خبر ضغط ذري..معاريف

الساعة 12:25 م|05 مارس 2010

بقلم: بن كاسبيت

قضى احد وزراء الليكود وقتا عند خروج السبت باحتفال عائلي. اهتز هاتفه الخلوي بلا انقطاع. مكالمة من رقم خفي. لا يرد الوزير على نحو عام على الارقام الخفية لكن الهاتف اهتز. وفي النهاية أجاب. سمع من الجانب الاخر الصوت الأجش ذا السلطة لرئيس الحكومة. كانت تلك رسالة مسجلة أرسلها ديوان رئيس الحكومة الى اعضاء مركز الليكود (وفيهم الوزراء واعضاء الكنيست). يتمنى نتنياهو عيد بوريم سعيدا ويلح على مستمعيه ان يؤيدوا اقتراح تغيير دستور الليكود، من اجل التمكين من تأجيل الانتخابات لمؤسسات الليكود سنة ونصف السنة.

        لم يعرف الوزير الذي يؤيد مبادرة نتنياهو خاصة، ايضحك ام يبكي. كان واضحا عنده كما عند كثيرين آخرين في قيادة الليكود، ان بيبي يداور نفسه مرة اخرى حتى التحطم. "لماذا يقيم نفسه في مقدمة هذا الاجراء المشكل"، سأل في يوم الأحد صباحا مسؤول كبير آخر في الليكود، "من أجل ماذا يسير في مواجهة قرار محكمة لوائية، ويوحي بالذعر، وينشر رسائل مسجلة، ويجمع اعضاء المركز، ويجري هلعا، ويشاور ويعرق ويلقي بكامل ثقله؟ كل ذلك من أجل اجراء سياسي داخلي، وجماع صراعات قوة لا تهم في الحقيقة احدا سوى عدد من اصحاب المصالح، ولا يوجد لها أهمية عملية حقة. أيجب على رئيس الحكومة أن يتدخل في شيء كهذا؟ ليحفظ "كامل وزنه" لمحاربة ايران، ولوضع اسرائيل الدولي، وللعنف في الشوارع والمدارس".

        على طرف المنحدر

        قال كثيرون لنتنياهو هذا الكلام في الايام الاخيرة، لكنه كعادته لم يرد ان يسمع. لقد سيطر اسرائيل كاتس، "الدماغ" الذي يقف وراء الاجراء، سيطر على أذنه اليمنى؛ وسيطر شلوم شلومي المستشار السياسي على الاذن اليسرى وانطلقوا معا في ابتهاج نحو طرف المنحدر.

        في يوم الثلاثاء أعد احتفالا ضخما لاعضاء مركز في الكنيست، في قصد الى اعطاء المبادرة دفعة أخيرة. وفي ذلك اليوم صباحا حذر القاضي يهودا زفت من تحقير المحكمة وأبلغ بأنه سينتظر يوما واحدا آخر فقط لتسمية أجل للجنة الليكود في الشهر المقبل. والى ذلك الحين كان مصباح تحذير نتنياهو ساكنا. في الظهيرة طلب الى موشيه كحلون، رئيس مركز الليكود، ان ينتظره "مع خروج اعضاء الكنيست" من الاجتماع العام. لقيه كحلون وقال له الحقيقة: "بيبي، بحياتك تخل من هذا. أعلن اليوم أننا نحترم قرار المحكمة كاملا، وتعالى نعلن بتاريخ اللجنة في نيسان وننتظر بصبر استئنافنا الى محكمة العدل العليا. لا يوجد خيار آخر". وظل نتنياهو في تردد. كان يحتاج الى مشاورات أخرى ليجعل الانعطافة حدثا كبيرا.

