خبر الأسير الخيالي- معاريف

الساعة 11:26 ص|09 مارس 2010

بقلم: عوفر شيلح

 (المضمون: بنيامين نتنياهو وحكومته يعرفان جيدا بانه لا يوجد أي ضغط لتحرير شليت. في المكان الذي يكون فيه الجندي "ابن"، وليس لتحريره ثمن ملموس له وجه، اسم ولائحة شرور مضرجة بالدماء، وللصفقة لاعادته توجد مضاعفات اخروية ليس لها أي اساس، فان القائد السياسي ليس مطالبا حقا بان يحسم - المصدر).

        كانت هذه مجرد مسألة وقت. "المخطوفون"، مسلسل درامي جديد في القناة 2، يعنى بجنود وقعوا في الاسر وعادوا الى الديار. الصلة الواقعية واضحة، وعائلة جلعاد شليت عقبت منذ الان عليه: "جلعاد ليس اسيرا خياليا"، اعلن ابوا جلعاد، اللذن اقشعرت ابدانهما بالتأكيد لمجرد فكرة بان يكون مصير ابنهما هو خلفية لترفيه تلفزيوني. ولكن الحقيقة هي هكذا. فمنذ سنين وجلعاد شليت، مثل رون اراد قبله، هو اسير خيالي. فهو موضوع للملصقات على السيارات، حملات يدعى فيها الناس الى توقيع اسم الجندي على مقاصات بطاقات الائتمان، مبادرات وهمية مثل "جيش اصدقاء جلعاد". وهو اغنية في نهاية برنامج اذاعي، توقيع على هامش صفحة في جريدة.

        ليست هذه نتيجة ادارة سليمة اكثر او اقل للمعركة لتحريره، مثلما قد يميل كثيرون الى الاعتقاد، نوعام وافيفا شليت قد يكونا قادرين على ان يديرا حملة الضغط بوسائل اكثر نجاعة ولكن من المشكوك فيه أن يكون في ذلك ما يغير الامر في شيء. جلعاد هو أسير خيالي، إذ ان كل انشغال اسرائيل بامنها وجنودها هو خيالي. فقد أصبح كليشيه لانه في هذا الموضوع، مثلما في مواضيع اخرى، تسيطر الكليشيهات على حياتنا.

        من اللحظة التي اختطف فيها، اخرج شليت من المجال العملي بالقدرات والامكانيات، المفاوضات والامكانيات البديلة، ونقل الى المجال المستنفد للصور والمخاوف. اذا ما تحرر بثمن كبير جدا "سيتضرر الردع الاسرائيلي" – ذاك الطرح الهاذي الذي لم يكن قائما في الواقع ابدا، ولكننا عبيد له. فلن يخلق أي انتصار عسكري اسرائيلي الردع (النصر الاكثر قطعا، حرب الايام الستة، لم يكسبنا حتى ولا سنة واحدة من الهدوء على الحدود)، ولم يشجع أي فشل قتالا في مكان ليس فيه للطرف الاخر مصلحة (انظروا حرب لبنان الثانية). ومع ذلك، لا يوجد موضوع امني لا يعاد فيه طرح "الردع". بالمقابل، اذا لم يحرر، "فستتضرر قيمة اعادة كل ابن الى الديار" – قيمة لم تكن قائمة ابدا، وغير قابلة للتطبيق على الاطلاق في عالم واقعي الجنود فيه ليسوا ابناءا، بل من يقفون في خط الخطر واحيانا لا يعودون الى الديار.

 هذا الاسبوع سمعت رئيس قيادة لجنة تحرير جلعاد، شمشون ليبمن، يتحدث في مقابلة اذاعية. وتطرق الى اقوال المخرب عبدالله البرغوثي في المحكمة، واحتج على مجرد حقيقة أن البرغوثي تلقى فرصة لفتح فمه. وعندما سئل عن أن الذين يضغطون باتجاه الصفقة يطالبون عمليا بتحرير البرغوثي، اجاب ليبمن انه "لم نحدد للحكومة ابدا ما هو الثمن، ولم نذكر ابدا أي اسماء".

 هذا ايضا خيالي: بدلا من أن يكون المرء واضحا تماما، والمطالبة بتحرير اولئك (بمن فيهم البرغوثي) مما تطالب بهم حماس واسرائيل غير مستعدة لتحريرهم، تواصل عائلة شليت ومؤيدوها محاولاتها لعدم اغضاب أحد. فهم مقتنعون بان هكذا يعززون اساسا واسعا قدر الامكان من التأييد: الحقيقة هي أن هذا الاساس خيالي هو الاخر.

 بنيامين نتنياهو وحكومته يعرفان جيدا بانه لا يوجد أي ضغط لتحرير شليت. في المكان الذي يكون فيه الجندي "ابن"، وليس لتحريره ثمن ملموس له وجه، اسم ولائحة شرور مضرجة بالدماء، وللصفقة لاعادته توجد مضاعفات اخروية ليس لها أي اساس، فان القائد السياسي ليس مطالبا حقا بان يحسم. يمكنه أن يتظاهر بالتردد، يمكنه ان يسرب بان هناك خلافات عسيرة في الرأي بين القيادة. بينه وبيننا يعرف ان جيد لنا هذا الجدال الخيالي عن الاسير الخيالي، جدال يؤكد مصداقيتنا كم نحن طيبون وانسانيون. ولا توجد أي حاجة، لا يوجد أي ضغط، لاعادة الرجل الحي والملموس الينا. يكفي ان يعود ابطال مسلسل التلفزيون الى الديار، حتى وان لم يكونوا تماما بسلام.