خبر منير المقدح: أتشرف بالتحالف مع المحور السوري ـ الإيراني

الساعة 05:25 ص|14 مارس 2010

فلسطين اليوم-الشرق الأوسط

في أول مقابلة له بعد تنحيته من قيادة «الكفاح المسلح الفلسطيني» في لبنان، قرر العميد منير المقدح، الرد على الاتهامات الكثيرة التي وجهت إليه عبر «الشرق الأوسط»، وقال ردا على من يعتبرونه متحالفا مع المحور السوري - الإيراني، بالقول: «كل من يتكلم عن تحرير فلسطين بات يحسب على محور المقاومة. نحن أولى الناس بالقتال من أجل أرضنا. المفاوضات عبثية. هاهو نتنياهو يرد بمئات الوحدات الاستيطانية على قرار بدء المفاوضات غير المباشرة، وبانتهاك المقدسات والبيوت، لذلك لا بد من المقاومة بالوسائل كلها، ولي الشرف أن أحسب على أي طرف مقاوم، سواء كان سورية أو إيران أو قطر».

وكانت مخاوف من توترات أمنية جديدة في المخيمات قد بدأت تظهر، منذ أعلن عن قرار الرئيس محمود عباس، تنحية العميد منير المقدح عن قيادة «الكفاح المسلح»، ضمن تشكيلة عسكرية جديدة لقيادات فتح في لبنان، لم تشمله، وبخاصة أنه رجل قوي، له نفوذه وميليشيا تأتمر بأوامره، لا تتقاضى رواتبها من حركة فتح. ويقول المقدح: «أنا في فتح منذ 40 سنة، لم أغير مواقفي، رفضت اتفاق أوسلو، بل أنا من المتشددين في معارضته، وأعمل من أجل تحرير فلسطين كلها، وهذا يعرفه الجميع، وترشحت للجنة المركزية برسالة تضمنت وجهة نظري هذه، وحصلت على أصوات ليست قليلة. لكن المشكلة ليست في موقفي المعروف سلفا، ولكن في التقارير التي ترسل من هنا ضدي، وتأخذها القيادة بعين الاعتبار».