        لقد خطب بكامل جلالته، مائة وخمسين عضو مركز من الليكود أتي بهم جميعا من جميع أنحاء البلاد من أجل تقديم الاجراء وحمسهم وحثهم وألح عليهم. قال بعضهم انه كاد يتوسل اليهم أن يعاضدوا المبادرة، التي ستكون نتيجتها الحقيقة القضاء على الديمقراطية في الليكود قضاء مبرما. بعد ذلك جلس الى فريق الادمغة العبقرية الذي يحيط به وفيهم المحامي دافيد شمرون، والوزير كاتس وشلوم شلومي وأخرون، وقبيل منتصف الليل، بصوت باكا واهن، صدر الى الخارج الاعلام الرسمي وفحواه ان التصويت في المركز ملغى وأن الليكود سيحترم قرار المحكمة اللوائية وينتظر بصبر نتائج الاستئناف الى محكمة العدل العليا. خدعة.

        ورقة في مهب الريح

        هذه المبادرة من اجل تغيير دستور الليكود من اجل اخضاع الواقع لاحتياجات اسرائيل كاتس وبنيامين نتنياهو ليست مهمة في الحقيقة. المهم هو مسيرة اتخاذ القرارات وسلوك رئيس الحكومة. فهذا هو الشخص الذي سيضطر بعد زمن ما الى اتخاذ عدد من القرارات الحاسمة بل ربما التاريخية التي تتعلق بوجودنا هنا. وهو الشخص الذي سيضطر الى أن يقرر اذا قرر متى وكيف يهاجم ايران. وهو قرار آثاره عظيمة. وهو الشخص الذي سيضطر الى مواجهة وضع اقليمي عالمي مركب، وحساس وقابل للتفجر على نحو لا شبيه له، عندما تفشل العقوبات ويهب عملاء ايران الكثر المعلقون على جدراننا للقتال.

        وهذا هو الشخص الذي يفترض أن يوجه سفينتنا في مياه هائجة، ربما تكون الاشد هياجا مما عرفنا. هذا الدور الذي دفع اليه نتنياهو يوجب برودة الاعصاب، والاعصاب الفولاذية وقدرة ثبات للضغوط، ورؤية بعيدة، وشجاعة شخصية وما لا يحصى من مزايا الزعامة. والحظ ايضا.

        لكن هذا الشخص، في هذه  الاثناء، يسقط مرة بعد اخرى. فمرة بعد اخرى يتبين انه هاو غير قادر على السير في خط مستقيم من نقطة واحدة الى نقطة مجاورة بغير أن يتنفج. ورقة في مهب الريح، يتأثر بآخر من يهمس في أذنه، وينهار تحت الضغط ويدفع الى الذعر بسرعة الضوء. وهو دائما، كما يقول اكثر وزرائه الكبار، يصر على المساومة، ويشاجر البائع، ويناوىء جميع الزبائن، ويدفع أعلى سعر، ويطرد من المجمع التجاري ويجد نفسه آخر النهار في الخارج بلا سلعة.

        في يوم الاربعاء في الكنيست تعرض لهجوم في النقاش الذي حشد له على أثر توقيع 40 عضو كنيست في سؤال "حكومة نتنياهو الى اين".

        بحسب الدستور، يجب على رئيس الحكومة أن يجلس وأن يستمع للجميع. اكثر من ثلاث ساعات. كان روني بارأون الاول مع الفأس. وبعده داليا ايتسك، بنغم مقدرة كثيرا ولا تقل عن ذلك ايلاما. وأتت آخرة تسيبي لفني مع خطبة قوية. قالت كلتاهما، ايتسك ولفني بصوت عال ما نشر ها هنا في الاسابيع الاخيرة وهو ان كاديما تعرض نفسها للائتلاف مع نتنياهو بشرط أن يختار. أن يتخلى من العناصر المتطرفة، ويترك حلفه التاريخي مع الحريديين (هو يبيعهم الدولة بالجملة وبأسعار مخفضة) وينشىء حكومة مستعدة للمضي في مسار سياسي حقيقي. لكن نتنياهو يخاف الاختيار. ولماذا يختار؟ كل ما يريده هو البقاء. أن يجلس هناك. رجلا ميتا يمشي.

