خبر بانتظار ميتشيل أو « غودو الجديد » ..عريب الرنتاوي

الساعة 12:51 م|13 مارس 2010

بانتظار ميتشيل أو "غودو الجديد" ..عريب الرنتاوي

 

لا أحد يريد أن يزعج السيد ميتشيل، أو أن يعكر عليه صفو مهمته، فهو الوسيط الوحيد،ومهمته هي "اللعبة الوحيدة في البلدة"، أو كما يقال: The only game in the town، لا أحد يبادر، لا أحد يتحرك، واشنطن ومبعوثها إلى المنطقة، لديهما وكالة حصرية في كل ما خص السلام ومفاوصاته ووساطته، تشبه إلى حد كبير الوكالة الحصرية التي حصلت عليها مصر ومدير مخابراتها اللواء عمر سليمان فيما خص الحوار والمصالحة الفلسطينيين.

 

كل شيء معطّل بانتظار انتهاز ما بات يعرف بـ"فرصة أوباما"، لا أحد يريد أن يشتبك في أي من ملفات المنطقة، حتى لا تتعرض مهمة الموفد الأمريكي لأي قدر من التشويش، وإلى أن يعلن السيد ميتشيل صراحة عن نجاح  مهمته أو فشلها، سيظل الحال على هذا المنوال، مهما طال الزمن أو قصر، لا أحد يريد أن يقرأ من خارج كتاب ميتشيل، الأوروبيون، الروس وكذلك العرب، الجميع رهن الإشارة وبانتظارها.

 

وعندما تسأل ديبلوماسيا أوروبيا ذا الصلة عن حظوظ السيد ميتشيل وفرصه، تفاجئك إجابته المتشائمة والخارجة عن مألوف قواعد الحذر المعتمدة في مثل هذه المواقع والمناصب: لا تتعدى الثلاثين بالمائة، ما يعني في الحقيقة، وبالنظر لهوية أصحاب هذه الأجوبة وتأهيلهم، بأن هذه الفرص لا تتعدى الصفر بالمائة، وبأن الفشل سيكون رفيق السيد ميتشيل وحليفه، وأن صانع المعجزات في إيرلندا، يقف عاجزا عن اجتراح المعجزة في موطن الرسل وبلاد الأساطير والمعجزات والأديان.

 

تسأل عن "الخطة ب"، أو ما يسمى "Plan B"، فيأتيك الجواب، ليس لدينا مثل هذه الخطة، وأن العرب والفلسطينيين، هم من يتحدثون عن "الخطة ب" وليس نحن الأوروبيين، وأن كلمة السر في هذه الخطة هي التوجه إلى مجلس الأمن لوضع المسألة برمتها بين بيده، من دون أن يعطيك أحد ممن تلتقي إيماءة من أي نوع، تطمئنك إلى أن مصائر "الخطة ب" ستكون أفصل من مصائر "الخطة أ".

 

تحدثهم عن سيناريو "الخط ج"، الذي يبدو مرجحا إن فشلت "الخطتان أ و ب"، وهو السيناريو الذي يتحدث عن "عودة الروح" لطبعات جديدة من "الأصوليات العربية والإسلامية المتشددة"، التي لن تجهز على السلطة الفلسطينية والأمن والاستقرار والمفاوضات وعمليه السلام فحسب، بل وستعيد الاعتبار لدور هذه المنطقة كمورّد رئيس للهجرة والإرهاب، وبصورة قد "يشتاق" الغرب معها إلى حماس، و"يفقتد" اعتدالها، يأتيك من يجيب، بأن لا خلاف بأن حوارا مع حماس سيفتح "مرحلة قادمة"، وأن المسألة برمتها رهن بالظرف والتوقيت، تماما مثلما يحصل الأن مع طالبان ، وإلى "حد ما" مع حزب الله.

 

تسأل، وما الذي يعيق إجراء الحوار "الآن الآن وليس غدا"، يقال ثانية وثالثة ورابعة، بأننا لا نريد أن "نشوش" الذهن الصافي للسيد ميتشيل، أو نربك مهمته، كما أننا لا نريد أن نغضب الرئيس محمود عباس ونزيد في حرجه وضعفه، سيما وأن الرجل لا يكف عن الطلب من أصدقائه الأوروبيين عدم الحديث مع حماس إلى أن "يرسي على بر"، و"يعرف رأس عملية السلام من أقدامها".

 

"الانتظار سيد الموقف"، انتظار ميتشيل، أو "غودو الجديد" الذي لن يأتي، هذا هو الانطباع الذي تخرج بها بعد حديث "يائس" مع محاورك الأوروبي، لا أحد يتحرك ولا أحد يبادر، لا أحد يريد أن "يقرأ خارج الكتاب"، ولا فرق بين خطة وأخرى طالما أنها جميعها مبنية على الفرضيات ذاتها: خيار السلام الاستراتيجي الوحيد، المزيد من المفاوضات في حال تعثر المفاوضات، و99 بالمائة من أوراق الحل بيد أمريكا، ولا ملجأ من واشنطن إلا إليها.