خبر المواجهة الكبرى التالية .. هآرتس

الساعة 09:15 ص|08 مارس 2010

بقلم: مناحيم كلاين

أستاذ العلوم السياسية في جامعة "بار ايلان"

المؤرخ طوني جادت كتب في كتابه "بعد الحرب – تاريخ اوروبا منذ 1945"، بانه في السبعينيات اعتمد اليمين المتطرف في ايطاليا على شبكة دفاع وتعاون من المؤسسة السياسية والشرطية. احدى شبكات المساعدة لليمين المتطرف ضمت 962 عضوا، بينهم 30 جنرالا، 8 أدميرالات، 43 عضو برلمان، 3 وزراء في الحكومة وممثلين عن كبار رجالات الكنيسة، الصناعة والبنوك الخاصة. وهكذا كان بوسع اليمين الفاشي الجديد أن يضمن بقدر معين التعاون من جانب أجهزة الدولة التي اراد تشويش عملها.

ايطاليا لم تكن المكان الوحيد في اوروبا الذي عمل فيها اليمين المتطرف مع اجهزة الدولة لتشويش او تخريب اعمال الحكومة. في الستينيات تمرد ضباط ومستوطنون في الجزائر على قرار ديغول عرض تقرير مصير للدولة. المنظمة العسكرية السرية التي أعلنت عن التمرد كانت تواصلا للجنة الدفاع عن الجزائر الفرنسية، التي اقيمت في النصف الثاني من الخمسينيات كلوبي عارض كل تنازل من باريس للحركة الوطنية الجزائرية.

سواء في ايطاليا ام في فرنسا حانت في مرحلة ما لحظة الحقيقة، التي كانت فيها الحكومة ملزمة بان تصطدم مع نفسها. الحالة الفرنسية أخطر، لان المواجهة الداخلية مع المتمردين من رجال المؤسسة دارت بالتوازي مع صراع خارجي خاضته فرنسا مع الحركة الوطنية الجزائرية. احيانا كان هذا صراعا عنيفا واحيانا سياسيا في اطار المفاوضات. في ايطاليا كان الصراع داخليا فقط، وان كان هنا ايضا لم يكن هو الصراع الوحيد. الى جانب اليمين المتطرف عملت ضد الدولة منظمات يسارية متطرفة والمافيا.

هاتان الحالتان ذاتا صلة باسرائيل. حكومة اليمين في اسرائيل تتمتع بتأييد شرعي وديمقراطي من اغلبية المقترعين. وحتى لو لم يكن كل الناطقين بلسانها يندوون بشدة بنشاط اليمين المتطرف – سياسة "شارة الثمن" مثلا – فانهم لا يعربون عن الموافقة عليها. ولكن مع ذلك لا يمكن التملص من السؤال اذا لم تكن تنتظر خلف الزاوية المواجهة الداخلية الكبرى، تلك التي ستأتي بعد المواجهة الصغرى مع حاخام مدرسة التسوية في هار براخا، اليعيزر ميلاميد. على ذلك يدل ايضا الجدال حول فك الارتباط عن قطاع  غزة، المواجهات في اخلاء البؤر الاستيطانية وفرض التجميد المؤقت على استمرار البناء في قسم من المستوطنات وفي بيت يونتان في سلوان.

التعاون مع الاجهزة الامنية والمدنية للدولة وبين منظمات المستوطنين موثق في الكتب، في التقارير وفي التقارير الصحفية. وماذا سيحصل اذا ما قررت الدولة، باسناد من الاغلبية في اسرائيل، الانسحاب من الضفة ومن القدس الشرقية؟

السؤال ليس اذا كان تفكيك المستوطنات ممكنا في ضوء انتشارها على الارض، بل اذا كان تفكيك واعادة تركيب بعض من اجهزة الدولة ممكنا. من السهل الادعاء بان الامر لن يحصل بالضبط بسبب تداخل اجهزة الدولة بالمستوطنين ومصالحهم المتطابقة. ولكن الامثلة أعلاه تدل على أنه لا يمكن استبعاد السيناريو في أنه في يوم ما سيكون المجتمع الاسرائيلي ملزما بان يتصدى للمشكلة بكامل حدتها. كما أنه لا يمكن عدم التساؤل سواء من أجل تأجيل او منع المواجهة الداخلية الكبرى،  فيما اذا كان اصحاب القرار يعظمون التهديدات الخارجية لايران، حزب ا لله وسوريا الى ما يتجاوز وزنها الحقيقي.