خبر وفي قلبها غضب .. يديعوت

الساعة 01:54 م|12 مارس 2010

بقلم: جدعون مارون وعوديد شلوم     

طائفة حي الشيخ جراح تقع في أعلى زقاق علي بن ابي طالب. "اهلا وسهلا في حي شمعون الصديق"، تستقبل  القادمين لافتة تسترعي الانتباه على حائط المبنى. وفي الخارج يسارع حارس شركة "مودعين ازراحي" للخروج نحو الزوار غير المعروفين.

يرشدنا الفتى العربي  الذي يسكن ازاء عائلة برونشتاين في الازقة الضيقة. ما ان بدأ الشاب يبين من يواجه من، حتى سارع الحارس وقطع الحديث. انه شاب شديد الجسم، المسدس في حزامه، وجهاز الاتصال في درعه، ولهجته روسية ثقيلة. "لا تصوروا"، قال في غضب لعطا المصور، "اذا صورت فسأكس آلة تصويرك".

جلنا ساعة طويلة بين بيوت الحي الذي ما زال يسكن فيه عرب، لكنهم اخذوا يقلون ويدخل بدلا منهم سكان جدد من المستوطنين – ولم يتركنا الحارس. صحبنا كالظل، ووقف الى جنبنا وأنصت الى حديثنا مع السكان العرب، وهو يبلغ طول الوقت المسؤول عنه بجهاز الاتصال. تسكن ثماني عائلات يهودية ونحو من 20 من طلاب معهد ديني الشيخ جراح. ويحرسهم حارسان تدفع الدولة اجورهما.

في بيت عائلة برونشتاين تفتح لنا الباب شابة، على رأسها نقاب ملون. "أنا آسفة، لا أتحدث الى وسائل الاعلام"، قالت وصفقت الباب.

فوق ما كان بيت عائلة حنون ويسكنه اليوم مستوطنون آلة تصوير حراسة، تصور ايضا مدخل بيت عائلة صباح. ما تزال عائلة صباح الموسعة تسكن بيتها لكن يغشاها ايضا أمر اخلاء. اعتقل الابن الشاب في يوم الاثنين على اثر شجار نشب في الحي بين السكان العرب  واليهود. وشقيقته صابرين موجودة وحدها في البيت وتقول لنا وللحارس ان العائلة في خوف كبير من الاخلاء القريب.

هي في العشرين من عمرها، ولدت هنا، لكن عائلتها في الاصل من يافا، من حي العجمي، من لاجئي 48 الذين هربوا من بيوتهم وحصلوا على بيت في الحي المقدسي من الحكومة الاردنية. "يريدون الان جعلنا لاجئين للمرة الثانية"، تقول. لا يتركنا الحارس ويتمسك بعمله ويشعر الجيران العرب الذين يجتمعون حولنا بعدم الارتياح.

غشي ضباب كثيف العاصمة في يوم الثلاثاء. قيظ جاف. التنفس خانق. وقد لاءم مزاج السكان حالة الجو فقد كان رماديا، وخانقا مع احتمال عاصفة. في كل مكان زرناه في هذه المدينة المختلفة، تحدث معنا الناس عن قدر ضغط، وعن صبر ينفذ وعن شغب أخذ يقترب.

في الظهيرة تحدثنا الى عنصر أمني رفيع يعلم خبايا المدينة. في حين كان يشكو لنا من "الاقوال التي لا حاجة اليها الخطرة للساسة، التي قد تشعل المدينة كلها"، نشأت أزمة بايدن. ففي حين كان  نائب رئيس الولايات المتحدة جو بايدن، يستعد لوجبة مع رئيس الحكومة، اعلنت اللجنة اللوائية للتخطيط والبناء بأنها اجازت للايداع خطة لاقامة 1600 وحدة سكنية في حي رمات شلومو شمالي القدس، الموجود وراء الخط الاخضر.

