خبر هاني المصري: السلطة خائفة من تكرار مصير « عرفات » معها!

الساعة 06:06 ص|13 مارس 2010

فلسطين اليوم-غزة

رأي الكاتب والمحلل السياسي هاني المصري أن القيادة الفلسطينية صعدت مرةً أخرى إلى قمة الشجرة العالية وعلّقت موافقتها على استئناف الـمفاوضات، إثر الإعلان الإسرائيلي عن بناء 1600 وحدة استيطانية في مستهل زيارة جو بايدن، نائب الرئيس الأميركي، الذي سارع إلى إدانة الخطوة بعبارات شديدة، ثم تراجع بسرعة البرق، وطالب باستئناف الـمفاوضات بعد قبوله الاعتذار الإسرائيلي الذي تعلق بتوقيت الخطوة لا بجوهرها، وطالب جورج ميتشل الرئيس أبو مازن، باعتبار الاعتذار الإسرائيلي كافياً لاستئناف الـمفاوضات.

وأضاف المصري في مقاله الأسبوعي اليوم في صحيفة الأيام المحلية أن معظم الفصائل والشخصيات الوطنية داخل منظمة التحرير، وقطاعات واسعة من حركة فتح تتحفّظ أو لـم توافق على استئناف الـمفاوضات وفقاً للشروط الإسرائيلية.

وإذا أضفنا إليهم معارضة الـمبادرة وحركتي حماس والجهاد الإسلامي والفصائل الأخرى الـمقيمة بدمشق، فسيكون واضحاً أن استئناف الـمفاوضات لا يحظى بالأغلبية السياسية والشعبية حتى قبل الإعلانات الأخيرة عن توسيع الاستيطان.

وتساءل المصري، ماذا ستفعل القيادة الفلسطينية التي أعلنت عن تعليق قرارها باستئناف الـمفاوضات لحين التراجع عن القرارات الإسرائيلية الأخيرة؟.

للإجابة عن هذا السؤال لا بد من إدراك أن القرارات الإسرائيلية الأخيرة هي رسالة واضحة جداً للجميع، ولكل من لـم يفهم بعد، مفادها أن استئناف الـمفاوضات سيجري وفقاً للشروط الإسرائيلية ودون أفق سياسي جدي، وفي وقت تحكم إسرائيل حكومة لا ترغب ولا تقدر وغير جاهزة للاتفاق على التسوية، وفي ظل عدم وجود معارضة إسرائيلية أفضل وقادرة على الوصول للحكم، بحيث إن الـمطروح حالياً وحتى إشعار آخر هو مجرد تحريك العملية السياسية، حركة بلا بركة، بما يحقق الأهداف الإسرائيلية بالتغطية على الاستيطان والحرب الـمحتملة على إيران.

ويشير إلى أن القيادة الفلسطينية أبدت الاستعداد لاستئناف الـمفاوضات، هذه الـمرة، بلا أوهام ولا آمال، بل من أجل الحفاظ على السلطة وعدم تحمل الـمسؤولية عن فشل الـمفاوضات، وخشية من العقاب الأميركي الإسرائيلي وعدم مواجهة مصير مماثل لـمصير ياسر عرفات.

ويرى المصري أن هذه الأسباب ستبقى فاعلة بحيث يؤدي ذلك إلى استمرار الـمفاوضات إلى الأبد، إذا لـم تجرؤ القيادة الفلسطينية على عدم الاكتفاء بوقف أو تعليق الـمفاوضات، بل الـمضي لبلورة بديل متكامل. فوقف الـمفاوضات بلا بديل، أسوأ من استئنافها لأنه يؤدي إلى دفع ثمن وقفها دون الحصول على الـمزايا الـمحدودة والجزئية لاستئنافها.

