خبر يهودية ام اسرائيلية .. هآرتس

الساعة 10:57 ص|10 مارس 2010

بقلم: ألوف بن

الاحتلال مات. انتهى. لا، لا في المناطق: فالفلسطينيون في الضفة الغربية يأملون التحرر من السيطرة الاسرائيلية، ويقفون على الحواجز ويصارعون جيرانهم المستوطنين على تل آخر وكرم زيتون آخر. لكن في هذا الجانب من جدار الفصل، قلة فقط معنيون بما يحدث في جانبه الاخر. ما يزال الجدل في المناطق يشغل متطرفي اليسار واليمين الذين يأتون ليصرخ بعضهم ببعض في الشيخ جراح، لكنه لم يعد يعرف الجدل السياسي في اسرائيل.

يتصل السؤال الرئيس في الجدل العام اليوم بالهوية الوطنية لاسرائيل: ما هو القسط الصحيح بين عناصر المعادلة "دولة يهودية وديمقراطية"، وبين الماضي والمستقبل. تجري المعركة على نفس التيار العام، على الكثرة المتقلصة من الاسرائيليين العلمانيين والمحافظين. ان التغييرات السكانية تزيد من قوة الحريديين والعرب، لكن بسبب الفروق الثقافية والسياسية بين هاتين الجماعتين، سيسيطر الاسرائيلون – اليهود الذي يسافرون في السبت ولا يرتدون ملابس الصلاة، على الدولة في المستقبل ايضا.

يحصر رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو عنايته منذ معاودته الحكم بعرض اليهود على انه الممثل الحاضر للفكرة الصهيونية، يرى نتنياهو نفسه مواصلا لطريق هرتسيل، او في الاقل مفسره الحديث ويكثر الاقتباس من كلامه. ان طلبه المركزي من الفلسطينيين الذي كرره مع بدء التفاوض غير المباشر اول من امس هو ان يعترفوا باسرائيل على انها "دولة يهودية". الرفض الفلسطيني يخدم نتنياهو في الجدل الداخلي فهو يقول انا أصر على المبادىء الاساسية وعلى حقوقنا التاريخية في مقابلة حكومات اليسار التي تخلت منها.

يقف توجه نتنياهو في أساس خطة التراث القومية التي اعلنها في الشهر الماضي، وفي أساس المبادرات التعليمية لوزير التربية جدعون ساعر. ان دعوة ضباط الجيش الاسرائيلي الى المدارس، وتخليد من جرت عليهم المآسي، وعرض منظمات اليسار على انها متعاونة مع "حملة سلب الشرعية" العالمية لاسرائيل، والطلب من الفلسطينيين أن يستبدلوا بالرواية ويعترفوا بالصلة اليهودية بأرض اسرائيل، كل اولئك يندمج في الجهد نفسه. يحاول نتنياهو ان يحيي رموز البنغوريونية: الكتاب المقدس، الجيش الاسرائيلي، وعلم الآثار، وترومبلدور وتال حاي. "يجب ان يعرف الشعب ماضيه ليضمن مستقبله" يقال نتنياهو ابن المؤرخ.

ان عقيدة نتنياهو، التي يمكن ان نسميها "رأس مالا وطنيا"، تدخل تحت نفس السقف السياسي المهاجرين من روسيا، الذين يشايعون الرسالة الرسمية لدولة قوية، والحريديين الذين يشايعون الرسالة "اليهودية". في نظر رئيس الحكومة، أناس المعسكر الخصم مصابون بالضحل الثقافي، و "تضاؤل العلم والنفس"، والغرق في تنمية الذات والايمان المخطوء بأنهم "كونيون". هذه التعبيرات، من خطبة نتنياهو في مؤتمر هرتسليا الاخير، تسمع مثل ترجمة مغسولة لـ "اليساريين نسوا ماذا يعني ان تكون يهوديا" من الولاية الماضية.

يقوم ازاء قومانية نتنياهو معسكر غير متبلور، يريد ان يعزز العنصر الديمقراطي في معادلة الهوية وان ينشىء "دولة اسرائيلية". تنحصر عقيدته في الانفتاح للعالم. في السعي الى انفتاح اسرائيل على انها دولة غربية ليبرالية، لا غيتو حصين عدواني. وبتبني العناصر الاجتماعية من ميراث بن غوريون الى الاشتراكية الجديدة، في اهتمام للضعفاء واللاجئين وحماية البيئة – لكن ايضا في تقليد نماذج نجاح عالمية مثل شاي اغاسي وبار رافائيلي. ترمز تسيبي لفني الى هذه القيم، وان لم تعلم انها كذلك، فقد   دفعها ناخبوها الى هناك في المعركة الانتخابية. والسؤال هل تقود المعسكر بعد ذلك ايضا والى اي اتجاه، ما يزال سؤالا مفتوحا.

يسدد نتنياهو الى التيار العام الذي يحب الجيش ويتصل بالرموز القومية. واليسار ممزق بين المصلحة السياسية التي تقتضيه ان ينضم الى العرب وان يدمجهم في المجتمع اليهودي، وبين رغبته في الشرعية التي تفضي به الى مواقف اكثر التزاما للامن وأقل ديمقراطية. هذه الحيرة تخدم اليمين وتضمن سلطانه في هذه الاثناء.

أدولة يهودية أم اسرائيلية، هل الوجه للماضي أم للمستقبل، للانطواء ام للانفتاح – هذه هي خصائص الجبل الحاضر في صورة اسرائيل. ان الاختلاف في مستقبل المناطق، اذا كان موجودا اصلا يشتق من ذلك فقط. أين توجد نتسهار؟.