        الرئيس شمعون بيرس، كما نشر هنا في الاسبوع الماضي يوحي الى الخارج بعدم الارتياح. قال في يوم الاحد في حديث خلفية (في واي نت) ان القرار على المواقع التراثية يقلقه. وسرب أمس الى صحيفة "هآرتس" انه يجب اقامة حكومة وحدة. وفي أحاديث مغلقة يستخف بنتنياهو. قال بيرس الى قبل وقت قصير لكل من وافق على الاستماع ان بيبي سيكون الفائز المقبل بجائزة نوبل للسلام. والمسألة هي ان جائزة نوبل للسلام ليست ضمانا للسلام. وبيرس نفسه يشهد بذلك. في هذه الاثناء اين بيبي واين نوبل.

        أخذ بيرس يفقد الصبر، لكنه ما زال يخاف الخروج على نحو معلن. ما زال مستشار نتنياهو السياسي الذي ينظف وراءه، والمعتنية النادلة الغاسلة لرئيس الحكومة. ويطرح له نتنياهو عظاما من آن لآخر. فهنا رحلة وهناك بعثة وهناك كلمة حسنة ويرضى بيرس. لكن هذا ستكون له  نهاية ايضا.

        حرب أم سلام

        في هذه الاثناء، يفترض ان تبدأ في الاسبوع المقبل "محادثات التقارب" بين اسرائيل والفلسطينيين. أطرت الجامعة العربية هذا الاسبوع هذه المحادثات في أربعة أشهر.

        قال أبو مازن في القاهرة لوزراء الخارجية العرب: "سأفعل ما تقررون. اذا قررتم السلام والتفاوض فسنمضي في ذلك. واذا قررتم الحرب فسأكون الأول". وعندما نطق أبو مازن بكلمة الحرب ابتسم ابتسامة دقيقة. فقد علم أن لا أحد، وفي ضمن ذلك المندوب السوري، يريد حربا. بادر وزير الخارجية القطري الى قول "نحن، نقوم بالحرب بالمال فقط"، وأنهى وزير الخارجية المصري أبو الغيط وقال "ان الحرب سيقوم بها فقط اولئك الذين لم يوقعوا على اتفاق سلام مع اسرائيل". نظر الجميع في الغرفة الى المندوب السوري الذي صمت.

        كان رئيس لواء البحث في أمان العميد يوسي بايدتس هذا الاسبوع في لجنة الخارجية والأمن وقال كلاما واضحا وهو أن الأسد يريد السلام مع اسرائيل ومقاربة الغرب، وهو مستعد لأن يدفع عوض سلام كهذا تغيير علاقاته بايران وحماس وحزب الله. يستطيع اتفاق كهذا ان يفضي الى تغيير اقليمي. هذا في الحقيقة هو موقف جهاز الامن من رئيس الاركان فنازلا. كذلك قال العميد بايدتس انه تفور في المناطق غرائز تستطيع في ظروف ما أن تنطلق الى الخارج، وأنه لا ترى في القريب عقوبات حقة على ايران، وأن اسرائيل ترى في العالم رافضة في الموضوع الفلسطيني.

        وذلك برغم عنوان رئيس نشر هذا الاسبوع في صحيفة "جيروزاليم بوست" اقتبس من كلام مسؤول اسرائيلي كبير اتهم سلام فياض بتشجيع العنف. قرأ فياض العنوان وغضب. وغضب الامريكيون وكلاؤه اكثر. يمكن أن نقول في سلام فياض كل شيء ما عدا تشجيع العنف. كان هدفه في السنين الاخيرة كله تسكين العنف في الضفة وأحرز على نحو شبه كامل.

        المشكلة مع فياض هي أن خطته للدولة الفلسطينية في حدود 67 ليست عنيفة، ولهذا فانها اشد خطرا في نظر نتنياهو. فبدل عمليات انتحارية فتاكة سيأتي الفلسطينيون بازهار ومؤسسات منظمة وتأييد دولي شبه عام. سنرى كيف يواجه نتنياهو ذلك. ربما يستصرخ اسرائيل كاتس لمشاورة طارئة.

