خبر لا يريدون دولة .. يديعوت

الساعة 09:08 ص|08 مارس 2010

لا يريدون دولة .. يديعوت

بقلم: ناحوم برنياع

كل صباح سينهض جورج ميتشيل في فندقه في القدس ويشق طريقه الى رام الله، ليسمع ما هو جديد لدى نظرائه في المفاوضات، رؤساء فلسطين. كل صباح سينهض د. سلام فياض، رئيس حكومة فلسطين، في منزله في القدس ويشق طريقه الى رام الله ليسمع من ميتشيل ما هو موقف الاسرائيليين. احيانا سيلتقيان في الطريق، عند الحاجز. احيانا سيلتقيان سرا في القدس. متيشيل سيتجول مكوكيا من مدينة الى مدينة، وفياض وآخرون في القيادة الفلسطينية سيتجولون مكوكيا وراءه. منذ وقت غير بعيد انضممت الى جماعة من الامريكيين خرجوا في قافلة محروسة من فندق الملك داود في القدس الى رام الله، للقاء فياض. فياض كان في فندق الملك داود في الصباح للقاء خاص به. بعد ذلك سافر الى رام الله، ليلتقي الوفد الامريكي الذي رآه في الصباح، في الجانب الاخر من جدار الفصل.

عندما يدور الحديث عن اسرائيليين وفلسطينيين، فان الاجراء الدبلوماسي المسمى "محادثات تقارب" سخيف. محادثات التقارب تجري بين البعيدين. البعد هو ترف لا يمكن للسياسيين من الطرفين أن يسمحوا به لانفسهم. وأتذكر زوجين تعرفت عليهما، ادارا صراع طلاق عنيف. وكي لا يخسرا الشقة أصرا على مواصلة السكن تحت سقف واحد، في غرفة نوم واحدة. وكل صباح كانا يتودعان بغضب ويذهبا، كل واحد الى محاميه.

الهدف المعلن لميتشيل هو احلال اتفاق على سلام وتسوية دائمة يؤدي الى اقامة دولة فلسطينية الى جانب اسرائيل. جو بايدن، نائب الرئيس اوباما الذي يصل الى البلاد اليوم، يقول في مقابلة مع "يديعوت احرونوت" تنشر اليوم  ان الرئيس وهو يؤمنان بانه يمكن جسر الفجوات وحل النزاع مرة واحدة والى الابد. بايدن هو رجل متفائل الى حد عجيب.

ايهود يعاري، محلل اقل تفاؤلا، جلس خمسة اسابيع في معهد بحوث السياسة في واشنطن وكتب وثيقة عنوانها: "هدنة الان – تسوية انتقالية لاسرائيل وفلسطين". وفصل اساس خطته في مقابلة منحها لاوري مسغاف في ملحق السبت الماضي.

فرضية يعاري الاساسية هي ان الفلسطينيين لا يريدون دولة حقا، ليس اذا كان الامر ينطوي على التسليم بتقسيم البلاد. الاستراتيجية الفلسطينية هي الانهيار بين اذرع اسرائيل. من ناحية اسرائيل هذه مصيبة. وهي ملزمة بان تفرض عليهم اقامة دولة. ولما كانوا غير قادرين على التوقيع على تسوية شاملة، ينبغي ان تفرض اقامة دولة عليهم في اطار تسوية انتقالية.

يخيل أن فرضية يعاري الاساس هي صحيحة: ينقص ابو مازن وزملائه في فتح عنصران حيويان لاقامة الدولة – الاستعداد لفرض حلول وسط أليمة، والرغبة والقدرة على أخذ المسؤولية عن كل ما تستوجبه الادارة اليومية للدولة. الوحيد في القيادة الفلسطينية الذي يعمل بجدية في هذا الاتجاه هو سلام فياض. وليس صدفة انه ليس عضوا في فتح. ليس صدفة أنه يرى في دافيد بن غوريون وليس في ياسر عرفات نموذجا للاقتداء.

انا واثق أقل في توق يعاري لنظام الهدنة، الذي ساد بين اسرائيل وجيرانها حتى 67. فالسير الى الوراء في آلة الزمن كاذب. لا توجد آلة كهذه: التاريخ يعود فقط في القصائد. وتسويات الهدنة لم تكن سوى برميل متفجر من البارود مرشح للانفجار، ممر الزامي في الطريق الى الحرب.

يعاري يروي انه التقى بسلسلة من السياسيين الاسرائيليين بمن فيهم رجال يمين واضحون، وعرض عليهم خطته. لم يسقط احد من كرسيه. واخشى الا يكون قرأ سامعيه على نحو سليم: فكراسيهم عزيزة عليهم. عندما يصل اليهم صحافي محترم، كثير النفوذ، فانهم ينصتون. لا يستوعبون. هذا صحيح بالنسبة للقيادة الفلسطينية مثلما هو صحيح بالنسبة للقيادة السياسية في اسرائيل. لطيف أن نسمع ما يهمسونه في المحادثات لغير الاقتباس. الامر مقرر وحده هو ما يقولونه على الملأ.

ابو مازن لا يريد دولة فلسطينية. هو مستعد، ربما، لان يحصل عليها على طبق من فضة، ولكنه غير مستعد لان يدفع مقابلها الثمن اللازم. نتنياهو ايضا لا يريد دولة فلسطينية. هو مستعد لان يؤيد الفكرة، لاعتبارات اعلامية، ولكنه غير مستعد لان يدفع الثمن اللازم. ولعلهما الاثنان توصلا في الخفاء الى اعتراف بانه فات الاوان. فقد حسم الامر.

ايهود يعاري، في مكانته، بمعرفته، بنفوذه، يمكنه أن يمنح الفكرة جناحين، هنا وهناك على حد سواء. السؤال كيف يمكن تغليفها، في تسوية انتقالية اخرى، اقل أهمية. الامكانيات عديدة. المشكلة هي أنه لا يوجد من يشتري.