خبر خطة الانسحاب على مراحل من هضبة الجولان- نظرة عليا

الساعة 11:35 ص|09 مارس 2010

بقلم: شلومو بروم

 (المضمون:  تصريحات المعلم حول السلام التدريجي بين سوريا واسرائيل ليست جديدة ولا تتضمن بشرى مميزة، بل تكرر السياسية الثابتة لسوريا في التسوية مع اسرائيل على اساس الانسحاب الكامل والتطبيع بمفهوم ضيق وان كان على مراحل  - المصدر).

        حسب منشورات في الصحف، قال وزير الخارجية السوري وليد المعلم في لقاء اجراه قبل بضعة اسابيع مع مجموعة من البريطانيين انه "من اجل ان يكون السلام، على اسرائيل أن تعترف بان لسوريا حقا في كل سنتمتر في الجولان. نحن نريد أن نتحدث، ولكن ارضنا مقدسة وهذا موضوع كرامة". وفي السياق تطرق الى مسار انسحاب من هضبة الجولان بالتوازي مع مراحل التطبيع مع اسرائيل وقال: "يمكن تنفيذ الخطوة على مراحل، في ظل اتخاذ خطوات للتطبيع بالتوازي – اعلان عن انهاء حالة الحرب في نهاية انسحاب من نصف الارض، فتح مكتب مصالح اسرائيلي في السفارة الامريكية في دمشق مع اخلاء ثلاثة ارباع من اراضي الجولان وفتح سفارتين متبادلتين مع انهاء الانسحاب".

        وعن علاقة بلاده مع ايران وحزب الله والمساعدة لحماس وحزب الله قال: "تلك مسائل اساس لن يتفق عليها الا مع انهاء الانسحاب".

        من الشكل الذي عرضت فيه الامور يمكن ظاهرا أن نفهم بان الحديث يدور عن نهج سوري جديد للمفاوضات مع اسرائيل وان سوريا مستعدة لمسيرة تدريجية مع اسرائيل تتضمن اتفاقات على تسويات انتقالية وتطبيقها قبل الوصول الى التسوية النهائية التي ستتضمن اخلاءا لكل هضبة الجولان.

ظاهرا يمكن للامر أن يتلاءم ومفهوم اولئك في الحكم الاسرائيلي ممن لا يرغبون في انسحاب كامل من هضبة الجولان. وبالتأكيد ليس قبل أن تجرى مسيرة طويلة من بناء الثقة بين الطرفين. حسب هذا المفهوم يفضل التوقيع على اتفاق على عدم القتال بين الطرفين مقابل انسحاب من قسم من هضبة الجولان بدلا من اتفاق سلام كامل يكون المقابل له هو انسحاب كامل.

        نظرة دقيقة لصيغة الاقوال، ولا سيما الصلة التي بين القول الاول في أن على اسرائيل أن تتعهد بانسحاب من كل هضبة الجولان، والاقوال التي جاءت في السياق تدل على أن لهذا التفسير على ما يبدو لا يوجد اساس وان المواقف التي عرضها وزير الخارجية السوري تتطابق تماما والمواقف التقليدية لسوريا بالنسبة للاتفاق مع اسرائيل. يبدو ان وزير الخارجية السوري معلم لم يتطرق الى مراحل مختلفة في المفاوضات بل الى مراحل التنفيذ للاتفاق بعد التوقيع على اتفاق سلام نهائي بين الدولتين في اطاره توافق اسرائيل على انسحاب من كل الاراضي التي احتلت في العام 1967.

        منذ مراحل المفاوضات المبكرة وافقت سوريا على ان يكون التنفيذ للانسحاب من هضبة الجولان تدريجيا وينتشر على مدى عدة سنوات. والفترة الزمنية التي ذكرت في هذا السياق كانت سنتين ونصف السنة. في حديثه للمجموعة البريطانية، اقترح معلم ان يكون التطبيع ايضا على مراحل والا ينتظر انهاء الانسحاب حتى يبدأ بالتطبيع. هذا ايضا ليس بشرى مشجعة على نحو خاص لانها تعكس اساسا انعدام الثقة السورية باسرائيل. فاذا كانت اسرائيل قد وافقت على الانسحاب الكامل من هضبة الجولان وتم التوقيع على اتفاق كامل فلا يوجد ما يدعو الى عدم اقامة علاقات سلام كاملة وتأجيل تبادل السفارتين الا اذا كانت سوريا لا تصدق بان اسرائيل ستفي بتعهداتها.

        كما أن  الطريقة التي تناول فيها وزير الخارجية السوري التطبيع ليست مشجعة لانه يعطيه تفسيرا ضيقا ولا يتناول سوى وجود علاقات دبلوماسية. في هذا ايضا لا يوجد الكثير مما هو جديد، وفي اثناء المفاوضات كان هناك في مرحلة معينة استعداد للدخول في بحث في مضامين اخرى للتطبيع.

        هكذا ايضا في موقف وزير الخارجية السوري من مسألة العلاقات مع ايران، حزب الله وحماس. وهو يقترح ان يجري البحث فيها بعد توقيع الاتفاق والانسحاب الكامل من الجولان. وذلك فانه يتجاهل تغييرا جوهريا طرأ في الجانب الاسرائيلي. فالدافعية الاساس القائمة اليوم في الجانب الاسرائيلي في الدخول في مفاوضات مع سوريا والوصول الى اتفاق، هي نتيجة التطلع لاخراج سوريا من محور ايران، حزب الله وحماس وقطع العلاقات الضارة لسوريا مع هذه الجهات. اسرائيل لا توقع على اتفاق اذا لم تكن مقتنعة بان هذه ستكون نتيجته. من جهة اخرى، في الجانب القانوني – الرسمي ايضا لا يعقل ان يوقع اتفاق سلام بين الدولتين لا يحظر على كل منهما عقد تعاون عسكري واستخباري مع جهات معادية للطرف الاخر.

        لا ينبغي الاستنتاج من هذه التحفظات على التفسيرات المحتملة لتصريحات وزير الخارجية السوري بان لا اهمية لتصريحاته. اولا، فهي تعكس رغبة سورية ثابتة في استئناف المفاوضات مع اسرائيل والوصول الى اتفاق سلام مع اسرائيل شريطة ان يتضمن هذا الاتفاق انسحابا كاملا من هضبة الجولان. وتكرر القيادة السورية ذلك في كل لقاء مع شخصيات اجنبية وعلى الملأ ايضا. ثانيا، هذه الاقوال تعكس بقدر كبير استعدادا سوريا للتمسك بالتفاهمات التي توصل اليهما الطرفان في اثناء مراحل المفاوضات السابقة. المعلم الذي كان شخصيا مشاركا في المفاوضات منذ مراحلها الاولى، يعرف جيدا هذه التفاهمات. ليس مؤكدا ان الطواقم الاسرائيلية للمفاوضات، والتي تتغير كثيرا مع الانتقال من حكومة الى اخرى، ان تكون هذه التفاهمات بذات القدر.