        الصندوق يضرب ثانية

        ان اسس تحقيق "اذا شئتم" (ام ترتسو)، التي نشرت هنا قبل بضعة اسابيع في شأن "صندوق اسرائيل الجديد" اثارت عاصفة. منذ ذلك الحين جرت مادة كثيرة اخرى عن هذه القضية المشكلة.

        مثل رسالة الكترونية  ارسلها مواطن اسرائيلي يعمل متطوعا من أجل حقوق البدو في النقب. "قرأت محاضر الجلسات كلها للجنة غولدبيرغ"، كتب الي الرجل (لجنة غولدبرغ هي اللجنة التي عينت لتسوية مشكلة الاستيطان البدوي في  النقب)، "قراب 3500 صفحة ظهر أمام اللجنة 117 شخصا ومنظمة منهم 44 بدويا، 59 يهوديا و 14 جمعية ومنظمة. اكثر المنظمات التي حضرت أمام اللجنة أسمعت آراء متطرفة في مسألة البدو مضادة لدولة اسرائيل. الدعاوى المتشابهة التي اسمعتها هذه الجهات اعضاء اللجنة، واستعمال نفس التعبيرات عند أكثر المتحدثين جعلتني أبحث عن قاسم مشترك. وهكذا توصلت الى صندوق اسرائيل الجديد. تبين أنه من بين الـ 14 جمعية ومنظمة التي حضرت أمام اللجنة يتصل 12 منها بصندوق اسرائيل الجديد" وهنا أتت القائمة. اما اكثر الاسماء فانكم تعرفونها.

        ويزيد الرجل قائلا "ينبغي ان نذكر ان اكثر الجهات المتصلة بالصندوق الجديد والتي حضرت امام اللجنة لم تكن مختصة بموضوع البدو. بعضها منظمات أو جمعيات وقتية وبعضها جهات لا تتصل بموضوع البدو. يثير هدف مجيئهم الى اللجنة علامات تساؤل، وبخاصة ازاء صلتهم بالصندوق الجديد. هذا مثل من طرائق عمل الصندوق هو انشاء كتلة من الاشخاص والمنظمات تكرر الدعوى نفسها بحيث تؤثر في السامعين آخر الامر". "والان"، يكتب الرجل "نبلغ الشيء الذي أراه الاشد خطرا، والذي يشهد في رأيي على أهداف الصندوق الحقيقية. من بين 15 استاذ جامعة ودكتورا يهوديا حضروا امام لجنة غولدبيرغ، يتصل 7 مباشرة بالصندوق الجديد، ووقع 5 منهم في 2007، قبيل اجتماع اللجنة على وثيقة بعد صهيونية (او مضادة للصهيونية)، تسوي وضع البدو بأبناء البلاد في استراليا وتسوينا بالبيض في استراليا. بحسب الوثيقة، النقب كله للبدو ويجب اعطاؤهم جميع الاراض التي يطلبونها". وهنا تأتي قائمة أساتذة الجامعات والدكاترة.

        بعد ذلك يصف الرجل سيرته الذاتية. وقد طلب أن احذف تفصيلات تعرف به. يتضح منها أن ليس الحديث عن رجل يمين أو عن كاره للعرب. بل العكس. انه عاش بين البدو سنين طويلة.

        "أعتقد ان البدو يستحقون سكنا ودراسة ومعاشا مثل اليهود، وأنا أبذل في الحقيقة أكثر زمني متطوعا في تقديم شؤونهم (يفصل كيف بالضبط لكنني حذفت لمنع تعريفه). لكنني ما زلت اعتقد ان الارض هي ارض دولة وان الدولة هي دولة اليهود. من حق كل واحد في دولة اسرائيل بطبيعة الامر اعتقاد ما شاء من الاراء لكن الصلة الواضحة لاولئك الاشخاص والجهات الذين ذكرتهم بالصندوق الجديد تشهد بأن الحديث عن جسم سياسي غير اجتماعي كما يشهد الصندوق على نفسه".

