خبر مسرحية هزلية جريئة في غزة تنتقد الفصائل الفلسطينية

الساعة 05:12 م|08 مارس 2010

مسرحية هزلية جريئة في غزة تنتقد الفصائل الفلسطينية

فلسطين اليوم- وكالات

 في جرأة ملفتة، شكلت مسرحية "الحبل السري" التي عرضت مساء الأحد في غزة صرخة غضب في وجه قادة الفصائل الفلسطينية في محاولة جادة لتوجيه أنظارهم لهموم الشعب وحثهم لرفض الدعم الخارجي المشروط.

   وعلى مدى ساعة ونصف الساعة تنتقل المسرحية التي عرضت على خشبة مسرح مركز "الشوا" الثقافي الذي يتسع ل1500 مشاهد، من مشهد الى اخر دامجة بين السخرية والجدية وشارحة اهتمام قادة الفصائل الذين يشار اليهم بـ"الكبار" بقضايا بعيدة عن هموم الناس وحياتهم.

   وتنتقد المسرحية بوضوح وجود حكومتين في رام الله وغزة فيما "الجيل ضايع" ووزارتي صحة والمريض من "قلة الدواء يموت" ووزارتي ..."لا كهرباء ولا طحين ولا اسمنت".

   وترسم المسرحية طريقا سهلا لنزول القادة عن قمة شجرة في مطالبهم السياسية، وذلك من خلال مصارحة الناس.

   ويصور مشهد، جدلا بين موظفين متقاعدين يجلسان كعادتهما على قهوة "فواز" الشعبية الشهيرة في حارة فقيرة بين ثنايا مخيم للاجئين.

   وتدور الأحداث المتعاقبة بسلاسة في مسعى لمعالجة قضايا اجتماعية واقتصادية تنغص  حياة المواطنين العاديين وحول جدوى البرامج السياسية في ظل انهيار حياة الناس بسبب تداعيات الانقسام وإغلاق المعابر.

   وتسرد الممثلة الواعدة ايناس السقا التي تقوم بدور المرأة اللاجئة "ام زكريا" قصة ابنتها المخطوبة منذ ثلاث سنوات وطرقها كل الأبواب للمساعدة، عندما يفتح المعبر جزئيا لعدة ايام للسماح في سفر ابنتها للزواج من خطيبها الذي يوشك على تركها في الخارج.

   ويعمد المخرج إلى إظهار كل قضية على حدة مع إبراز الربط الفني بينها والذي يشكل بمجموعه حياة الفلسطينيين "البائسة" في قطاع غزة عبر الشكاوى الدائمة من شبان لفواز صاحب المقهى وشكواه من قلة ما في اليد، وحكايا الاسكافي "أبو جلدة" مع زبائنه الذين يجاهرون بغضبهم على الواقع.

   ويبلغ الجدل ذروته حول قضايا الناس بين مؤمن الشويخ الذي يقوم بدور "لافي الاهبل" الملم الذي يحمل وصية ابيه ومحمد "المثقف"، بجانب شعار كتب على جدار محل للاحذية "لا للانقسام" مع وجود الطفل زكريا وتلميذة المدرسة اللذين لا يتوقفان عن الأسئلة والنقد اللاذع.

 

   وعلى وقع الأغاني المستوحاة من واقع غزة يخرج لافي أكثر من مرة عن المألوف في الشتائم الموجهة الى "الكبار" فيما يحاول الفنان المخضرم سعيد عيد (52 عاما) ويمثل شخصية الموظف المتقاعد " أبو خير"، منعه.

   ويبدو مشهد لقاء الشعب الذي يمثله اركان الحارة مع أربع شخصيات يمثلون كل الفصائل، الأكثر إثارة وتفاعلا مع الجمهور ويتضمن عبارات نقد لاذع في صورة قلما تحدث.

   وكان يمكن تمييز انتماء الأشخاص في المسرحية من خلال لون الحبل المربوط بحقائبهم المملوءة بملفات "سياسية" حيث يرمز الحبل الأخضر لحركة حماس والأصفر لحركة فتح والأسود لحركة الجهاد الإسلامي إلى جانب الحبل الأحمر الذي يشير إلى فصائل اليسار الفلسطيني.

   وهنا يدور نقاش ساخن أحيانا ولا يخلو من شتائم وتجريح، في طرح قضية الدعم المالي والإشارة إلى الدولة الداعمة والراعية للفصيل من خلال الغمز بلون العيون الزرقاء والسوداء والبنية.

   سهام (30 عاما) تعرب عند دهشتها بعد انتهاء العرض قائلة "لم أتوقع هذه الجرأة..هذا ما نريد ان نسمعه لقادتنا. اعتقد أنهم يعرفون ولا ينتبهون لتغيير الواقع المرير".

   مخرج المسرحية الشاب حازم ابو حميد يعبر عن قلق لازمه طوال الإعداد والبروفات لهذا العمل الجريئ مؤكدا "نعم كنت أخشى من منع عرضه" وهو ما دفعه لعدم التسويق والإعلان مسبقا عن ماهية مشاهد المسرحية الساخنة.

   ويؤكد أبو حميد الذي تتحدر عائلته من بلدة كفر عانا قضاء مدينة اللد ان رسالة المسرحية "وصلت" وان المسرحية "متنفس لما كان يتكلم به الناس سرا ولا يجهرون به ..الإحباط بعد الانقسام والغضب من الدعم الخارجي الذي يفرض تدخلا بالقرار".

   وتظهر المسرحية نقاشا يدور في الخفاء بين العامة يتهم الدعم الخارجي بمنع نجاح الحوار الفلسطيني الذي فشل حتى الان في الوصول الى توافق وطني.

   من جانبه يعبر إياد أبو شريعة رئيس ملتقى الإبداع الفكري "ابحار" وهو مؤسسة غير حكومية مسؤولة عن المسرحية عن سعادته للنجاح في أحداث تفاعل مع الجمهور.

   ويضيف ابو شريعة وهو كاتب المسرحية ان المسرحية التي كلفت 30 ألف دولار بدعم من مؤسسة التنمية السويسرية ومؤسسات محلية "صرخة في وجه المسئولين مفادها ان الشعب مل وسئم ممارساتكم ..نتمنى أن يسمعوننا ويأخذوا بآراء الناس من الواقع السيئ".

   ويأمل سعود الجمل (44 عاما) وهو مدرس ابتدائي ان ينتبه قادة الفصائل لهذه "الصرخة" ويعبر عن خشيته ان "تتحول الى انتفاضة في وجه المسؤولين".

 

   وقبل العرض الأخير الذي قدمته مجموعة أطفال يرتدون زيا بالوان العلم الفلسطينية الأسود والأخضر والأحمر والأبيض صرخ الممثلون في وجه قادة الفصائل ان "الشعب يريد قطع كل الحبال" التي ترمز للدعم الخارجي غير ابهين بمبررات "الكبار" التي تقول إن قطع حبال الدعم يعني "موت القضية".

     ويكرر لافي جملته الشهيرة "الطاحونة مسكرة وفيها مية معكرة" في إشارة إلى انسداد الأفق وانعدام الحياة بسبب "المياه العكرة" التي ترمز للمال الوافد من الخارج بشروط.

   وتأمل السقا ان تجد المسرحية طريقها للعرض في رام الله ودول عربية، لاسيما غزة

- نقلا عن ا ف ب