خبر محادثات التقارب .. يديعوت

الساعة 10:55 ص|10 مارس 2010

بقلم: يوعز هندل

مرة اخرى زيارة مبعوثين امريكيين، محققي سلام مواظبين، مرة اخرى اعلانات عن محادثات مع الفلسطينيين ومرة اخرى خطابات ترمي الى ضمان ما لا يمكن تنفيذه. ومثلما في مسرحية سبق أن شوهدت عشرات المرات – الزوار والمضيفون، يهزون رؤوسهم موافقين، الصحف مليئة بالعناوين الصارخة، السياسيون يلمحون، والكلمات (تلك التي يفترض بها أن تحدث التغيير) غامضة وعالية لدرجة أنها تختفي في الفضاء دون ان تلتقط. وليس هناك من يشير ويقول بالفم المليء بان الملك عارٍ. وليس هناك من يقول ان ليس كل مشكلة تحل في حديث.

متى بالضبط اصبحنا منتجي وهم سلام؟ متى بالضبط اصبحنا مستهلكي "زيارات الكبار"، و "اللحظات الكبرى" – عديمة كل معنى؟ كيف حصل ان بالذات اليسار القديم ذاك الذي حلم ذات مرة عن محادثات وحل وسط، يشجع تنمية الجهل الموسمي هذا؟ من أي مصدر تخرج الدعوات المكفهرة للقفز الى العربة، لاستغلال الفرصة التي لا تعود، لابداء الجدية وباقي انواع الاقتراحات، في الوقت الذي واضح فيه للجميع بان هذه مجرد مسرحية؟

هم يأتون الى هنا، الميتشيليون، ببدلاتهم الغامقة الباهظة الثمن، ينظرون الينا نظرة لاذعة مليئة بالحكمة والمال. يزورون الزعماء، يزاودون اخلاقيا بعض الشيء، يهددون احيانا، ولكن دوما في النهاية يطيرون عائدين باياد فارغة ودون أن ينجحوا في أن يفهموا من اين حقا سحب البساط الاحمر من تحت أقدامهم.

هذا ليس هم، بل نحن. منظمات اسرائيلية هي التي تشجع الصناعة المتفرعة للسلام، الضغط على اسرائيل والفلسطينيين – في تضارب تام مع المصلحة المشتركة في تهدئة المنطقة. زعماء اسرائيليون هم اولئك الذين يتحدثون بالانجليزية عن حلول لا يمكن لاحد ان يطبقها.

الامريكيون يبيعون اضغاث احلام، ولكن هذه انتجت هنا. في كل مرة يصعد فيها رئيس وزراء اسرائيلي الى منصة الخطابة ويكرر كالببغاء املاءات البيت الابيض – السلام الحقيقي يبتعد اكثر فأكثر. في كل مرة يجد فيه زعيم فلسطيني نفسه مكبل بطاولة المباحثات، كبيرة تكون الاحتمالات للعنف المتجدد. من حقا يريد هنا السلام، يجدر به أن يكف عن ربطه بكلمة "الان". هيا نبدأ في ادارة هذا النزاع، ومن هناك ننتقل الى الحالة الطبيعية نسبيا، وبعد ذلك يكون ممكنا احتساء القهوة والحديث حول الطاولات الفاخرة.

السنتان الاخيرتان كانتا طيبتين لعلاقات اسرائيل والفلسطينيين. كتائب الجنرال دايتون الامريكي تنتشر في المنطقة، التعاون معها معقول، وفي هذه الاثناء في الجيش الاسرائيلي يحرصون على ملء ثغرات الطرف الاخر – سحق الارهاب، وبالاساس المعارضة لابو مازن من حماس.  السبب الوحيد في أنه يوجد هدوء نسبي هو ان الامريكيين ومحبي السلام الاسرائيليين نزلوا عن اكتافهم لفترة زمنية طويلة. بدون محادثات، بدون مبادرات بعيدة المدى وبدون محاولة تحويلهم الى ما لا يفعلونه. الهدوء بدلا من الحديث عن الهدوء. هذا كان كل ما يحتاجونه كي ببدأوا بالعمل على الارض، بتعزيز قوة فتح، ببناء اجهزة حكم جديدة، مؤسسات قيادية.

المحادثات معناها قرارات حاسمة سياسية، وهذا ما هم غير مستعدين له. ولن يكونوا مستعدين له في العقد القريب القادم. حتى وان لم يكن صباح غد أي مستوطن في السامرة، فان ابو مازن لن يكون قادرا على ان يتخلى عن حق العودة، عن القدس. تعليم السلام، الحل الوسط السياسي، يستغرق جيلا وأكثر. في هذه الاثناء ينشغل الفلسطينيون بالبقاء فقط. اذا كان اليسار الحالم يحتاج الى الفياغرا الدورية له – المحادثات، الزيارات ومبادرات السلام الجديدة – فليتفضل ليجدها في نزاعات اخرى. هنا نحتاج بالاجمال الى هدوء نسبي. اما السلام فبعد ذلك.