خبر هم يخافون -هآرتس

الساعة 11:00 ص|02 مارس 2010

بقلم: يوئيل ماركوس

 (المضمون: اسرائيل تملك قوة ردع تعززها دائما واذا شعرت بأن وجودها مهدد فانها قد تستعمل هذه القوة بغير نظر الى موافقة الامريكيين وغيرهم وهذا أمر يثبته التاريخ - المصدر).

        تمت المأدبة في قصر رئيس سورية بشار الاسد بحسب أفضل التقليد الرسمي الغربي. فشرشف حريري أبيض، وبطاقات جلوس قرب كل كرسي، وصحون من الخزف الفاخر، وملاعق من الفضة الخالصة، وثلاث كؤوس للضيف من بلور لطيف. كان الفرق الوحيد في اختيار تنوع الوجبات الاولى من الحمص المعروفة عندنا في مطاعمنا الشرقية. لم تكن الوجبة الرئيسة في مجال الطعام بل في مجال السياسة. لم يجلس حول المائدة سوى رؤوس محور الشر وكانت الوجبة الرئيسة هي اسرائيل.

        انه نفس الاسد الذي اقترح في المدة الاخيرة فقط عدة مرات اجراء تفاوض سلمي مع اسرائيل. وعن يمينه احمدي نجاد الذي يعلن بالقضاء على الدولة الصهيونية، وعن يساره نصرالله الذي يؤيد هذا الهدف بكلتا يديه. بحسب نشرات أجنبية، أتى هذه القمة متنكرا وهدفه، كما يمكن ان نخمن انشاء حلف عسكري يردع اسرائيل و/أو الولايات المتحدة على الأخذ باجراءات تمس بحصول ايران على القدرة الذرية، التي لا تخافها اسرائيل فقط بل العالم كله.

        هذه القمة المفاجئة هي بيقين من مصلحة، لكن ليس واضحا هل هي ايضا من مصلحة سورية. ان نظام حكم الاسد هو بين نظم الحكم التي تريد ايران اسقاطها. فالاسد فضلا عن أنه ليس شيعيا، غير متدين ايضا. وهو يعد في قلة تسيطر على الكثرة في سورية. يجب أن يكون أقرب الى العراق والسعودية والأردن ومصر من ايران.

        توجد للأسد، اذا صدقنا نشرات أجنبية أسباب جيدة للخوف من الاستخبارات الاسرائيلية، ومن قدرتها على التغلغل والكشف. لا من الاغتيال في دبي الذي بطريقة جيمس بوندية، بل من اغتيال عماد مغنية في قلب دمشق. فبخلاف محمود المبحوح، الذي خرج وأتى علنا من دبي وتحدث بحرية الى هاتف أخيه في غزة، نكر مغنية هويته. اذا زدنا على ذلك عدة عمليات غامضة فيها الكشف عن المفاعل السري في سورية وقصفه فان للاسد سببا للقلق.

        فيما يتعلق بأحمدي نجاد، له فم كبير، كبير جدا حتى انه لا يفهم انه كلما هددنا بكارثة ثانية، حث اسرائيل على ان تبني قوة ردع وزاد استعدادها لاستعمالها. يقول الدكتور رونين بيرغمان في مقالة نشرها في الاسبوع الماضي في صحيفة "يديعوت احرونوت"، انه في لقاء اجراه البروفيسور يوفال نئمان الراحل، المشارك في المشروع الذري الاسرائيلي، مع بن غوريون، قال له رئيس اول حكومة اسرائيلي ان كابوسه الفظيع هو أن يجري على بقايا اللاجئين من أوروبا الذين أتى بهم الى اسرائيل، كارثة ثانية. لهذا، يكتب بيرغمان، فان التقدير الذي سيرجح الكفة والذي من أجله قصف بيغن المفاعل في العراق، وبسببه قصف المفاعل في سورية، هو أنه يجب ألا تعطى الدولة التي تدعو الى ابادة اسرائيل وسائل تحقيق ذلك.

        ليس هذا التهديد في اتجاه واحد. قد تخطىء ايران فهم المسموع بحسب الأصوات التي تصدر عن اسرائيل. وقد يخطىء قادتها فهم قدرة اسرائيل، او المبالغة في الضغط الامريكي عليها ألا تعمل في  مواجهة ايران. لكن ردعنا يعتمد على بناء القوة والاستعداد لاستعمالها في حالة تهديد الوجود.

        في أيام الانتظار في 1967، عندما جلس جنودنا أسابيع بلا عمل تحت الشمس المحرقة ومصر تهدد بالهجوم، عين آخر الامر موشيه ديان وزيرا للدفاع وانتظر الجميع قراره. لكنه في لقاءه الاول مع المراسلين الاجانب قال جملة غامضة: "من المتأخر جدا العمل العسكري والمبكر جدا الاتفاق على العمل السياسي". قرر الصحفي وينستون تشرتشل (الحفيد) انه يضيع الوقت وفي تلك الليلة نفسها طار عائدا الى لندن – حين كانت طائراتنا في طريقها للقضاء على طائرات سلاح الجو المصري في قواعدها.

        ان صيت اسرائيل مبني على الردع ذي الغطاء. ان ايران، الممتلئة بذاتها، قد تقدر أن لا نعمل او انهم لن يدعونا نفعل. لكن الاستخبارات الجيدة تستطيع الاعتماد على سوابق عملنا فيها من قبل في حالات مشابهة. فبقصف المفاعل في العراق فاجأنا الامريكيين برغم انهم ربما اعطونا موافقتهم بغمزة عين.

        يحاول قادة ايران في دمشق بناء محور هجومي مضاد لاسرائيل وجبهتها الداخلية. وكما قال هنري كيسنجر، المصابون بوسواس المطاردة لهم أعداء ايضا. من المحقق ان لهم ثمن كبيرا لكنهم يخافون في واقع الامر.