خبر وراء الشمس و الحياة...34 أسيرة يعشن ظروف السجن و القهر

الساعة 04:42 م|07 مارس 2010

وراء الشمس و الحياة: 34 أسيرة فلسطينية يعشن ظروف السجن و القهر

فلسطين اليوم: رام الله

لأكثر من 45 يوما بقيت الأسيرة الفلسطينية "نيلي الصفدي" في العزل في مركز تحقيق "بيت حتكفا" الإسرائيلي، حيث مارس المحقق الإسرائيلي كل أنواع التعذيب الجسدي و النفسي للضغط عليها بالاعتراف، وسط ظروف صحية و معيشية سيئة للغاية.

 

خلال التحقيق احتجزت في غرفة مظلمة دون أكل لائق أو السماح لها بتبديل ملابسها، كانت خلالها لا تعرف الليل من النهار و لا متى تصحو ومتى تنام، ومع صمود الأسيرة في التحقيق كان لا بد من الضغط عليها من خلال اعتقال كامل عائلتها، أشقائها و عائلة زوجها و إحضار زوجها المعتقل لإجبارها على الاعتراف.

 

قبر متحرك...

و لم تتوقف معاناة الأسيرة الصفدي عند هذا، فكانت رحلتها من عزلها إلى سجن هشارون المركزي قصة معاناة أخرى، فالبوسطة، وهو الاسم الذي يطلق على عملة نقل الأسرى عبر السجون، أشبه بقبر متحرك طالت رحلتها فيها لأكثر من 12 ساعة متواصلة و هي مكبلة الأرجل و الأيدي و موثوقة بكرسي حديدي بلا طعام أو شراب.

 

وعند وصولها الى السجن الذي كانت تأمل ان يكون مكان ترتاح فيه من معاناة دام حوالي شهرين متواصلين اكتشفت ان معاناتها الحقيقة قد بدأت بشكل اوسع، و أن عليها التكييف مع الحياة بلا مقومات للعيش.

 

تقول مسؤولة مشروع رعاية الأسيرات التي تقوم عليه مؤسسة الضمير في رام الله، "إحترام الغزاونة" ان ما جرى مع الأسيرة الصفدي هو صورة لما تعانيه الأسيرات الفلسطينيات من يوم اعتالقهن و حتى وصولهن إلى السجن و الحكم عليهن.

 

وهذه المعاناة تبدأ بحسب الغزاونة منذ الساعة الأولى للاعتقال حيث تعامل الأسيرات في لحظة اعتقالهن بوحشية و عدوانية دون أي اعتبار لجنسها و قدرتها على تحمل التعامل بخشونة التي ينتهجها الجنود، حيث تقتاد من عائلتها و تكمم و تعصب عينيها و تنقل إلى مركز التحقيق ون السماح لها بالحديث مع عائلتها او حتى تبديل ملابسها، و الأهم دون ان تتمكن من توديع أطفالها الذين يكونوا في البيت لحظة الاعتقال.

 

و تتابع الغزاونة:" الأسيرات يعاملن بنفس الطريقة التي يتعامل معها الجنود مع الأسرى الرجال و هذا ما هو مخالف للقانون، فطبيعة المرأة كما هو معروف مختلفة و قدرتها على تحمل التعذيب و الممارسات اقل من الرجال، إلا أن قوات الاحتلال لا تراعي هذه الخصوصية، بل على العكس تتخذها ميزة للضغط الإضافي على الأسيرة".

 

و تشير الغزاونة في هذا الإطار أن سلطات الاحتلال تستغل طبيعة المرأة في عملية التحقيق و التعذيب و الضغط عليها حيث تتخلل معظم حالات التحقيق مع النساء اعتقال الأهل و التحقيق معهم و احتجازهم على علم الأسيرة.

 

34 اسيرة...

وبحسب الإحصاءات الرسمية فإن إسرائيل لا زالت تحتجز 34 أسيرة، في ثلاث سجون الأول سجن الدامون حيث تحتجز 13 أسيرة، و سجن هشارون و تقبع فيه 20 أسيرة، في حين تحتجز أسيرة و احد في عزل نفيترتسيا، وهي الأسيرة وفاء البس من قطاع غزة.

 

و كما توضح الإحصاءات فإن من بين الأسيرات سبعة أسيرات متزوجات، ثمانية منهن أمهات، في حين توزعت الحالات الشخصية لبقية الأسيرات ما بين مطلقة و عزباء و مخطوبة.

 

وتواجه أربع أسيرات حكما بالسجن المؤبد وهن أحلام التميمي، و الأسيرة آمنة منى، و الأسيرة قاهرة السعدي، و الأسيرة دعاء الجيوسي.

 

وتتراوح أحكام بقية الأسيرات ما بين 25 عاما و حتى 3 سنوات، في حين أن ثلاثة منهم يقضين حكما إداريا دون تقديم للمحاكمة و هن منتهى الطويل، و رجاء الغول، و هناء الشلبي، في حين أن سبع أسيرات لا يزلن موقفات دون محاكمة.

