خبر الانفجار مع بايدن- يديعوت

الساعة 09:31 ص|11 مارس 2010

كله سياسة

بقلم: ارئيلا رينغل هوفمان

(المضمون: اذا ما خرجت مخططات البناء الى حيز التنفيذ فان هذه المدينة، القدس ومحيطها، لن يعود ممكنا قصها الى اثنين - المصدر).

صحيح ان هذا أمر هامشي ولكنه مطلوب جدا لدرجة أنه يكاد من المتعذر الفرار من الانشغال بالصورة المتحطمة. كيف أن رئيس الوزراء قصد الخير، أعد هدية جميلة، وضعها جانبا حتى ينهي الترحيبات، وقبل لحظة من أن يقدمها للضيف المبجل، نائب الرئيس الامريكي جو بايدن قامت بحركة غير حذرة بمرفقه فحطم اطارها الزجاجي.

 اذ هكذا، الى هذا الحد او ذاك، بدت كل هذه الزيارة هنا. ما بدأ حملة لتقريب القلوب، وانتهى، او شبه انتهى بانفجار من النوع الذي يستدعي توظيف الكثير من الوقت والطاقة لجمع وربط الحطام عن البساط. فليس في كل يوم يبقي نائب رئيس الولايات المتحدة، رئيس الوزراء وزوجته بانتظار ساعة  ونصف الساعة لوليمة عشاء مقررة مسبقا. من جهة اخرى، في دولة سليمة لا يدعى النائب وتعد له مفاجأة للوجبة الاولى: بيان من اللجنة اللوائية للتخطيط والبناء بانها اقرت للايداع خطة لبناء 1.600 وحدة سكن في رمات شلومو خلف الخط الاخضر بالطبع.

صحيح أن هناك شيء ما يثير الشفقة في سلوك رئيس الوزراء المحوط بالزعران الذين يعلمونه كل مرة من جديد من يدير هنا البسطة ويجبرونه على ان ينتج سلسلة طويلة من الاعتذارات. مرة حول سيرك المحاكمة الميدانية التي نظمتها وزارة الخارجية للسفير التركي، ومرة اخرى مع الاقرار الحالي في ايام تبذل فيها جهود كبرى لتهدئة الخواطر في الضفة، لمنع تحول المظاهرات الى انتفاضة ثالثة ومحاولة الانسجام مع ما يسميه الامريكيون محادثات  تقارب. حتى لو كان الجميع، وعلى ما يبدو عن حق يقدرون بانه في المدى القريب لن يخرج من هنا أي شيء على الاطلاق.

 ماذا يشبه هذا؟ ابوان يقفان بافواه فاغرة حين يفشي الابناء للضيوف اسرارا داخلية. يسلمون ما يجري حقا خلف المظهر المبتسم، ما لا تطيقه الام وما يظنه الاب عن نسيبه. فقط المشكلة هنا ليست في الهدية التي تحطمت امام ناظر الضيف المذهول. المشكلة هي ازدواجية اللسان، ثقافة الخلطات، محاولة امساك العصا من طرفيها، غش الادارة الامريكية، قول شيء آخر وعمل عكس ما يقال.

لا يوجد أي شيء بالصدفة في رفع الخطة للايداع، بتوجيهات من وزير الداخلية ايلي يشاي، وباقرار جاء في ذروة الزيارة. التبرير الذي وقف خلف كل هذا هو الرغبة في حل ازمة السكن للسكان اليهود والعرب، كما زعمت وزارة الداخلية. ان هذا حتى ليس مضحكا.

  ليست هذه حلول السكن، هذه قولة سياسية – داخلية وخارجية – لا لبس فيها، هذا تصريح للنوايا لا يمكن الخطأ فيه. اللجنة اللوائية للتخطيط والبناء صادقت على اقامة نحو 1.000 وحدة سكن في جيلو؛ تخطط لتوسيع مكثف لمدينة معاليه ادوميم، التي ستغلق الرحاب الذي بينها وبين القدس؛ توجد مخططات لاقامة حي جديد "حي يعيل" مع 15 الف وحدة سكن، على اراضي قرية الولجة العربية لملء الفراغ بين حي مناحيم، في جنوب المدنية، وجيلو؛ توسيع عطروت في الجانب الاخر؛ شاعر تسيون في الشسق قرب عناتا، كدمات تسيون في منطقة ابو ديس؛ وهذه قائمة جزئية فقط.

بعض من هذه الخطط توجد في مراحل متقدمة، بعضها لا يزال في الهواء، ولكنها جميعها، دون أي استثناء، تنطوي في داخلها على ذات التصريح: اذا ما خرج الى حيز التنفيذ فان هذه المدينة، القدس ومحيطها، لن يعود ممكنا قصها الى اثنين. بالضبط مثلما قال لي النائب يعقوب كاتس من الاتحاد الوطني، بعد وقت قصير من خروج ارئيل شارون بخطة فك الارتباط: "في يهودا والسامرة، ما بناه اريك حتى شارون لا يمكنه أن يزيحه".

هذا ما يفهمه الامريكيون، وهذا يفهمه ايضا نتنياهو وايلي يشاي. ولا يوجد هنا، مثلما يخيل للحظة، مجرد موضوع مجاملات سيئة. يوجد هنا قول واضح لا يمكن لنتنياهو أن يتملص منه بقوله: "لم اعرف". هذا القول، اذا عدنا الى البداية، هو صورة عالم كاملة من شأنها ان تتحطم في وجهنا جميعا.