خبر يا فشلكم ويا قشلكم! ..زكريا محمد

الساعة 09:02 ص|16 مارس 2010

يا فشلكم ويا قشلكم! ..زكريا محمد

لا تلوموا إلا أنفسكم.

أنتم المسؤولون، لا مشعل ولا أحمد جبريل، ولا غيرهما.

أنتم من تخليتم عن قيادة الناس، فتخلت الناس عنكم، هكذا ببساطة.

ظننتم أن قيادة شعب تتلخص في التفاوض والحديث عن التفاوض فقط، وأن كل ما عدا ذلك هراء. لذا صار الدكتور صائب عريقات نجم المرحلة، ونبي الشعب. ينفخ في صور المفاوضات وينتظر أن يصطف الشعب وراءه!!

لم تدركوا أن القيادة أوسع من التفاوض، وأنها تقوم تواصل ما عميق بين الناس وبين من يسير أمرهم العام. تواصل يعطي الناس الثقة بأن من يلي أمرهم يقوم بمهمته بشكل ما. لكنكم لم تخلقوا هذا التواصل، بل قطعتموه، فأحس الناس بأن:

- قيادتهم لا تهتم بمشاعرهم، بل وتعاكسها.

- أن قيادتهم عند اللحظة المحددة لا تخاطبهم، بل تخاطب غيرهم.

فحين أعلن أن المفاوضات غير المباشرة لن تتم بعد قرارات نتنياهو، عرف الناس ذلك من عمرو موسى. أُبلغ عمرو موسى ولم يُبلغ الناس. لم يقف الرئيس ليشرح للناس ما جرى، ولم يحدثهم. وحدث مثل ذلك مع تقرير غولدستون. فقد مضت أيام طويلة قبل أن يتم الحديث إلى الناس.

- أن قيادتهم تكذب عليهم، مثلما حدث بخصوص لجنة التحقيق بشأن تقرير غولدستون. فقد وعدوا بنشر التقرير والالتزام بما فيه، ثم غيب التقرير، وكذب الوعد.

- كما أحسوا أن قيادتهم لا يركن عليها، وأنها لا تملك ركبا قوية عند الشدائد، فهي تنخ بسرعة تحت الضغط، مثلما حدث بشأن سحب تقرير غولدستون.

- أن من يلي أمرهم لا يكون (هنا) عند الأزمات. إذ تحدث الأزمات الكبرى، لكن القيادة تظل في جزر فيجي، أو تايوان، أو جزر الواقواق.

- أن للقيادة عائلة، وان العائلة تقوم بنشاطات عليها كلام، لكن القيادة لا تتقدم لتوضيح الأمر.

وإذا كانت شعور الناس أن القيادة (لا تكون هنا) عندما يحتاجون إلى أن تكون هنا، وإذا كان شعورهم أنها (لا تراعي شعورهم)، وأنها (ترتجف) في اللحظات الحاسمة، وأنها (لا تصدقهم حين تعدهم)، وأنها (لا تحدثهم) حين يكونون بحاجة إلى أن توضح لهم ما يجري، وأنها ليست شفافة بخصوص من له علاقة بها، فهي تكف عن أن تكون قيادة في أعينهم. القيادة تصبح منصبا فقط. فالرئيس يشغل منصب الرئيس، لكنه لا يقود الناس، ولا الناس تحس بأنه يقودهم. وعند هذا الحد يكون المناخ مؤهلا لمن يتقدم لكي يقود الناس ولو عبر الإذاعة.

وهكذا تقدم خالد مشعل، وتقدم أحمد جبريل ودعيا الناس لحماية الأقصى والقدس فاستجابوا لدعوتهما.

لا يحق لكم أن تبكوا بسبب ذلك، ولا أن تلوموا مشعل وجبريل. أنتم أفلتم حبل القيادة، وهم وجدوه مرميا فالتقطوه.

أنتم المسؤلون عن فشلكم وقشلكم!

- أخطر أن يتسلم جبريل ومشعل أمر الناس؟

* بلى خطر، وخطر جدا، لكنكم أنتم المسؤلون.

- أخطر أن ننزلق إلى العنف وإلى انتفاضة ثالثة لم نستعد لها؟

* بلى خطر جدا. لكن سياستكم هي التي قادت نحو هذا. كل يوم كنتم تعلنون أنكم ضد انتفاضة جديدة، وأنكم لن تسمحوا بوقوعها، لكن سياستكم كانت تقود إليها بشكل محتم. سياستكم أنتم لا غيركم. أنتم من كان يدفع، بسياستكم الميتة، نحو انتفاضة جديدة، لكن على أسوأ وجه. لأنها تندلع من دون تخطيط، ومن دون قيادة، ومن دون هدف.

أي أن سياستكم قادت إلى أسوأ أنواع الانتفاضات على الإطلاق.

كل عاقل كان يعلم أن العنف والاضطراب قادم. وكل عاقل كان يعلم أن درأ هذا العنف لا يمكن أن يتم إلا باتخاذ سياسة متوازنة تستجيب لمشاعر الناس، وتقنعهم أن قيادتهم نقاوم مثلهم. لكنكم خذلتم الناس، تركتموهم وحدهم، كذبتم عليهم، وأعطيتموهم الإحساس بأنكم جبناء، وكل هذا كان يقود إلى العنف.

السياسة المستسلمة المنعزلة كان تضرم نار العنف.

 

 

 

يهدأ الناس حين يرون أن قيادتهم تقوم بما هو مطلوب منها، وتتخذ سياسة معقولة ومتوازنة، ويعطونها الفرصة، ويتركون لها أن تقوم بعملها. لكن حين يكتشفون ان عملها يختصر بما يفعله صائب عريقات، وأن صائب عريقات هو النبي الأكبر للشعب، عندها يتوقفون عن الهدوء والانتظار، ويميلون إلى التحرك، وحينها تتهيأ الفرصة لمن يريد، ولمن لديه الإرادة، لكي يقودهم في حركتهم، ولو عبر دعوات تلفزيونية.

وقد حصل هذا فعلا.

فجبريل البعيد في دمشق، والذي ليس وجود هنا، أصبح أكثر تأثيرا منكم على الناس. فهو يدعوهم للخروج فيخرجون...

أما أنتم فتدعونهم للهدوء، فلا يستجيبون...

يا فشلكم،ويا قشلكم!