خبر تهاجم أو لا تهاجم..هآرتس

الساعة 12:24 م|05 مارس 2010

بقلم: أفرايم كام/ نائب رئيس معهد بحوث الامن القومي

منذ منتصف 2008 والادارة الامريكية تتحدث بصوتين في كل ما يتعلق بعملية عسكرية ضد المواقع النووية في ايران. من جهة، قادة الادارة بمن فيهم الرئيس اوباما ورئيس الاركان الادميرال مايك ملن، يحذرون من أن كل الخيارات بالنسبة لايران، بما فيها الخيار العسكري، موضوعة على الطاولة. ومن جهة اخرى، مسؤولون كبار في الادارة، بمن فيهم ملن نفسه، يشددون على أن الولايات المتحدة لا تخطط الان لاتخاذ خطوة عسكرية في ايران، وانه في مثل هذه الخطوة تكمن مخاطر كبيرة. مسؤولون في الادارة يحذرون اسرائيل من عملية عسكرية، ويعربون عن الامل في الا تفاجئهم بهجوم في ايران.

        بين الصوتين، واضح أنه في المؤسسة الامنية الامريكية ترجح الكفة في صالح التحفظ من الخطوة العسكرية. الاقوال التي تشدد على أن كل الخيارات مفتوحة ترمي الى خلق ضغط ما على ايران، ولكن دون نية ملموسة لتنفيذ خطوة عسكرية في الظروف الحالية. ويقترح كبار رجالات الادارة ثلاثة اسباب اساس لتحفظهم على الهجوم في ايران. الاول: الافضلية تعطى الان للخطوة السياسية، وفي اطارها فرض عقوبات اكبر على ايران، وعليه، ففي هذه المرحلة لا مجال للتفكير بخطوة عسكرية. الثاني: خطوة عسكرية ستؤدي الى نتائج غير متوقعة، تضعضع الاستقرار في المنطقة وتعرض للخطر القوات الامريكية في الخليج. والثالث: الخطوة لن توقف البرنامج النووي الايراني، بل ستؤخره في اقصى الاحوال لسنة حتى ثلاث سنوات، في اطارها ستحسن ايران التحصين لمواقعها النووية وتجعل من الصعب أكثر فأكثر الهجوم عليها في المستقبل.

        فضلا عن هذه المبررات، يمكن الافتراض بان للادارة الامريكية اسبابا اخرى للتحفظ على الخطوة العسكرية. الهجوم في ايران سيكون في كل الاحوال عملية معقدة واشكالية نجاحها ليس مضمونا. وليس للادارة اليوم مصلحة في فتح جبهة اخرى في المنطقة، حين يكون اهتمامها موجه لاخراج قواتها من العراق، لاستقرار الوضع فيه، واستكمال الخطوة العسكرية في افغانستان. ولا تؤيد اي دولة اخرى بما فيها حلفاء الولايات المتحدة والدول العربية والاسلامية – على الاقل في هذه المرحلة – عملية عسكرية، بل ان بعضها تتحفظ منها صراحة وترى فيها مصيبة. ليس واضحا ايضا ماذا سيكون مدى الدعم لعملية عسكرية في الولايات المتحدة نفسها. وبالمقابل، واضح أن ايران سترد على العملية ويحتمل أن تحاول المس بحلفاء الولايات المتحدة وباهداف امريكية في الخليج، بما في ذلك القوات الامريكية في العراق وفي افغانستان. رد ايراني من شأنه أن يتضمن ايضا محاولة لتشويش تدفق النفط من الخليج، وفي كل الاحوال فان اسعار النفط من شأنها ان تقلع الى السماء.

        ادارة اوباما من شأنها أن تقف في هذا الشأن امام مسألة مبدئية. الادارة ملتزمة اليوم بوقف ايران قبل أن تطور سلاحا نوويا، ولا تزال ترى املا في القيام بذلك بالطريق السياسي. كما أن الادارة تفهم جيدا المعنى الخطير لايران نووية من ناحية اسرائيل وهي على علم بالاحساس بالخطر السائد في اسرائيل في هذا الشأن. ولكن، اذا تبين لها على مدى الزمن بان مساعيها السياسية لا تعطي ثمارا وان ايران لا تتوقف، فانه سيتعين عليها أن تقرر اين يكمن خطر اكبر: في عملية عسكرية في ايران ام في ايران ذات سلاح نووي. ليس واضحا اذا كانت الادارة قد وصلت الى مفترق هذا القرار، وماذا سيكون قرارها اذا ما وعندما تصل اليه. هناك احتمال لا بأس به في ان تقدر الادارة بان في يديها اجوبة معقولة على سيناريو ايران نووية، وعليه فمن الافضل لها ان تمتنع عن عملية عسكرية.

        ظاهرا يوجد للادارة جواب على هذه المعضلة: السماح لاسرائيل القيام بالعمل الاسود وتنفيذ خطوة عسكرية في ايران دون تدخل منها. غير أن لهذا الجواب مساوىء واضحة. لاسرائيل قدرات عسكرية ادنى من قدرات الولايات المتحدة، ضمن امور اخرى عقب ابتعادها عن ايران، وفرص نجاح الخطوة من شأنها ان تكون ادنى. وسيكون واضحا للجميع – ولا سيما لايران – بان الولايات المتحدة شريك في الخطوة حتى لو لم تشارك فيها. واذا ما ردت ايران على الخطوة بعملية ضد اسرائيل، فمن شأن الولايات المتحدة ان تقرر ان من واجبها ان تساعد اسرائيل وان تتورط في القضية.

        التحفظ الايراني من عملية عسكرية لا يخفف على اسرائيل. اذا أملت اسرائيل بان تقوم الولايات المتحدة نيابة عنها بالعمل – فان الاحتمال لذلك ليس عليا. كي تهاجم ايران ينبغي ان يتغير تقدير الاحتمالات والمخاطر التي ينطوي عليها هذا الهجوم في نظر الادارة، او ان تتخذ ايران خطوة استفزازية على نحو خاص في المجال النووي. تهديد حقيقي بعملية عسكرية هام جدا لتشديد الضغط على ايران، الا أن تكرار القول "كل الخيارات على الطاولة" لم يعد يخيف الايرانيين. ومهم بقدر لا يقل عن ذلك، الادارة الامريكية توضح في هذه الاثناء، بانها لا تعطي "ضوء اخضر" لاسرائيل للهجوم على ايران. دون "ضوء اخضر" امريكي، او على الاقل "ضوء اصفر" ستجد اسرائيل صعوبة في ان تعمل في ايران حتى لو قررت ان من الافضل لها أن تفعل ذلك.