خبر صعب بدونها-يديعوت

الساعة 09:47 ص|16 مارس 2010

صعب بدونها-يديعوت

بقلم: شمعون شيفر

 (المضمون: اضافة الى حيوية الدعم السياسي الامريكي لوجود اسرائيل فان حتى المستوطنات التي يعتقد الامريكيون انه يجب اخلاؤها، بنيت بالمساعدة التي هم انفسهم منحوها لاسرائيل - المصدر).

في الصورة التي نشرت في المجلة الامريكية "لايف" في ربيع 1948 تبدو مجموعة من الحاخامين، من معتمري القبعات العالية والسترات السوداء الطويلة، يتسلقون على الجدار الذي يحيط البيت الابيض في واشنطن. الكتابة أسفل الصورة تفيد بان الحاخامين الذين التقطت لهم الصورة حاولوا ان يحصلوا على امكانية الحديث مع أحد ما في الادارة الامريكية، وطلب الدعم للحاضرة اليهودية في بلاد اسرائيل. ليس مجانا.

        بعد دقائق من اعلان دافيد بن غوريون عن اقامة دولة اسرائيل، في 14 ايار 1948، سارع الرئيس الامريكي هاري ترومان الى الاعتراف بالوطن اليهودي، للشعب اليهودي، في بلاد اسرائيل. وكانت امريكا هي الدولة الاولى التي اعترفت بحكم الامر الواقع باسرائيل. منذ ذلك الحين وحتى اليوم، فان الذخر السياسي ذا المعنى الاكبر، الجارف والاكثر عمقا الذي يسمح للاسرائيليين بالابقاء على دولتهم في المنطقة المشوبة بالنزاع والعنف هنا، يرتبط بالتماثل التام مع امريكا، ومع السترة الواقية التي توفرها.

        اسرائيل ربحت من هذا التقارب – وليس فقط المساعدات الاقتصادية والامنية. على مدى السنين دقت دول كثيرة باب اسرائيل، لعلمها انها هي الاخت الصغيرة والحبيبة لامريكا. عندما اقترحت اسرائيل بضائعها ومساعداتها في مجالات متنوعة في افريقيا، في جنوب امريكا وفي شرقي اسيا، عرفوا في هذه الدول بان خلف الاسرائيليين تقف قوة عظمى ومراكز قوى للعم سام: البيت الابيض، الكونغرس والرأي العام. من المهم ان نتذكر هذه الامور، قبل لحظة من ان نكون واثقين من اننا يمكننا أن نعيش وحدنا. واولئك الذين يقترحون "عدم الخضوع للاملاء الامريكي حتى بثمن التقلص في نفقاتنا والاكتفاء بالقليل" قد يبدون جيدين، ولكن هذه الاقوال تقترب من انعدام المسؤولية.

        إذن ها هي، لمن يفضل النسيان، تذكرة قصيرة كم هو الدعم الامريكي حيوي لضمان المصالح السياسية لاسرائيل. حسب منشورات أجنبية، في نهاية 1960 اكتشف الامريكيون ان اسرائيل نجحت في بناء مفاعل نووي في ديمونا. وستمر بضع سنوات اخرى الى أن ينشر في العالم انه في السبعينيات توصلت الدولتان الى اتفاق وتفاهم حول "سياسة الغموض"، في اطارها تمتنع الولايات المتحدة عن كل بحث في مؤسسات دولية في مسألة النووي الاسرائيلي.

        في اسرائيل معتادون على التعاطي مع الامم المتحدة بانها "قفر". هذا الموقف لا يتاح الا لان البعثة الامريكية الى مؤسسات الامم المتحدة تمنع اتخاذ قرارات من شأنها المس باسرائيل. والامريكيون يصدون محاولات متكررة للشجب واجلاس اسرائيل الى جانب الدول البشعة في الاسرة الدولية.

        الولايات المتحدة لا توجد الى جانب اسرائيل فقط في الحرب، بل وفي السلام ايضا: حدائق البيت الابيض استضافت كل احتفالات التوقيع على الاتفاقات مع جيراننا. اتفاق السلام مع مصر كان نتيجة مباشرة لتدخل الرئيس كارتر والضمانات والمساعدات الاقتصادية والامنية بحجم مليارات الدولارات التي منحت لاسرائيل ولمصر حتى اليوم. بالضبط هكذا ايضا تحقق الاتفاق مع الاردن. اتفاق اوسلو الذي وقع مع الفلسطينيين وان كان دون تدخل امريكي، ولكن من يوم التوقيع عليه في ايلول 1993 لم تكف الولايات المتحدة عن محاولة تحسين مضمونه – حتى اليوم.

محادثات التقارب التي تحاول ادارة اوباما الان دفعه الى الامام يشكل فصلا آخر في النهج العبثي للامريكيين، الذين يؤمنون بانه من أجل صالح الاسرائيليين يجب مساعدتهم على ايجاد الطريق للخلاص من الفلسطينيين. المستوطنات، التي اصبحت خرقة حمراء في نظر ادارة اوباما، توجد ليس فقط في قلب النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني، بل وايضا في اساس العلاقات المعقدة بين اسرائيل وامريكا.

في بداية الثمانينيات سألني دبلوماسي امريكي قرأ في ذاك الصباح في الصحيفة عن خطة لاقامة كتلة من المستوطنات في منطقة نابلس، من اين بالضبط سيأتي المال. "فحكومتكم تتحدث عن ضائقة اقتصادية"، اضاف. المال، اجبته، سيأتي منكم، انتم الامريكيين.

        المستوطنات التي يعتقد الامريكيون انه يجب اخلاؤها، بنيت بالمساعدة التي هم انفسهم منحوها لاسرائيل.