خبر تطورات دراماتيكية ما بين الاستيطان والمفاوضات .. نواف الزرو

الساعة 02:35 م|16 مارس 2010

بقلم: نواف الزرو

يعترف السيد عمرو موسى قائلا: "في زحمة التناقضات والخلافات العربية تمضى إسرائيل قدماً في تنفيذ مخططها في القضاء على فرص السلام المتوازن بالإمعان في تهويد القدس واستيطان الأرض وفرض المزيد من القيود على المسجد الأقصى ووصل الأمر بهم إلى أن غزوا المسجد بمجموعات من السوق والدهماء بتواطؤ من سلطات الاحتلال ، بالإضافة إلى إدعائهم ملكية إرث ديني له هدف سياسي هو تأكيد بقاء الاحتلال في قلب الوطن العربى ـ الثلاثاء 2 ـ 03 ـ 2010م" ، ويؤكد "أن تنفيذ المخطط الصهيونى قائم على قدم وساق وأن مسار التفاض تهدف من ورائه إسرائيل أن تجعله غطاءً لاستمرارها في سياسة استبطانية توسعية تلتهم الأرض التي يفترض أن تقوم عليها الدولة الفلسطينية وهو من شأنه أن يؤدي إلى الانهيار الكامل للموقف الدولى القائم على رؤية حل الدولتين ، الأمر الذي سيؤدى بالضرورة إلى خيار الدولة الواحدة على أرض فلسطين التاريخية ـ الثلاثاء 2 ـ 3 ـ 2010 م".

والاهم ان السيد موسى يطالب العرب بوقفة حاسمة نحو سياسة الاستيطان والتهويد الإسرائيلية في الأراضى العربية المحتلة ، ويضيف "يجب إن نتبع القول الصادق "لا يلدغ المؤمن من حجر مرتين" ولقد لدغتنا عشرات المرات وآن الأوان لعودة اليقظة والوعى العربي".

ورغم هذا الكلام الواضح الصريح للسيد موسى ، الا "ان لجنة متابعة مبادرة السلام العربية توافق على اجراء مفاوضات غير مباشرة اسرائيلة - فلسطينية لمدة اربعة اشهر "كمحاولة اخيرة رغم عدم الاقتناع بجدية" اسرائيل او رغبتها في تحقيق السلام ـ وكالات ـ 03 ـ 03 ـ 2010"، وقال موسى "ان لجنة المتابعة العربية التي اجتمعت بحضور 16 من اعضاء الجامعة "تدراست الموقف بكل امعان" ، موضحا انه كان هناك اجماع على "ان اسرائيل غير مهتمة بالسلام بدليل ما تقوم به في الاراضي المحتلة من تغييرات بل من اجراءات المقصود منها استفزاز الجانب العربي والاميركي".

اذن.. لقد اتت الضغوطات المختلفة الرامية الى اجبار الفلسطينيين على العودة الى عملية المفاوضات اكلها ، وان الاطراف المعنية على عتبة الاستئناف رغم الضجة العربية والدولية على قرار بناء 1600 وحدة استيطانية في القدس ، وربما على عتبة مؤتمر جديد للسلام ، وحسب الخطة الامريكية الاخيرة للسلام ووفق تصريحات ميتشل فان المفاوضات ستنتهي خلال عامين ، وان الدولة الفلسطينية قادمة.

فيا لها من تطورات دراماتيكية في عملية السلام...، فبعد ان انكفأت الادارة الامريكية الجديدة امام اسرائيل وفشلت في اجبارها على الالتزام بتجميد الاستيطان فقط ، وبعد ان تحطمت وعود واحلام الرئيس اوباما على صخرة عناد وصلابة نتنياهو ، اخذت تحلق بعيدا ، ونجحت في الضغط على الطرف الاضعف وفي تسويق الخطة الجديدة للتسوية ووضعت لها سقفا زمنيا - تصوروا - من عامين ليتم التوصل الى تسوية...، فيا للمعجزة..،.

نعتقد ان كل العملية تضليل وخداع ومماطلة وان الرابح الكبير من ورائها هي"اسرائيل" ، ونعتقد ايضا من جهة اخرى انه ربما تكون هناك اجندات حربية اخرى وراء هذا الثقل والتصميم الامريكي الاسرائيلي على استئناف عملية المفاوضات (ولا يعني ذلك نوايا طيبة) ، فتلك الدولة الصهيونية لا تعرف سوى الحروب وهي قائمة منذ نشأتها على اسنة الحراب والحروب والتوسع والاستيطان والتهويد ، فكيف لها وما لها اذن بالمفاوضات والتوصل الى تسوية حقيقية تلزمها مثلا بالانسحاب من القدس والاراضي المحتلة ، الا اذا كانت تسوية وفق شروطها ومقاساتها.