بسبب الملك داود

جلنا يومين في احياء شرقي المدينة ولم ينجح احد من السكان الفلسطينيين في ان يضع اصبعه على المركز الذي اشعل احداث الشغب الاخيرة. ربما لانه لا يوجد مركز واحد بل ركام أخذ يزداد لنقط الاحتكاك في الاحياء التي تحيط بالبلدة القديمة وفي داخلها، والتي تحدث توترا وضغطا يهددان بالانفلات واشعال المدينة. ففي سلوان، والشيخ جراح، والطور، ورأس العمود يعيش السكان العرب مع شعور بأنهم يوشكون أن يبعدوا عن بيوتهم وأن يدخل بدلا منهم سكان يهود. هذا برميل بارود قد ينفجر في وجوهنا جميعا.

        امتد عند مدخل حي سلوان صف طويل من حافلات السياح والسيارات. تستقبل لافتة مدينة داود؟ من يدخل الحي. قبل اسبوع فقط اطلقت طلقات على سيارة جيب لحراس السكان اليهود مرت في أزقة القرية.

هذا حي بنيت بيوته على منحدرات، وتتلوى شوارع ضيقة خطرة حادة وترتفع نحو البيوت. في الشارع الذي يشق الحي يعلو "بيت يونتان" كنقطة علامة صارخة. يرف علم اسرائيل ضخم على السطح، يمتد طبقات سبعا حتى أسفل المبنى. ان منظره الذي يرى من كل ركن في الحي منديل أحمر للسكان.

زادت خطة "حديقة الملك" وفكرة "تبييض" البيوت لرئيس بلدية القدس، نير بركات، مستوى التوتر في الحي. في يوم الجمعة الاخير خرج السكان الى الشوارع وواجهوا الشرطة. قبل ذلك سجل في الاشهر الاخيرة ارتفاع حاد لعدد احداث رمي بيوت المستوطنين في الحي بالحجارة والسيارات المدرعة التي يسافرون فيها. اعتقل صغار اشتبهت الشرطة فيهم انهم رموا الحجارة في جوف الليل في بيوتهم، وكأنهم اعضاء في منظمة ارهابية خطرة، وهذه خطوة لم تسهم في طمأنة شعور السكان المحليين بالمطاردة.

يستقبلنا مراد شافي، من سكان المكان في خيمة الاحتجاج التي نصبت فوق ارض البستان. 88 بيتا في الارض لم يبن احد منها برخصة. تشتمل خطة البلدية لاقامة حديقة سياحية دولية في المكان على هدم جزء كبير من المباني وترخيص الباقي. يعارض السكان ذلك بطبيعة الامر بقوة، ولا سيما ازاء الواقع اليومي الذي يشهدون فيه يهودا يدخلون للسكن في الحي اكثر فاكثر.

يدبر شافي وهو في السابعة والثلاثين نضالا قانونيا في مواجهة السلطات التي تريد ابعاده عن بيته. وهو يرى خطة بركات "آثمة غبية، وترحيلا مكشوفا للسكان. ليس من المنطقي أن يرحل 1500 من سكان المكان لان الملك داوود مشى هنا قبل ثلاثة آلاف سنة. أيهما أهم، الملك داود أم الشخص الذي يعيش هنا في الحاضر؟".

انه يعمل معلم تربية خاصة في ابو ديس، وهو متزوج ووالد لثلاثة اولاد صغار. "أبي وجدي ووالد جدي ولدوا هنا. كان جدي يقول اذا ملأت الجرة فوق احتمالها فان الماء ينسرب منها. وهذا ما يحدث هنا. أخذ الضغط يزداد وسيخرج ذلك عن سيطرتكم. اذا هدموا بيتي كما يخططون فان ابني سيتضرر ويصبح حشاشا او مخالفا للقانون او لا أعلم ماذا. يفضي الضغط الى اشياء لا اريدها لا انا ولا انتم".

-ما الذي تقصده؟

-"احداث الشغب التي لا تريدونها لا انتم ولا انا، الانتفاضة الثالثة".

اربعون ولدا معتقلون

يتردد مصطلح الانتفاضة الثالثة هنا على كل لسان. يؤمن الناس بأنها آتية وفي القريب. ليس واضحا هل الحديث عن كلام من أجل الاثارة او التهديد بسوط الصدام العنيف. لكنهم في اسرائيل ايضا يعلمون جيدا انه اذا وقفت المسيرة فستحين لحظة الانفجار. يوجد عند جهاز الامن "مقياس احتمال الانتفاضة" الذي يعتمد على اشارات في الميدان. بعد اعلان ان مغارة المكفيلا موقع تراثي سجل ارتفاع للاشارات ظل يرتفع على أثر احداث سلوان والشيخ جراح. ما زال المقياس لم يبلغ المستوى الذي يشهد على انتفاضة قريبة، لكن يجب ان نتذكر ان اسرائيل فوجئت ايضا عندما انفجرت الانتفاضتان السابقتان.

