خبر مرجعية عربية لمفاوضات معروفة النتائج!! ..ياسر الزعاترة

الساعة 05:25 م|04 مارس 2010

مرجعية عربية لمفاوضات معروفة النتائج!! ..ياسر الزعاترة

 

منذ أسابيع يناضل رموز السلطة في رام الله من أجل الحصول على مرجعية عربية للعودة إلى المفاوضات، أكانت مباشرة أم غير مباشرة، ويطالبون بمساعدة عربية في مواجهة "الضغوط الهائلة" التي تمارس عليهم من قبل الطرفين الأمريكي والإسرائيلي (من بينها حرمان عدد من أعضاء اللجنة المركزية من بطاقات الأف آي بي التي يتحركون بها بين المدن الفلسطينية وبين الداخل والخارج)، فضلاً عن تهديدات أخرى تتعلق من دون شك بمتطلبات السلطة ومصالح القائمين عليها، وكلها كما يعرف القاصي والداني بيد الطرف الإسرائيلي، فضلاً عن أشياء أخرى لا نعرفها، ربما على شاكلة البضاعة التي أخرجها فهمي شبانة الذي لا يملك في واقع الحال سوى القليل مما يملكه الإسرائيليون.

 

وقد بدا الموقف أكثر صعوبة بالنسبة للسلطة العتيدة حين لم تجد سنداً عربياً لموقفها الرافض للعودة إلى المفاوضات من دون تحقيق بعض الشروط الأولية، وعلى رأسها "التجميد المؤقت" للاستيطان في الضفة الغربية والقدس. والسند العربي بالنسبة لقيادة السلطة لا يتمثل في مواقف من نادي الممانعة، لأن أعضاء هذا النادي هم خصوم أو أعداء لا يصلح منهم دعم، ولا تقبل منهم نصيحة، بل لا بد من مواقف من أعضاء النادي الآخر، وعلى رأسه الشقيقة الكبرى التي لا تجد فرصة لتقديم دعم من هذا النوع، بل تجد نفسها "مضطرة" للضغط في الاتجاه المعاكس تبعاً لحاجتها لذلك في مواجهة مطالب اللوبي الصهيوني الذي يملك مفاتيح البيت الأبيض والكونغرس ووسائل الإعلام، وهذه جميعا يمكنها تعطيل التوريث، كما يمكنها دعم ترشيح البرادعي، في ذات الوقت الذي يمكنها فتح ملف الأقباط الذين يكتوون بنار التطرف الديني والاضطهاد السياسي، بحسب الخطاب المتداول عندما تدعو الحاجة لممارسة الضغوط.

 

أياً يكن الأمر، فها قد حصل القوم على مرجعية عربية، وسيعودون إلى الطاولة من جديد بصيغة التفاوض غير المباشر، وقد كانوا في حاجة إلى ذلك، إذ تحت أية ذريعة يمكنهم المضي في برنامج السلطة القائمة، وما ينطوي عليه من تنسيق أمني وسهر وانتباه يحول دون اندلاع انتفاضة شعبية جديدة يدركون أنها لن تلبث أن "تعسكر"، بحسب مصطلحهم، من جديد كما عسكرت سابقتها التي تقترب ذكرى مرور عقد كامل على اندلاعها، ولذات السبب الذي يلوح في الأفق هذه الأيام، أعني الاعتداء على المسجد الأقصى الذي يتحرش به الصهاينة، هم الذين أصابوه مراراً خلال المرحلة الأخيرة، بخاصة بعد ضمّ شقيقه الحرم الإبراهيمي في الخليل إلى قائمة التراث اليهودي أو الإسرائيلي.

 

هم (أعني قادة السلطة) يحتاجون إلى التفاوض أيضاً لأن تلك مهنتهم في الأساس، وهي مهنة "نضالية" بالطبع، بحسب اعتقادهم، بل لعلها أصعب بكثير من حمل السلاح وانتظار صواريخ الأباتشي أو الإف 16، أما الحديث الخافت عن خيار الدولة ثنائية القومية وحل السلطة ووقف التنسيق الأمني، فهو مجرد حرد سياسي لا أكثر، وما بني خلال سنوات لا يمكن التفريط به بهذه السهولة، لا سيما أن خياراً كهذا لن يتطلب الاستعداد للمطاردة فقط، بل يتطلب أيضا التضحية بما راكمه "الأحبة" من استثمارات خلال المرحلة الماضية.

 

لكن السؤال الأصعب في هذه الحكاية المثيرة للقهر والأسى هو ذلك المتعلق بنتائج المفاوضات في ضوء تجربة تقترب من نهاية عقدها الثاني (منذ مدريد 91)، ودائما مع من همْ أقل تطرفاً من نتنياهو الذي لا يخفي تفاصيل طرحه التفاوضي، والذي لن يكون مقبولاً مهما "اعتدل".

 

ما سيحدث برأينا هو المضي في برنامج "السلام الاقتصادي" و"الدولة المؤقتة" الذي يحظى بدعم واشنطن وقناعة معظم ساسة الدولة العبرية وعسكرييها وأمنييها، والذي ترفضه السلطة من باب التسويق الشعبي، بينما تكرسه على أرض الواقع عبر ثنائي دايتون - بلير وسائر سياسات سلام فياض التي تتحدث عن بناء مؤسسات دولة الأمر الواقع.

 

هل سيقبل الفلسطينيون بمسار كهذا يُستغل في مزيد من الاستيطان والتهويد مقابل منافع لفئات محدودة؟ لا نعتقد ذلك، فعلى هذه الأرض شعب عظيم لن يلبث أن ينتفض، حتى لو سكت بعض الوقت بسبب بؤس الأوضاع القامة.

 

صحيفة الدستور الأردنية