وحول ما إن كان يلمح إلى سلطان أبو العينين، أمين سر حركة فتح السابق في لبنان، الذي تردد أنه يشكل تحالفا مع محمد دحلان وتوفيق الطيراوي، رئيس المخابرات الفلسطيني السابق، وكما قيل بأن هذا التحالف داخل فتح هو الذي انتصر في رام الله في إقصاء المقدح عن موقعه، يجيب المقدح: «نعم، هناك تحالف قوى ليس سهلا، ولنقل إنه تحالف أمني داخل فتح. لكن، ما هكذا يجب أن تسير أمور المخيمات في لبنان، بناء على تقارير، وتبعا لسياسات، فردية، كيدية وانتقامية، كما هو الحال الآن بشكل عام. لا أمن إلا بالتواصل مع الأطراف جميعها». نسأل المقدح: لكنك متهم بالتعامل مع «عصبة الأنصار» التي تعتبر جماعة سلفية متشددة، فيجيب: «اتهمت بأنني ناصرت (عصبة الأنصار) في المعركة الأخيرة داخل مخيم عين الحلوة، لكن لو سألت المسؤولين العسكريين في فتح، فسوف يخبرونك بأن مجموعة مسلحة من فتح هي التي أطلقت النار بشكل عشوائي على السكان الآمنين، و(عصبة الأنصار) ردت بعشوائية أيضا. وتم تحقيق في هذا الأمر، وانكشفت الحقيقة واعترف بها سلطان أبو العينين نفسه، بعدما تبين خطأ الطرفين». وعما ينوي فعله في حال أصرت الرئاسة في فلسطين على تنحيته، يقول: «المفروض أن يصل مبعوث من الرئاسة خلال 24 ساعة، ليجري لقاءات مع الدولة اللبنانية، وأتحاور معه. أما الآن، فأنا على رأس عملي، ولم يتغير أي شيء. أنا موجود هنا كحرس على المخيمات، وصمام أمان. أحافظ على أمن الجوار، ومتمسك بحق العودة. موضوعي ليس منصبا ولا ورقة ولا قرارا. اجتماعاتي مع الناس والكوادر والضباط مستمرة. وكي يكون الأمر واضحا، لن أترك المخيمات مهما كلف الأمر». وإن كان سيلجأ إلى العصيان في حال أصرت الرئاسة على قرارها بتنحيته، يجيب: «لم يراجعني أحد بهذا الموضوع بتاتا، كل ما تبلغته حتى الآن هو رسالة منقولة عن الرئيس عباس من توفيق الطيراوي تقول: (اختر المكان الذي يناسبك لننقلك إليه). وكان ردي: أنا من مدرسة يريدونني طريدا، وأنا أقول لهم: شهيدا، شهيدا، شهيدا. لا يمكن حل مشكلة الشعب الفلسطيني بتهجيره. وقد طرحت سؤالا على الرئيس عن صحة الرسالة التي نقلت إليّ، فأكد لي أنه لم يرسل لي هكذا رسالة». ويستغرب العميد منير المقدح طبيعة التشكيلات العسكرية الجديدة في لبنان، التي صدرت عن الرئاسة الفلسطينية، واستبعدته، ويعتبر أنها مختلفة عما اعتادت عليه فتح. فالقرارات عادة تصدر عبر الإدارة، وتأتي لجنة تسلم القرارات التي تكون مسبوقة بمشاورات. هذه المرة لم تمر القرارات بالقنوات الفتحاوية الرسمية المعتادة. المقدح، الذي حاولت الطائرات الإسرائيلية اغتياله في الأعوام 92 و93 و96، وحتى عام 2006، بضرب منزله في مخيم عين الحلوة بالصواريخ، ليس مجرد قائد لـ«الكفاح المسلح» يرفض التخلي عن منصبه. وهو يقول: «المسألة ليست في المناصب، هذه ليست مشكلتي». ويشرح المقدح: «منذ عام 1993 إلى 1998 لم يكن لي أي موقع رسمي، ومع ذلك كنت أكبر قوة موجودة على الأرض. وكان عندي 1500 مسلح، وبقي التنسيق مع فتح، وعين شخص في مكاني، أنا الذي اقترحت اسمه. ثم شكلت بعد أوسلو ومعارضتي له قوات (13 أيلول) الأسود، وقمنا بأكثر من 300 عملية في الجنوب وفي الداخل الفلسطيني، وأسست الجيش الشعبي، وخرجنا نحو 700 مقاتل. وعام 1998، جعلني أبو عمار قائد قوات الميليشيا، وكانت علاقتي مباشرة معه. بعد انتفاضة عام 2000 أسست (كتائب شهداء الأقصى)، و(طلائع الجيش الشعبي) في فلسطين، التي كانت أهم عملياتها اقتحام وزارة الحرب الإسرائيلية. أما (كتائب شهداء الأقصى) فقامت بآلاف العمليات، منها محاولة اغتيال شارون». يسرد المقدح قصص تاريخه النضالي، ويفخر بأن اسمه على لائحة القتل الإسرائيلية، وتحمل الرقم 10، وهي تضم 38 اسما، منهم: الشيخ أحمد ياسين، وأبو عمار والرنتيسي، والسيد حسن نصر الله، اغتيل منها إلى الآن 20، لهذا يقول المقدح: «لا أحد يستطيع أن يحرجنا ويخرجنا من فتح». يقول المقدح بشكل غير مباشر بأن أحدا لن يستطيع تجاوزه. يرفض أن يعتبر نفسه أمرا واقعا لا يمكن تخطيه، لكنه حين يعدد إنجازاته، يتضح للمتكلم معه كم هو متكئ على تاريخ، يرى أن أي مسؤول في فتح يصعب عليه أن ينكره. لكن ربما أن الأهم من ذلك، قدرة منير المقدح على حفظ حبل التواصل بينه وبين مختلف القيادات، ويقال إن علاقته بالمسؤولين اللبنانيين ممتازة، كما أنه ليس بعيدا عن القوى الإسلامية في المخيمات، التي يؤخذ عليه أحيانا أنه يساندها، كما أن علاقته بمختلف قيادات فتح في لبنان وفلسطين تكاد تكون يومية. وحتى الذين لا يكنون له كبير ود لا يرغبون في معاداته أو إثارة غضبه. هذه العلاقات مع أطراف يصعب الجمع بينها، لا يجد فيها المقدح عيبا ولا مذمة، بل يقول: «لا أمن إلا بالتواصل مع كل الأطراف، بما فيها القوى الإسلامية. ربما كثيرون لا يعرفون كيف ينظم الأمن في المخيمات. لكل مخيم لجنة أمنية، ولجنة متابعة، تشارك فيها الأطراف كلها من دون استثناء. لا بد من توافق لبناني - فلسطيني كامل، ومن ثم توافق فلسطيني - فلسطيني. من دون هذه المعادلة، لا أمن للمخيمات. لذلك أرى تخطي بعض الأطراف واتخاذ قرارات متسرعة وغير مدروسة ليس في مصلحة أحد».

يبدي المقدح وهو يتكلم، تمسكا شديدا بحركة فتح، التي «يجب أن تعود كسابق عهدها، قوية، قادرة على مساندة الناس، الذين تعودوها ولا يجدون بديلا غيرها». لكن، لماذا يعمل هو مشاريعه الخاصة خارج إطار فتح؟ ألا يستفيد من ضعفها، بتقديم خدمات خاصة تحمل اسمه، بعد أن شكلت قوته المسلحة التي تأتمر بأمره؟ يجيب المقدح: «هذا غير صحيح. (مؤسسة بدر الخيرية)، التي أنا رئيسها الفخري، تأسست عام 1998، وتأتيها تبرعات من أصدقاء، وفيها 120 عضوا. عندي تقديمات إنسانية، حفرت آبارا وعمرت مستشفيات، وهناك مراكز تربوية وصحية وكفالات لليتامى، ومساعدات للطلاب، لكن هذا لمساعدة الناس، لأن غياب المساعدات يؤثر على أمن المخيمات».