يقول شافي ان الضغط على السكان، والخوف من انهم قد يجدون انفسهم مطرودين من بيوتهم، يؤثر كثيرا بالاولاد الصغار.

كان هنالك آباء استدعوهم للاتيان الى المدرسة لان ابناءهم أتوا بلعب في حقائبهم بدل الكتب الدراسية. وعندما سألوا الاولاد لماذا وضعوا اللعب قالوا انهم يخافون من ان يطرحوهم من بيوتهم وتبقى اللعب هناك.

يقول احد السكان في الـ 42 من عمره ان سكان الحي العرب يشعرون باختناق. "صحيح انهم يبنون هنا بلا رخص، لكن هذا لاننا لم نحصل قط على رخص. نحن نتعرض لهجوم من السلطة الاسرائيلية، وأوامر هدم وخطط اخلاء وفي مقابلة ذلك دخول مستوطنين الحي. واضح ان هذا يؤثر في الاولاد".

يسكن وادي حلوة المعروف بأنه منطقة مدينة داود في سلوان، 60 عائلة اسرائيلية أي نحو من 250 نسمة. ويسكن الطور 7 عائلات. وفي رأس العمود، تشتمل البقعة اليهودية المسماة "معاليه هزتيم" على 53 عائلة ويخطط هناك لمشروع بناء آخر لـ 60 وحدة سكنية. يوجد في غات شمنيم عائلة يهودية واحدة، مع حارس واحد تسكن في قلب حي عربي. وفي "بيت يونتان" و "بيت العسل" تسكن عشر عائلات اي نحو من ثلاثين نسمة. اليهود في سلوان كما في الاحياء الاخرى محاطون بآلات تصوير حراسة، ويعيشون وراء شبابيك حديدية وأسوار عالية.

هذا لا يمنع رمي المستوطنين بالحجارة: فبحسب معطيات الشرطة، وقعت في السنة الاخيرة 1200 حادثة رمي حجارة في شرقي المدينة. الشرطة في وضع غير ممكن تقريبا: فهي من جهة تجد نفسها يهاجمها اليمين لعلاجها عرب الحي باللين، ومن جهة اخرى يهاجمها اليسار لشدة هجومها على اولئك المشتبه بهم.

سمعنا في خيمة الاحتجاج عن أ، ابن د سائق سيارة الاجرة، وهو في الثانية عشرة وبضعة اشهر أتت الشرطة لاعتقاله في الرابعة صباحا بشبهة رمي الحجارة. قال السكان ان الشرطة اعتقلت منذ كانون الثاني الاخير نحوا من سبعين ولدا في الحي للشبه نفسها. بحسب معطيات منظمة "بتسيليم" اعتقل اربعون ولدا في سلوان "فقط"، يسكن 25 منهم جيرانا لـ "بيت يونتان".

عندما صعدنا في السيارة في الطريق الضيق المفضي الى مبنى المستوطنين العالي، لعب الاولاد غير بعيد. انهم حذرون من ان لا يقتربوا كثيرا "لانه سيخرج الحارس علينا ويستدعي الشرطة". خرج الينا الحارس من الفور بعد أن رننا الجرس. فتح كوة ضيقة ونظر منها الى الخارج. كان يلبس درعا وكان مسلحا بمسدس وكان جهاز الاتصال معلقا في كتفه. طلبنا الحديث الى سكان البيت. طلب ان ننتظر وبعد دقيقة عاد يؤدي جواب السكان بالرفض: "ليسوا معنيين بالحديث اليكم".

-اتسكن هنا؟

-"أنا؟ معاذ الله، أنا اسكن هناك"، اجاب الحارس وأشار الى اتجاه الغرب. بعد ذلك صفق الباب في وجوههنا.