وشدد المصري في مقاله على أن استئناف الـمفاوضات وفقاً للشروط الإسرائيلية، يعني موافقة ضمنية على الاستيطان، وسيقوض ما تبقى من ركائز وطنية لوجود السلطة، بحيث يحولها أكثر وأكثر إلى وسيلة من أجل البقاء، ووكيلة ورهينة للاحتلال، وأن على القيادة الفلسطينية أن تدرك مرة واحدة وإلى الأبد، أن إستراتيجية الـمفاوضات الثنائية بلا مرجعية، سقطت سقوطاً مدوياً، وأن العودة إليها تعني تعايشاً مع الاحتلال واستعداداً ضمنياً للتعاطي مع مشاريعه التصفوية.

والحل بحسب المصري هو وضع إستراتيجية وطنية جديدة قادرة على توحيد الشعب الفلسطيني وقواه السياسية على أساس إعادة الاعتبار للبرنامج الوطني، وتعزيز عوامل الصمود، واعتماد مقاومة شعبية شاملة (كإستراتيجية وليس كتكتيك للضغط لاستئناف الـمفاوضات)، تشمل التظاهرات والعصيان ومقاطعة الاستيطان عملاً وتعاملاً وتجارة، والبضائع الإسرائيلية التي لها بديل محلي أو عربي أو أجنبي، وملاحقة إسرائيل دولياً حتى يتم فرض العقوبات والـمقاطعة والعزلة عليها، واستعادة البعد العربي والدولي للقضية الفلسطينية، وإعادة النظر في الاتفاقيات والالتزامات الفلسطينية وخصوصاً التنسيق الأمني.

ولكن ما الثمن؟ تساءل المصري مجددا، ويجيب أنه إذا كان الثمن لهذه الإستراتيجية انهيار السلطة، فلتذهب إلى الجحيم. مع أن الـمطلوب ليس انهيارها وإنما إعادة النظر في شكلها ووظائفها بحيث تصبح أداة في خدمة الـمصلحة الوطنية والبرنامج الوطني.

وهنا نحذر من التهويل-يقول المصري- في مسألة انهيار السلطة والعقوبات الأميركية والإسرائيلية، لأن إسرائيل والولايات الـمتحدة الأميركية والـمجتمع الدولي لن يفرطوا بالسلطة بسهولة، فانهيار السلطة يمكن أن يكون فاتحة لانهيار الوضع في الـمنطقة برمته، وهذا آخر ما يريده العالـم وآخر ما تريده إسرائيل.

وبحسب المحلل الفلسطيني، فإن إسرائيل التي باتت تدرك خطورة استمرار الوضع الحالي، وأنها لا تملك خيارات الضم الجماعي والترحيل الجماعي، تريد استمرار السلطة ولا تعارض تحولها إلى دولة حتى تتجنب خطر الدولة الواحدة. ولكنها تريد للدولة الفلسطينية العتيدة أن تكون محمية إسرائيلية وألا تقوم على جميع الأراضي الـمحتلة العام 1967.

وأكبر دليل على الحاجة الإسرائيلية والدولية للسلطة يضيف المصري، هو أن إسرائيل لـم تدفع بانهيار السلطة بعد إعادة احتلالها للضفة الغربية بعد عملية السور الواقي، آذار 2002، وأن الـمساعدات الخارجية للفلسطينيين في فترة حكومة حماس التي تشكلت عام 2006 كانت أكثر بنسبة 30% عن الـمساعدات التي قدمت للحكومة السابقة لها. الفرق الذي حدث هو أن معظم الـمساعدات التي كانت تقدم للسلطة مباشرة تم تقديمها للـمنظمات الأهلية والقطاع الخاص.

ويخلص المصري إلى انه إذا استمرت القيادة في خشيتها من انهيار السلطة وتريد الحفاظ عليها بأي ثمن، فإنها ستتنازل باستمرار ليس دفاعاً عن الحقوق الفلسطينية بل عن مصالح أفراد وشرائح ازدادت غنى ونفوذاً في ظل هذا الواقع وتريد الاستمرار به على حساب الـمصلحة الوطنية!!.