خبر كلينتون توبخ نتنياهو..هآرتس

الساعة 10:04 ص|14 مارس 2010

 بقلم: ألوف بن

الازمة التي كانت مرتقبة في علاقات الولايات المتحدة واسرائيل منذ صعود رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والرئيس براك اوباما الى السلطة اندلعت في نهاية الاسبوع. أوباما لم يتجلد على اهانة نائبه جو بايدن بالبيان الاسرائيلي عن بناء 1600 وحدة سكن جديدة في حي رمات شلومو في شرقي القدس والذي نشر في ذروة "زيارة ودية" لنائب الرئيس الى اسرائيل.

وبدلا من قبول الاعتذار الجزئي لنتنياهو وترك الامر جانبا، بعث اوباما بتحذير حاد اللهجة الى رئيس الوزراء نتنياهو والان يطالبه باتخاذ خطوات "تجسد التزام" نتنياهو بالعلاقات مع الولايات المتحدة وبالمسيرة السلمية. ولم تنشر الادارة مضمون الانذار وقائمة المطالب التي طرحت الى نتنياهو، الا انه واضح ان استجابته للمطالب الامريكية ستضع في خطر وحدة ائتلافه مع احزاب اليمين المتطرف، اسرائيل بيتنا وشاس، وتثير معارضة شديدة في الليكود. واذا لم يكن هذا واضحا لنتنياهو، فقد قال "موظف امريكي" لوكالة رويترز انه وضع نتنياهو "خطير" بسبب ائتلافه اليميني.

ووصل نتنياهو الى نقطة الحسم بين ايمانه الايديولوجي وشراكته السياسية مع اليمين، وبين حاجته الى الدعم الامريكي. معضلته عسيرة: اذا أعلن عن تجميد، بل حتى عن تقييد للبناء في شرقي القدس – فان ائتلافه سيتفكك. اذا ما سار نحو مواجهة مع الادارة، على أمل أن يدعمه اصدقاؤه في الكونغرس وفي الطائفة اليهودية الامريكية باسم التزامهم "بالعاصمة الخالدة للشعب اليهودي" فانه سيعرض للخطر التعاون الامني حيال ايران. نتنياهو يعرف بأن الوقود وقطع غيار طائرات سلاح الجو، وكذا اشارات الانذار المبكر لاطلاق الصواريخ على الجبهة الاسرائيلية الداخلية، تصل من امريكا وان ليس لاسرائيل حلفاء اخرين حيال تهديدات محمود احمدي نجاد.

امتنعت ادارة اوباما حتى الان عن ممارسة ضغوط كبيرة على نتنياهو خشية ان يؤدي الامر الى انهيار الائتلاف وأزمة شديدة في اسرائيل. موظفون كبار في واشنطن اقتنعوا بأن تشديد المطالب بتجميد المستوطنات وتفكيك البؤر الاستيطانية من شأنه أن يلحق شرخا عميقا في المجتمع الاسرائيلي بل وتمرد في الجيش الاسرائيلي. في تشرين الثاني وافقت الادارة على التجميد المؤقت في  البناء في مستوطنات الضفة الغربية، في ظل استمرار البناء والتطوير الاسرائيلي في شرقي القدس.

واعتقد نتنياهو بأن هذه المرة ايضا اجتاز الازمة بنجاح، بعد ان اعتذر لبايدن على "التوقيت غير الناجح" لبيان وزارة الداخلية على خطة البناء في رمات شلومو، وقال له ان المشروع لا يزال في سياقات الاقرار ولم يبن في السنوات القريبة القادمة. ولكن رئيس الوزراء لم يعد ألا يبنى الحي الجديد، او ان تتغير سياسة البناء في القدس. خصومه في الادارة شخصوا لحظة مناسبة للمس بنتنياهو – وتلقينه درسا في الكرامة الوطنية، على نحو يشبه المذهب السياسي لوزير الخارجية افيغدور ليبرمان ونائبه داني ايالون. نائب الرئيس أهين في القدس، وامريكا تعيد لنتنياهو الصاع بالاهانة.

الرسالة الحادة نقلت الى نتنياهو في عدة قنوات: مكالمة توبيخ طويلة هاتفيا مع وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون؛ مكالمة هاتفية من بايدن أعطى فيها اسنادا للرسالة؛ استدعاء سفير اسرائيل في واشنطن مايكل اورن الى حديث مع نائب وزيرة الخارجية جيم ستاينبرغ؛ بيان تنديد من "الرباعية" للبناء في القدس؛ والاهم، استعراض مفصل لوسائل الاعلام ومقابلات أجرتها كلينتون في الـ سي ان ان والـ ام بي سي والتي جعلت الرسائل الدبلوماسية توبيخا علنيا لرئيس الوزراء.

وتذكر الاستعراضات بـ "دبلوماسية الكرسي المنخفض" لوزارة الخارجية الاسرائيلية تجاه السفير التركي. وقد قيل لوسائل الاعلام بأن مكالمة كلينتون – نتنياهو استمرت 43 دقيقة "وليس عشر دقائق كما هو معتاد"، وان رئيس الوزراء بالكاد تحدث. قيل ان اوباما نفسه صاغ الرسالة في لقائه مع كلينتون يوم الخميس كي يمنع ادعاءات بأن "هذه فقط وزيرة الخارجية التي صرخت على نتنياهو وليس الرئيس". والتعبير التي استخدمها الناطق بلسان الخارجية الامريكية لوصف الحديث وصفت معلمة تعاقب تلميذا عاقا وليس حديث عمل مع زعيم دولة صديقة وحليفة.

المضمون كان خطيرا ليس اقل من الشكل: كلينتون تحدثت عن "اهانة" لامريكا وعن "مس بالعلاقات الثنائية"، وقالت انها لا يمكنها ان تفهم كيف تم مثل هذا الامر "في ضوء الالتزام الامريكي القوي بأمن اسرائيل". في وسائل الاعلام الامريكية فهموا هذا كتلميح بأن الدعم الأمني ليس غير مشروط. كما اشاحت كلينتون بتفسيرات نتنياهو في ان القرار اتخذ على مستوى العمل ودون معرفته، وذكرته بأنه كرئيس وزراء هو المسؤول.

بيانات الادارة نشرت مساء يوم الجمعة حين كانت اسرائيل الرسمية ممتنعة عن الرد بسبب السبت. وهكذا تمتع الامريكيون بالحصرية على رسالتهم في وسائل الاعلام. الرد الغريزي لنتنياهو ومحيطه كان في اتهام الادارة بكمين دبلوماسي والاستناد الى اساس الدعم لديه في امريكا. ايف فوكسمان، رجل "العصبة ضد التشهير" كان اول من هاجم البيت الابيض على اهانة رئيس الوزراء.

ولكن في الاسبوع القريب القادم يوجد لنتنياهو تردد عسير: هل يسافر كما كان مخططا له الى مؤتمر اللوبي من اجل اسرائيل، "ايباك"، الذي سينعقد في بداية الاسبوع القادم في واشنطن؟ اذا اصر على تأجيل مطالب اوباما، سيضع قيد الحرج ايباك وفي صدام مع الادارة. كبار رجالات الادارة سيرفضون لقاءه، اذا لم يستجب على الاقل لبعض من مطالبهم. اما اذا تخلى عن الرحلة فان الامر سيفسر كأقرار بوجود الأزمة.