"لا يأتي اليهود ليساكنونا بجيرة حسنة"، يقول علاء عودة الذي يسكن بجوارهم. "يبحث حراسهم دائما عن مشكلات، ويوجهون الينا اوامر ولا يدعوننا نمر قرب المبنى. انظروا الى مبلغ ضيق الشارع، كيف لا يمكن المرور قرب مبناهم؟

"مكثت في السجن ثلاث سنين بسبب هذا المبنى، قالوا انني رميت زجاجة حارقة. لكن في أعلى بيت للمستوطنين، زوجين شابين مع اطفال. منذ انتقلا الى هناك وعائلة الرجبي على خطر. يوجد هناك ستة اشقاء، خمسة منهم في السجن بسبب المستوطنين. مات والدهم بالذبحة بعد أن رموا قنبلة دخان في بيتهم. أتى المستوطنين الى هنا بالمشكلات فقط. بسببهم يعتقلون الاولاد الصغار ويحققون معهم وكأنهم انتحاريون".

لا يفهم أودي روجينس، مدير الدعاية في مدينة داود لماذا الجلبة. "توجد علاقات جوار ممتازة منذ سنين طويلة بيننا وبين السكان العرب في الحي"، يقول. "هذه علاقات احترام وعمل وتقدير متبادل. لم نأت حقا لنحل محلهم بل لنعيش الى جنبهم. الاستيطان في مدينة داود يمكن اليهود بعد الفي سنة من العودة والسكن بالمكان الذي حدثت فيه كثير من قصص التوراة. نحن نعيش في دولة غربية وديمقراطية يستطيع كل انسان فيها ان يشتري عقارا ويبيعه. كما يستطيع العرب شراء بيوت وأملاك في غربي المدينة، كما في كريات يوفيل والتل الفرنسي وتل بيوت ومركز المدينة وكل مكان آخر في البلاد، يجب ألا تكون هنالك مشكلة لليهود في أن يشتروا بيوتا في كل مكان في  القدس".

جميع المجانين مدعومون

ان شرطة القدس وهي الجهة الوحيدة ذات الصلة اليومية بالسكان المحليين موجودة في المقدمة. المشكلة انها لا تعلم دائما نيات المستوى السياسي الموجود في الخلف. يوجد في الشرطة اكثر من مرة شعور بأنه يوجد ساسة يتكلمون ويصرحون  تصريحات بغير ان يعرفوا الوضع في الميدان، وبغير ان يفكروا ماذا ستكون الآثار.

في المعدل تحرس الشرطة ما بين 80 الى 100 عملية هدم بيوت في شرقي المدينة كل سنة. لم تتم في الاشهر الاخيرة حتى عملية هدم واحدة بسبب الوضع القابل للانفجار في الميدان. منذ وقت قريب تحدث قائد المنطقة، اهرون فرانكو في محاضرة حاضرها عن الوضع في المدينة "كنت اود ان يبلغوا شرطة القدس بالاجراءات المخططة كي نستطيع الاستعداد بحسب ذلك. توجد حساسيات نحن متنبهون لها، ومن المهم ان يتحدثوا الينا سلفا".

هذا ما كان ايضا مع تصريح رئيس البلدية بركات عن مشروع "حديقة الملك" في سلوان، الذي اشعل الحي. اضطرت الشرطة الى مواجهة النتيجة. تقوم الشرطة في جبل الهيكل في مواجهة شاغبين من الجانبين، من العرب واليهود ايضا. يكفي ان يصرح هاذن واحد على ان مخلصي الجبل يريدون في عيد الفصح صعود الجبل لتقديم قربان حتى تقلق المنظمات الاسلامية المتطرفة وتعلن استعدادها في الجبل لمواجهة "المحتلين". ولا يهم ان الشرطة لا تجيز لرجال اليمين  المتطرف صعود الجبل.

في يوم الجمعة الاخير نشبت مظاهرات على اثر اشاعة صعود متطرفين من اليمين في الجبل. جرح 24 شرطيا في احداث الشغب، خرج خمسة منهم مع كسور في الارجل والايدي. والان توجد اشاعة قوية عن 16 من الشهر في يوم الثلاثاء القريب، من غد افتتاح كنيس "هحوربا" في الربع اليهودي في البلدة القديمة. تقول الاشاعة ان افراد اليمين ينوون صعود الجبل واجراء طقوس فيه. اي طقوس؟ لا يعلم احد، وقد اهتمت الشرطة ايضا بالطمأنة وباعلان انه لن تجرى اي طقوس في الجبل. لكن هذا لا يغير من الامر شيئا. فقد اصبحت الاشاعة في الخارج.