        كان رد الصندوق الجديد: "البدو ايضا هم مواطنو اسرائيل. لماذا يعتبر اتخاذ موقف مؤيد للبدو موقفا مضادة للدولة؟ أترون التعاون مع لجنة غولدبرغ الرسمية نشاطا غير شرعي؟".

        المال مستهدف

        في السنة الماضية أرسلت رسالة الى صندوق التقاعد النرويجي الحكومي، الذي ينفق اموالا كثيرة على شركات اسرائيلية كبيرة نعرفها جميعا. حثت الرسالة حكومة النرويج على وقف هذه  العادة الخاسرة، وألا تنفق بعد على شركات اسرائيلية وأن تتعاون في ذلك مع المنظمات الاسرائيلية لـ "العدل" و "المساواة"، وأن تقاطع الشركات الاسرائيلية من الفور. وقعت على الرسالة منظمات كثيرة بينها بطبيعة الامر ايضا "تحالف النساء من أجل السلام"، التي يؤيدها الصندوق الجديد.

        من يفحص يستطيع التوصل من طريق هذا التحالف الى مشروع خاص لـ "من يكسب من الاحتلال"، وأن يتوصل من هناك الى الدعوة لمقاطعة اقتصادية للجميع: تيفع وباز و اي – دي – بي، وبلفون، وموتورولا، وسوبر فارم، ودور الون وافريقيا اسرائيل وغيرها. أتريدون التبرع لـ "تحالف نساء من أجل السلام" والحصول على ارجاع ضريبي ايضا؟ من طريق موقع "صندوق اسرائيل الجديد" في الانترنت. كل ذلك مفتوح في الانترنت.

        رد الصندوق الجديد: "صندوق اسرائيل الجديد يعارض استراتيجية المقاطعة من أي نوع، بل أعلن ذلك بصراحة. ان قضية تحالف النساء من أجل السلام يفحص عنها".

        في هذه الايام يجرى في ثلاث قارات في العالم حفل "اسرائيل ابارتهيد". وسيستمر اسبوعين. احتفال حقيقي لما بعد الصهاينة حيث كانوا. يأتي جزء كبير منهم بطبيعة الامر من بيننا. وكما كشفت منظمة NGO مونتور، يمكن ان نجد هنا ايضا نجوم الصندوق الجديد. عدالة بطبيعة الامر. ونكسر الصمت ايضا. قال البروفيسور جيرالد شتاينبرغ في هذا السياق ان "اسبوع الابرتهايد الاسرائيلي يستغله نشطاء مناصرون لفلسطينيين على انه جزء من حرب سياسية تسلب اسرائيل شرعيتها وتصورها في صورة شيطان، من اجل تشجيع حملة مقاطعة، وسحب استثمارات وعقوبات". هذه الاستراتيجية الجوهرية، على حسب ما يرى شتاينبرغ "ولدت في منتدى المنظمات غير الحكومية في الامم المتحدة من مؤتمر ديربن في سنة 2001 حيث أعلمت 1500 منظمة اسرائيل بعلامة كونها "دولة ابارتهيد عنصرية"، تنفذ "جريمة في الانسانية".

        شنلر يتنازل

        الحديث، كما قلنا آنفا، عن جزء صغير جدا من المادة الجديدة التي تدفقت وتتدفق طول الوقت. وذلك بغير مس للمادة المتفجرة الكامنة في فصل آخر من نشاط صندوق اسرائيل الجديد والبروفيسور نعومي حزان، ويتناول تدخلهما في  الجيش الاسرائيلي. يجثم على هذا الشأن ايضا تقرير ثخين أعدته جماعة ضباط اسرائيليين تعقبت دخول هذه المنظمات داخل الجيش الاسرائيلي في لباس "جندر منستريمنغ" (سياسة عامة تفرق بين الجنسين). على حسب هذه النظرية، يوجد نشاط محكم، منذ سنين طويلة مدعوم بقرار من الامم المتحدة ومنظمات دولية، هدفه اضعاف الجيش الاسرائيلي بادخال قيمة المساواة المطلقة للنساء. التقرير مليء بمعطيات تقوم على أبحاث علمية ومتابعات ومقالات. وهو يستحق الفحص عنه والنشر وسيؤتى هنا بأجزاء منه في الاسابيع القريبة. واليه يوجد ايضا مقالات اكاديمية اخرى لجهات مستقلة تدعم ما ورد فيه. يستحق  ذلك مباحثة بل ربما فوق ذلك. يجب الفحص عنها فحصا حقيقيا.