 

وتعاني الأسرات الفلسطينيات الى جانب ذلك من الظروف المعيشة داخل المعتقل بعد الحكم، حيث تحتجز في سجون لا تصلح للعيش الآدمي، كما تشير الغزاونة:" من المعروف أن سجن الدامون كان مخصصا في زمن الانتداب البريطاني ك" إسطبل" للخيول و مخزنا للتبغ حيث الرطوبة العالية و المباني القديمة".

 

وتتابع الغزاونة:" أن سجن هشارون لا يختلف كثيرا عن الدامون، حيث تنتشر الحشرات فيه بشكل كبير وخاصة في فصل الصيف و الرطوبة العالية و لا تدخله الشمس، إلى جانب برودة قارصة في الشتاء".

 

و كما الأسرى جميعا تعاني الأسيرات من سياسية الإهمال الطبي حيث لا تقدم لهن الدواء اللازم الامر الذي يترك آثارا مضاعفة على المرأة الأسيرة :" الاحتلال يتبع سياسية الإهمال الطبي و المماطلة في تقديم العلاج، و تتعامل على ان هذا "الامتياز" أسلوب للعقاب في حالة مخالفة الأسيرة لأي من النواهي و أحكام السجن الظالمة".

 

وقالت الغزاونة أن معظم الحالات المرضية للأسيرات تعال ب" الاكامول" ¸لا تقدم العلاج إلا بعد تفاقم الحالة الصحية للأسيرات ووصلهن


ظروف صحية سيئة...

توضح المحامية بثينة دقماق و التي تقوم بمتابعة أوضاع الأسيرات في سجون الاحتلال، ان عدد كبير من الأسيرات في سجون الاحتلال يعانين من أمراض مزمنة تفاقمت أوضاعهن بسبب الإهمال الصحي.

 

وقالت دقماق ان عدد كبيرة من الأسيرات يعانين من آلام في الظهر "الديسك" مثل الأسيرة أحلام التميمي، و آمنة منى، وذلك بسبب أساليب التعذيب التي اتبعت معهن لإجبارهن على الاعتراف.

 

كما تعاني الأسيرة "أمل جمعة" من "نزيف مستمر" في الرحم بسبب الإهمال الصحي، و الأسيرة"لطيفة أبو ذراع"  تعاني من أمراض في الرحم، و التهاب أعصاب، و سكري.

 

كما تعاني الأسيرة "وفاء البس" من حروق في كل جسمها، كما تعاني عدد كبير من الأسيرات و منهن "قاهرة السعدي" و" سناء شحادة"، "ابتسام العيساوي" من الم دائم في الأسنان و اللثة.

 

و شددت دقماق على ان الاحتلال يماطل في تقديم العلاج من قبل إدارة السجن، حتى في حال تدخل المؤسسات الحقوقية من خارج السجن لإدخال أطباء تكون هناك عراقيل.

 

تقول: في هذه الحالة تحتاج الأسيرة إلى تقديم طلب للحصول على "موافقة أمنية" يتم السماح لها بإدخال الطبيب، تحتاج أحيانا إلى أكثر من ستة أشهر، و بعد ذلك يتم التنسيق المؤسسة مع إدارة السجن بحيث يتم إصدار تصريح للطبيب بدخول السجن و الالتقاء بالأسيرة.

 

و تشير دقماق انه في حال السماح للأطباء بدخول السجن و الكشف على الأسيرة، لا يسمح للمؤسسة أن تصرف الوصفة الطبية  وإدخالها إلى السجن.

 

منع من الزيارات...

و إلى جانب الإهمال الصحي تعاني الأسيرات من سوء التدفئة و الوجبات الغذائية المقدمة لهن من قبل إدارة السجن، حيث تقوم الأسيرات في معظم الأوقات برمي هذه الوجبات أو إعادة تصنيعها ليتمكن من استخدامها، و في الأغلب تعتمد الأسيرة على الكانتين بشكل كامل، الأمر الذي يضيف على عاتق أسرتها أعباء مالية اكبر.

 

تقول الغزاونة:" بحسب القانون الدولي تلتزم السلطة المحتجزة للأسيرات بتقديم ثلاث وجبات لائقة، إلا آن سلطات الاحتلال تخالف هذا القانون، و ما تقدمه للأسيرات وجبتين لا تصلح للأكل".

 

وتتابع الغزاونة:" سلطة الاحتلال حولت قضية الأسرى لاستثمار اقتصادي حيث تتعمد الإهمال في تقديم الوجبات الغذائية حتى تتمكن من البيع في الكانتينا و بأسعار خيالية".

 

وفي معاناة إضافية، تمنع معظم الأسيرات من الزيارات الأسبوعية لأهاليهن، وخاصة الأمهات اللواتي يحرمن من زيارة أبنائهن او أزواجهن في السجن.