عندما وصلنا باب العمود في يوم الاثنين رأينا جماعة من النساء، برئاسة عضوة المجلس التشريعي الفلسطيني، جهاد ابو زنيد، من سكان مخيم اللاجئين شعفاط، التي قررت الاحتفال بيوم المرأة العالمي بمسيرة احتجاجية نحو جبل الهيكل. لم تجذب المظاهرة كالمأمول أناسا كثيرا. رفعن لافتات وصرخن بشعارات عن استعدادهن للدفاع عن الحرم القدسي حتى موتهن، وهب على آثارهن مصورون محليون وسياح.

في مقهى صغير داخل الاسوار، قرب باب العمود، التقينا علي جدة. هو في الستين من عمره، اسود البشرة. فقد أتى أبوه كما قال الى هنا من التشاد. جدة شخص معروف في شرقي المدينة. لا يكف السابلة عن تحيته وهم يمرون قرب المقهى. قال انه مكث في السجن الاسرائيلي منذ 1968 الى ان اطلق بصفقة جبريل في 1985. "كنت 17 سنة في سجن صغير وأنا الان في سجن كبير"، يقول، "السلطات تضغط على الناس اقتصاديا واجتماعيا، وهي تدفعنا الى الزاوية".

الهدف: عقدة

في الشيخ جراح، من الغد حدثنا عبد سكافي، جار عائلة صباح التي هربت من يافا 1948 عن والديه. لقد هربا من اللد الى اقرباء في الخليل وأتيا هنا بعد ان سمعا ان الحكومة الاردنية تبني حيا للاجئين. "كان في الحي هنا حقل، لا بيت ولا شجرة. حقل فارغ. الان يأتي اليهود ويقولون "هذا لنا"، يظهرون شهادات من الاتراك على ان الارض لليهود. أعيدوا بيتي في اللد لانصرف من هنا في خمس دقائق. طردوا خمس عائلات و28 في الطريق. كلنا لاجئون. من الصرفند ومن الطالبية ومن اللد، ومن يافا، الكثير من يافا. أعيدوا بيوت آباءنا وسيكون آنذاك ما نتحدث فيه"

عندما ننظر في الخريطة ونرى نقط الاستيطان اليهودي في الاحياء العربية، تتضح النية وراء الطريقة. تقول اورلي نوي متحدثة "عير عميم"، وهي جمعية اسرائيلية تعالج القضايا السياسية في القدس في قصد الى تقديم شروط احراز تسوية متفق عليها في المدينة، ان منظمات اليمين لا تخفي نيتها. "هدفهم انشاء نقط استيطان اخرى حول البلدة القديمة، وحول الحوض المقدس، الذي هو لب النزاع في القدس".

-وماذا يحرزون بذلك؟

-"عقدة. انهم يجعلون الواقع السياسي في الميدان عقدة لا يمكن حلها، كي يمنعوا حينما يحين الوقت كل امكان للتوصل الى تسوية سياسية يصحبها تقاسم السيادة. في كل يوم يمر يصبح الوضع اشد تعقيدا هنا".

هذه عقدة لا مثيل لها في اي مكان في عالمنا: لقد سكن نحو من الفي يهودي في قلب احياء فلسطينية في شرقي القدس في مطلع السنة الماضية والاعداد منذ ذلك الحين في ازدياد. كلهم في احياء ستوضع على المائدة في كل تسوية في المستقبل. في هذه الاثناء حتى التسوية ستجلى عائلات عربية اخرى وتزيد الكراهية.

في عيد المساخر الاخير احتفل السكان اليهود في الشيخ جراح وأنشدوا أناشيد مدح لباروخ غولدشتاين المخرب اليهودي في مغارة المكفيلا. يقول اسكافي انه جلس في البيت وكان جسمه كله يرتجف. "من الخوف والاشمئزاز. لا اريد جيرانا كهؤلاء. ما الشر الذي فعلناه لماذا نستحق هذا؟".