        نشرت منظمة NGO مونتور منذ وقت قريب، بعد ان هبت العاصفة، توصية بعدد من الخطوط الحمراء التي يجب على صندوق اسرائيل الجدي تبنيها كي يزيل غطاء الشبهة عن نشاطه وهي: الامتناع عن أي نشاط مقاطعة او منع استثمارات، او عقوبات على اسرائيل. والكف عن شيطنة اسرائيل وسلبها شرعيتها والتي تشتمل على تعبيرات مثل "ابارتهيد"، وخطابة نازية و "جرائم حرب" وعرض محرف للقانون الدولي. والكف عن المحاربة القضائية في الخارج لكبار مسؤولي اسرائيل، او ضباط اسرائيليين او شركات تجارية اسرائيلية والكف عن نشاط معاد للصهيونية مثل معارضة تعريف اسرائيل على أنها دولة "يهودية وديمقراطية"، وفي ضمن ذلك مطالب حل "دولة واحدة للشعبين"، والغاء قانون العودة وازالة الرموز اليهودية والقومية.

        يخيل الي ان الحديث عن مطالب منطقية. وهي لا تناقض المظاهرات المشروعة. لا مشكلة في مقاومة الاحتلال. ان الاحتلال في المناطق يسبب في رأيي ضررا اكبر من الفائدة ويسعدني جدا أن تنشأ من الغد دولة فلسطينية مستقلة زاهرة الى جنب اسرائيل. للاسف الشديد، عرض ايهود اولمرت على ابي مازن 98 في المائة مما طلب (ربما اكثر)، لكنه رفض كما رفض قبله بيرس وبيلين وباراك وآخرون. يمكن التظاهر في مقاومة الجدار في بلعين.

        تمكن مهاجمة سياسة حكومة اسرائيل في كل مكان وبكل طريقة. ويمكن، ومن المراد ايضا اقامة نوبات حراسة قرب حواجز في المناطق والتيقن من أن السكان الفلسطينيين يعاملون معاملة مناسبة. ويحل أن نعتقد ان سياسة رفض نتنياهو تفضي بنا الى كارثة (يبدو لي أنه يكتب كل اسبوع هنا كلام على هذا النحو). ويحل فعل كل شيء في الحقيقة. ما عدا محاولة تقويض أركان وجود الدولة اليهودية الوحيدة. من حقها أن تقوم ومن حقها ان تدافع عن نفسها. ان جزءا كبيرا من المنظمات المتطرفة التي يمولها صندوق اسرائيل الجديد يفعل ذلك بالضبط. بسمية كبيرة، وبموهبة لا يستهان بها وبتمويل سخي من متبرعين، لا يعلم اكثرهم لماذا يتبرعون ولمن يتبرعون.

        اكثر ما يقلقني هو ما حدث لعضو الكنيست عتنئيل شنلر، الذي اراد ان يقدم اقتراح قانون لاقامة لجنة فحص برلمانية عن نشاط الصندوق الجديد. كان شنلر مصمما ووعد بالمضي الى النهاية الى ان لقي جدارا اسمنتيا. فقد توجه اليه وزراء واعضاء كنيست كبار واشخاص كبار من جميع الاحزاب وجميع الزوايا، وجميعهم بنفس النغم تقريبا وبنفس الهمس قالوا: أجننت؟ ما الذي تفعله؟ أنت تقطع الغصن الذي نقعد عليه جميعا، دع ذلك بحياتك.

        لقد ترك ذلك. ومن المؤسف انه ترك، اما نحن فلن نترك.