خبر العودة للمفاوضات عَيبٌ مركّب !!‏.. إسماعيل ثوابته

الساعة 09:39 ص|09 مارس 2010

منذ أن بدأت عبارات رفض المفاوضات قبل شهور طويلة من قبل رئاسة السلطة الفلسطينية في رام الله والتي تقودها حركة "فتح"؛ والشك يراودنا بأن هذا الرفض سيكون مصيره الفشل، وحتما ستستجيب رئاسة السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية إلى أي دعوة بالعودة إلى المفاوضات مع العدو الصهيوني، ذلك لأن رفض سلطة رام الله للمفاوضات يعني سقوطها بالتأكيد، حيث أنها ومنذ نشأتها أعلنت أن طريق المفاوضات مع العدو الصهيوني هو الطريق الأوحد لحل القضية الفلسطينية وفكفكة رموزها المعقدة، وأنه لا طريق سوى المفاوضات!..وكما ذلك فإننا كنا نعرف وما زلنا أنه ليس من الممكن أن تشنق سلطة رام الله نفسها بحبال غيرها، فالمبدأ الذي تسير فيه هو مبدأ المكابرة والمعاندة المقيتة، فكما أن عددا كبيرا من المسترزقين منها غير مقتنعين بمسيرة المفاوضات مع الاحتلال الذي ما زال يهوّد القدس ويعتدي على المسجد الأقصى المبارك؛ فإن تمسكها بمبدأ المفاوضات مع العدو وفي هذا الوقت بالذات يضفي شرعية وغطاء للجرائم الصهيونية المتواصلة بحق المدنية المقدسة ومسجدها الأقصى، وكذلك باقي الجرائم بحق المقدسات في بلادنا المحتلة ..طعنة قوية نفذتها سلطة رام الله في خاصرة القضية الفلسطينية وفي خاصرة القدس الأسيرة التي تأن من اعتداءات الصهاينة اليهود المجرمين، وفي خاصرة المقاومة والصمود الذي أبداه شعبنا الفلسطيني منذ أن بدء مسلسل احتلال الأرض الفلسطينية، وذلك من خلالها رضوخها للدعوات التي مهدت لبدء مرحلة جديدة من المفاوضات الهزيلة على غرار السنوات العجاف التي قضتها ضائعة خلف سراب المفاوضات ..لا يمكن بأي حال من الأحوال قبول ما تُقدم عليه السلطة الفلسطينية في رام الله، ولا يجوز لها أن تتجرأ على دماء الشهداء وآهات الأسرى وأنين المقدسات، وإنه من غير المقبول الانسياق خلف المفاوضات مرة جديدة، ومرفوض أن ننجر مجددا لهذا المسلسل الانهزامي، لقد سئمنا ما آلت إليه الأمور من وراء ذلك الخراب ..ومما لا شك فيه أن الفائدة الأولى والأخيرة من وراء ما يسمى بالمفاوضات تعود على الاحتلال الصهيوني وليس غيره، فهو المستفيد الأول والأخير منها وعلى كافة الأصعدة، وليس أقلها الاستفادة على الصعيد الأمني، وحماية الأمن الصهيوني والمستوطنات، من قمع للمقاومين والمقاومين والزج بهم في السجون، وكذلك إجهاض أي محاولة للمقاومة أو قتل الروح المقاومة للمواطن الفلسطيني ..وما يجب أن تعلمه السلطة الفلسطينية في رام الله والتي تقودها حركة"فتح"، يجب أن تعلم أنها ليس وحدها في الساحة الفلسطينية، وأن هناك فصائل فلسطينية لها كلمتها التي هي أقوى من كلمة سلطة رام الله في كل الأحوال،يجب على السلطة الفلسطينية أن تترك مبدأ تنحية الآخر، يجب عليها أن تتخلى عن سياسة الرأي الواحد، لأنها رأيها خطأ لا يحتمل الصواب، ورأي غيرها صواب لا يحتمل الخطأ، كما أثبتت التجربة والبرهان، فإذا ما جئنا واستطلعنا آراء كافة الفصائل الفلسطينية بشأن المفاوضات بما فيها أطراف من حركة فتح ذاتها، ستجد الإجابة موحدة وأن هناك إجماع وطني يرفض مبدأ المفاوضات مع الاحتلال الصهيوني، خاصة في هذا الوقت الخطير الذي تمر فيه القضية الفلسطينية ..وإذا سلمنا بذكاء السلطة الخارق وحنكتها البالغة في إدارة المفاوضات مع الاحتلال الصهيوني، فإن النتيجة الحتمية هي فشل طريق المفاوضات، تماما أخفقت السلطة مرارا وتكرارا في إدارتها للمفاوضات خلال السنوات العجاف إياها، وذلك بطبيعة الحال على حساب صمود الشعب الفلسطيني وثوابته الوطنية المغتصبة ..وإن الحقيقة الدامغة التي يؤمن بها الفلسطينيون بمن فيهم المفاوض الفلسطيني هي أن الاحتلال لن يعطي الفلسطينيين دولة أو دويلة بأي حال من الأحوال، حتى دعاة السلام الصهاينة – إن صح التعبير- عندما كانوا في سدة الحكم رفضوا أن يعطوا الفلسطينيون أي حقوق تؤهلهم لإقامة دولتهم، فكيف سيحصلون على نتائج مفاوضات بقيادة اليميني المتطرف نتنياهو ..إننا كفلسطينيين نعتبر إقدام السلطة الفلسطينية على المفاوضات شقا لعصا التوافق الفلسطيني، وأنه يأتي إمعانا وتكريسا لسياسة الانقسام الواقعة في الساحة الفلسطينية، وقتلا لروح التوافق الوطني .. وإن ذلك كله عيب مركب لابد من التراجع عنه فورا وقبل الولوغ في متاهات جديدة لا تحمد عقباها بالتأكيد ..