ونعود ثانية لنؤكد ان الاصل في هذا الصدد في الوعي السياسي الاسرائيلي المتبلور"ان هناك اجماعا في اسرائيل على تخليد الاحتلال للضفة" كما كان اكد الكاتب والمحلل الاسرائيلي الوف بن في هآرتس" ، مضيفا "لقد أخذ يتبلور في اسرائيل اجماع على أن الانسحاب من الضفة الغربية لم يعد ممكنا ، وقد يمكن إبعاد الفلسطينيين عن الأعين بجدار الفصل ، لكن لا يمكن التحرر من السيطرة عليهم ، وان الجميع يشتركون في هذا الاستنتاج ، في جميع المعسكرات وفي جميع الأطراف السياسية ، وان المشترك لهذه المواقف من اليسار واليمين هو أنها تُخلد الوضع القائم ، مع عشرات المستوطنات ، ومئات الحواجز وآلاف الجنود وراء الجدار".

الوزير الإسرائيلي بيني بيغن وله ثقل استراتيجي في الليكود والحكومة يؤكد لنا :"وفقا لمفهومي فإنه لن تكون هناك سيادة غير إسرائيلية في المنطقة الواقعة غربي نهر الأردن ولن تقوم دولة فلسطينية" ، وأضاف بيغن أنه "في هذه القضية أنا لا أختلف مع توجه رئيس الحكومة نتنياهو ، لكني سأستمر في النضال من اجل آرائي داخل الحكومة ولا نية لدي بالتنازل عنها" ، وتابع بيغن أنه "منذ عشر سنوات يتداولون فكرة الدولتين وتقسيم البلاد ، لكن هذه الفكرة غير واقعية ، لأن دولة عربية فلسطينية قابلة للحياة وتنشد السلام مع إسرائيل هي أمر ونقيضه ، وهي تناقض مطلق - الاذاعة العبرية 9 ـ 3 ـ 2010".

المحلل الاسرائيلي تسفي بارئيل يكتب في هآرتس 7 ـ 3 ـ 2010 تحت عوان "يعيدون الاريكة" موضحا: "أخيرا توفر السلم الذي أنزل محمود عباس عن الشجرة ، لجنة المتابعة العربية هي التي اعطته الاذن لاجراء محادثات غير مباشرة مع اسرائيل ولن تزيد مدتها عن اربعة اشهر وانتقالها الى المحادثات المباشرة لن يتم الا اذا جمد البناء في المستوطنات بشكل مطلق. المفاوضات ، كما هو معروف ، لا يمكنها ان تموت موتا سريريا ، وعليه فانها نالت حقنة اضافية ، وحدهم في غرفة واحدة ، لا بد انها بيعت لتجار الخردة مع تنزيلات بحيث لا تكون حاجة بعد ذلك لها" ، مضيفا: "خطأ. بعد 19 سنة من مدريد ، 17 سنة من اوسلو ، حرب في افغانستان: حرب في العراق ، دول قامت في اعقاب انحلال الاتحاد السوفياتي ، ايران التي بدأت في حينه فقط في لعق جراح الحرب الايرانية - العراقية باتت في الطريق الى قنبلة نووية ، انتفاضة ، خمس ونصف ولايات لرؤساء امريكيين ، سبعة وزراء اسرائيليين ورئيسين فلسطينيين - ومرة اخرى يعودون الى نقطة الصفر ، الى محادثات غير مباشرة ومحادثات رواق ، الى الاريكة وصيغة مدريد ، هذا الديكور المعروف لم يعط شيئا في الماضي ولا اساس للافتراض في أن ينجح هذه المرة".

ولذلك نوثق ايضا - ان الفرص الحقيقية للتسوية الدائمة لن تقوم لها قائمة ، ولسوف تستحيل إمكانية التوصل إلى مثل هذه التسوية ، فعلى أرضية مشروع حكومات "اسرائيل" المتعاقبة فإن مثل هذه المفاوضات المتجددة أيضاً ستكون عقيمة ، وستراوح مكانها.

ونعتقد اننا مقبلون ليس فقط على اربعة شهور - مدة المفاوضات غير المباشرة - عقيمة ومضيعة للوقت والارض ، وانما على عامين عقيمين من المفاوضات العبثية ربما يجران عامين آخرين واكثر ، في ظل مثل هذا العجز الفلسطيني العربي .

الادارة الامريكية توزع الوعود والكلام المعسول على الفلسطينيين والعرب ، وتقدم كل وسائل الدعم ل"اسرائيل" كي تواصل تفوقها ولاءاتها ومشاريها الاستعمارية المفتوحة...، ونجدد القول مع السيد موسى:"لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين" ، ولقد لدغتنا اسرائيل عشرات المرات وآن الأوان لعودة اليقظة والوعي العربي".

فهل تحمل القمة العربية القريبة في ليبيا يا ترى هذا الشعار الملح في مواجهة الغطرسة الصهيونية..، ان غدا لناظره قريب...،.