خبر سياسة الحياة -معاريف

الساعة 09:30 ص|03 مارس 2010

بقلم: عينات وايزمن

        (المضمون: قانون الجنسية الذي يمنع مواطنين اسرائيليين لم شملهم مع أزواجهم من الضفة ومن غزة، لبنة في صراع عرقي – بيولوجي تجريه  الدولة في مواجهة الفلسطينيين - المصدر).

        بحث فريق موسع أمس من قضاة محكمة العدل العليا استئنافا على "قانون الجنسية ودخول اسرائيل (أمر طارىء)" –  "أمر طاري" يمنع منذ ثماني سنين، ساعة بعد ساعة مواطنين اسرائيليين من التوحد مع أزواجهم من سكان الضفة الغربية وغزة بأن يسلب هؤلاء الاخِرين دخول اسرائيل والمكث فيها. ان القانون، الذي امتنعت المحكمة عن رفضه في الماضي بعلة انه يخدم "غاية أمنية مؤقتة"، يعرض على أنه تشريع أمني، لكنه لا يرمي الى أن يدفع عن سكان اسرائيل هجمات عدو. هدفه ان يدفع عن رؤيا الدولة اليهودية "التهديد السكاني".

        هذه لبنة في حرب عرقية – بيولوجية تقوم بها الدولة ويستعمل فيها القضاء والبيروقراطية سلاحين مركزيين. يمكن أن نعد في ضحايا في هذه الحرب، زيادة على الناس الكثير الذين أضرت بهم على نحو غير مباشر، الديمقراطية الاسرائيلية ايضا. فالقانون يجسد في واقع الامر التوتر الداخلي الكامن في المصطلح  المفارق "دولة يهودية وديمقراطية". في التصادم بين الاثنتين بين الشارع انه يفضل دولة يهودية سكانية ولو مضت الديمقراطية الى الجحيم.

        من أجل تليين الأمر الطارىء الطويل الأمد حدد فيه اطار لاعتراف بشذاذ – "لجنة انسانية" ترمي الى أن تحدد من الازواج ليس خطرا على الدولة. لكن حتى الشاذ "الانساني" هذا يدل على التفكير العرقي – القومي في اساس هذا التشريع، لان القلة الذين يحظون بالرخصة المأمولة في البقاء في الدولة هم في الاكثر أناس مرضى شيوخ، بحيث ان فلسطينيين غير قادرين على النسل يحظون في الاتيان للعيش معنا. اما الباقون فأحرار في تحقيق حبهم لكن لا في دولة اليهود.

        ان اكبر تهديد يريد القانون أن يدافعه ليس هو الذي يعرض من اولئك الفلسطينيين الذين يريدون التوحد مع اعزائهم، بل التهديد الكامن في ذريتهم المحتملة التي قد تحقق – والعياذ بالله – حقوقهم بل ربما يصوتون. ومن اجل منع تحقيق هذه الرؤيا المرعبة، رؤية الديمقراطية، يحاول القانون أن يضمن ألا يولد اولاد كهؤلاء.

        يثبت هذا القانون، مثل قوانين كثيرة أخرى أن كل شأن الزواج في اسرائيل مستعبد للتفكير السكاني. فهذه محاولة الدولة للسيطرة على علم الاحياء. لا يعبر عن ذلك فقط بتجنيد القانون لحماية النفس من التهديد الذي تعرضه الرحم الفلسطينية. في دولة تجري معركة في حقل علم الاحياء ليس مفاجئا أن موضوع علاجات الخصب، والتخصيب الجيني وعلاج أنسجة الجنين هو من الأشد تقدما في العالم. ان قانون الجنسية الذي كتب وخصص للسكان الفلسطينيين هو لبنة فقط في نظام قانوني تقني كامل هدفه مخلوق سياسي لشعب.

        هذا هو الجانب الثاني من السياسة التي تشغل نفسها بالموت وبمن يجب قتله، سياسة الحياة – اي حياة تريد الدولة انشاءها وأي حياة تريد منعها. الحرب السكانية هي قضية معروفة لكنها لا تلخص بالموازنة العددية بين اليهود وغير اليهود. يكمن عنصر مركزي في جهد منع نشوء "مسوخ"، عربية – يهودية او يهودية – عربية.

        في الاكثر الاعم، المواطنون الاسرائيليون الذين فصلهم الأمر الطارىء عن أبناء عائلاتهم في الضفة او في غزة هم فلسطينيون ذوو جنسية اسرائيلية ("عرب اسرائيليون"). لكن الحديث في قليل من الحالات عن أزواج مختلطة تنتظر سنين كثيرة لاجازة لم الشمل. وهم على نحو عام نساء يهوديات أحببنا رجالا فلسطينيين ويدفعن من مكتب الى مكتب مؤملات أن يحظين باجازة الدولة للم الشمل "الذي لا يقبله العقل".

        ليست سياسة الفصل أسوار ترتفع الى أعلى عدة أمتار فقط، بل أسوارا ميكروسكوبية أيضا تبنيها الدولة في مستوى مورثات الحمض النووي. الى جنب القيود على اليهود في الزواج من غير اليهود، جهدت الدولة في فصلهم عن جيرانهم الأكثر مباشرة وعن شفراتهم الجينية، وعن حل عاطفي قابل للتحقيق لسنين من النزاع. لانه لو مكنت بعد أكثر من مائة سنة من الصهيونية من حرية انشاء شعب جديد خليط، لكانت مطالبه مختلفة تماما واقتضت سياسة وواقعا مختلفين.