لولادة طفلي محمود بدأت رحلة العذاب مع المرض الذي بدأت علاماته بمعاناة الطفل من ضيق في التنفس والسعال المستمر، مما اضطر الأطباء -مع زيادة تردي حالته الصحية- إلى إدخاله المستشفى، دون أن يتمكن أي منهم من تشخيص حالته المرضية إلا بعد أكثر خمس أشهر".

وأضافت الأم في حديثها للجزيرة نت، وعبارات الخشية والقلق على مصير طفليها تتكرر في كلامها، "تفاجأنا باسم المرض النادر وطبيعته، وصدمنا من حجم الإجراءات والمستلزمات الواجب اتباعها للتخفيف من انعكاسه على صحة الطفل الأول والثاني الذي تبين أنه بمصاب بنفس المرض بعد وقت قصير من ولادته".

وذكرت الأم أنه رغم ما تتبعه من جهود مضنية على صعيد العناية بالطفلين فإن وضع طفليها يزداد سواء "بسب عدم  توفر الأدوية بشكل كامل وقلة الرعاية الصحية للمرضى المصابين بهذا المرض".

ويعاني مرضى التليف الكيسي أو ما يعرف بالمرض القاتل في قطاع غزة من الموت البطيء في ظل غياب الرعاية الصحية وعدم تقديم العلاج اللازم في المستشفيات، مما يشكل خطرا حقيقيا يهدد حياتهم، وفقا لما أوضحه مدير مركز مرض التليف الكيسي وعضو الاتحاد العالمي للتليف الكيسي أشرف الشنطي.

أسباب المرض

ويعتبر التليف الكيسي من الأمراض الوراثية الناجمة عن خلل في إفراز الأملاح من خلايا الجسم لدى أبوين مصابين بهذا المرض، الذي يؤثر بصفة أساسية على العديد من أعضاء الجسم ويعيق عملها مثل الجهاز التنفسي والجهاز الهضمي والبنكرياس والكبد والغدد العرقية والجهاز التناسلي والأنف والجيوب.

 وبحسب مدير مركز مرض التليف الكيسي، فإن المرض في حال عدم متابعته ورعاية المصابين به بشكل جيد فإنه ينعكس على المرضى ويتسبب في إنهاك الجسم بسرعة.

ويؤكد الشنطي أن المرض جيني وراثي لا ينتقل بالعدوى ويصيب الأطفال إذا كان كل من الوالدين يحملان نفس جينات المرض، وفي هذه الحالة سيكون واحد من بين كل أربعة أبناء عرضة للإصابة بمرض التليف الكيسي.

وبين أن أعراض المرض تبدأ بالسعال المتكرر الذي ينتج عنه مخاط لزج يصعب إزالته إلا عن طريق محلول ملحي، والتهابات متكررة بالجهاز التنفسي، بالإضافة إلي خلل وظيفي في الرئتين، وعسر في الهضم وصعوبة الإنجاب في المستقبل بسب وجود خلل في الجهاز التناسلي، وقلة الوزن وضعف النمو، فضلاً عن ندوب على أطراف الأصابع.

ويحتاج المصابون بهذا المرض إلى تناول نحو عشر وجبات من الطعام وإلى جانبها أنواع من الفيتامينات وأنواع من الأدوية لتسهيل عملية الهضم.

ويوضح الشنطي أن المرض اكتشف في غزة عام 1973، ويصل عدد المصابين به إلى 75 شخصا، إلا أن عددهم في تزايد مستمر وقد يصل إلى أكثر من 120 حالة تنتشر في غزة لكنها غير مكتشفة بسبب قلقة المتابعة وضعف التشخيص الصحيح لهذا المرض.

وقال الشنطي للجزيرة نت إن "الحصار لعب دورا كبيرا في التأثير على حياة مرضى التليف الكيسي جراء عدم توفر الأدوية اللازمة كون المريض يحتاج إلى برتوكول علاجي كامل تبلغ تكلفته شهريا بين 300 و500 دولار".

وأضاف أنه في العام 2006 توفيت سبع حالات جراء اشتداد الحصار ونقص الرعاية الصحية وقلة الأدوية، مشيرا إلى أن غزة تعاني من انعدام الإمكانيات التقنية والبشرية المتخصصة في التعامل مع هذا النوع من المرض.

ومن جانبها أكدت رئيسة قسم الصدرية ومتابعة حالات التليف الكيسي داخل مستشفى النصر التخصصي الطبيبة مجدية جودة أن المشفى يولي المصابين بهذا المرض اهتماما خاصا، ويتابع حالاتهم على مدار الأسبوع ويوفر لهم العلاج اللازم.

وبينت جودة للجزيرة نت أن وزارة الصحة تجد صعوبة في توفير الدواء للمرضى نتيجة الحصار وارتفاع أسعاره فتحاول جاهدة الحصول عليه من المتبرعين بالخارج. 

وذكرت أن الوزارة تتعاون وتنسق بشكل كامل مع مراكز علاج التليف الكيسي عبر توفير بعض الأدوية لتوزيعها على المرضى والمساعدة في توعية الأهالي من هذا المرض.