خبر في المفترق قبل الهوة .. هآرتس

الساعة 09:10 ص|08 مارس 2010

بقلم: عكيفا الدار

صافرة تهدئة انطلقت في القدس؛ تقرير داخلي لوزارة الخارجية يقضي بأن ادارة اوباما من غير المتوقع ان تولي اهتماما كبيرا في السنة القريبة القادمة للمسيرة السلمية. كما ان ليس للفلسطينيين ايضا توقعات كبيرة من محادثات التقارب؛ وثيقة داخلية لدائرة المفاوضات عندهم تقترح بدائل لحل الدولتين، بما فيها الغاء اتفاقات اوسلو وحل السلطة الفلسطينية، وسارع المحلل ايهود يعاري الى حسم مصير الاتفاق الدائم مع "معسكر اوسلو" الفلسطيني. وهو يوصي بالتخلي عن قسم هام من المناطق مقابل وقف نار وادارة نزاع حيال حماس، الذراع الطويل لايران.

لشدة القلق، فان افكارا من هذا القبيل، الى جانب التعويل على وهم الدولة ثنائية القومية، تقع على آذان صاغية. فمعسكر السلام لم ينتعش بعد من قصة "لا شريك"، التي نشرها ايهود باراك بعد فشل قمة كامب ديفيد في تموز 2000. صيغة شوهاء لقصة الاتصالات بين ايهود اولمرت ومحمود عباس اعطت تعزيزا اضافيا لكليشيه "الفلسطينيون لا يفوتون فرصة لتفويت الفرص". وكل سنة في شهر آذار، تعود القمة العربية لتصادق من جديد على مبادرتها للسلام من العام 2002. وكل سنة تعود اسرائيل وتتجاهل القرار وتفوت الفرصة للوصول الى انهاء النزاع وعلاقات تطبيع مع كل الدول العربية والعالم الاسلامي.

مقياس الثقة بين الاسرائيليين والفلسطينيين عاد الى عهود الدرك الاسفل لولاية بنيامين نتنياهو الاولى لرئاسة الوزراء. هوة واسعة بين المواقف الاولية لحكومة اسرائيل وبين الموقف الفلسطيني التقليدي بالنسبة لكل واحدة من المسائل الجوهرية. من الصعب التصديق بأن في اربعة اشهر من المفاوضات غير المباشرة ستتمكن ادارة اوباما من جسر الفجوات في مسألة الحدود، القدس واللاجئين. مهمة الوسيط الامريكي في الربيع القريب القادم هي ان يزيل قدر الامكان الضباب من فوق الهوة. مع نهاية سنة على تصريح بار ايلان، يستحق الجمهور الاسرائيلي ان يعرف اذا كانت حكومة نتنياهو – باراك – ليبرمان هي بالفعل شريك لتسوية على اساس "دولتين للشعبين"، ام ان هذه مجرد صيغة وضعها مكتب علاقات عامة. من جهة اخرى، عليه ان يعرف مرة واحدة والى الابد اذا كان الفلسطينيين بالفعل مستعدين للتوصل الى تسوية معقولة لتبادل الاراضي يسمح لاسرائيل بان تضم الكتل الاستيطانية التي يسكن فيها 80 في المائة من المستوطنين؛ وهل هم يعترفون بحق اليهود في الاماكن المقدسة في القدس ويكتفون بحل مشكلة اللاجئين دون اعتراف اسرائيلي بحق العودة.

وحسب شهادة مسؤول كبير في السلطة، فان الادارة الامريكية وعدت عباس بأنه اذا لم يف أي من الطرفين بتوقعاتها، فان الولايات المتحدة لن تخفي خيبة املها من مواقفها بل ولن تتردد في ان تتخذ خطوات كي تزيل العائق. كما وعد ايضا بان لا  تكتفي الولايات المتحدة بمنصب ساعي البريد. في الصيغة التي تلاها الرجل على مسمعي جاء ان ادارة اوباما ستعرض افكارا من جانبها، في محاولة لجسر الفجوات.

لا ينبغي لاوباما ان يعرق اكثر مما ينبغي. كل ما عليه ان يفعله هو ان يعرض على الطرفين صيغة كلينتون من كانون الاول 2000، وان يطلب منهما الاعلان عن مواقفهما بشأن المبادىء الواردة فيها: اقامة دولة فلسطينية متواصلة على 94 – 96 في المائة من الضفة الغربية، مضاف اليها تبادل للاراضي بنسبة 1 - 3 في المائة في نطاق الخط الاخضر؛ احلال السيادة الفلسطينية على الاحياء العربية في القدس وسيادة اسرائيلية على الاحياء اليهودية؛ حل العودة لا يتحقق بشكل حر في اسرائيل، ويقال ان للفلسطينيين حق عودة الى وطنهم القومي؛ مرابطة قوة دولية على طول الحدود مع الاردن.

يحتمل ان يكون حل الدولتين لا اساس له من الصحة. يمكن ان يكون النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني هو من تلك المشاكل التي لا حل لها. ربما نكون وصلنا الى المفترق الفظيع الذي يتعين علينا فيه ان نختار بين صيغة جديدة من فك الارتباط احادي الجانب عن غزة بمعنى ترك الضفة الغربية لمصيرها بيد حماس والمحافل التي تقف خلفها وبين العد التنازلي نحو نهاية اسرائيل اليهودية، او الديمقراطية. الويل لهذا الخيار. ولهذا السبب، محظور التخلي عن الفرصة، ربما الاخيرة في  الاستيضاح اذا كان يوجد شريك فلسطيني لتسوية الدولتين؛ واذا كان يوجد كهذا – فلنبدأ بالبحث عن شريك اسرائيلي.