خبر الحصار يهدد صناعة « المنظفات » بالانقراض في غزة

الساعة 06:32 ص|02 مارس 2010

فلسطين اليوم-غزة

يهدد الحصار المفروض على قطاع غزة بانقراض صناعة المنظفات، نظراً لإغلاق المعابر أمام دخول المواد الخام، التي أصبحت نادرة، وارتفعت أسعار المتوفر منها.

وتشكل هذه الصناعة مصدراً رئيساً للدخل للعديد من العائلات في القطاع، التي عملت بإمكاناتها الذاتية على تصنيع أصناف مختلفة من المنظفات مثل الشامبو، والكلور، والصابون السائل، ومن هذه العائلات عائلة المواطن أحمد بنات (21 عاما) الذي يساعد والده منذ سنوات في صناعة الشامبو والكلور، لكنه عانى وأسرته بشدة في الأعوام الأخيرة بسبب محدودية العائد المادي لهذه الصناعة.

ويقول بنات لصحيفة "الأيام" إن ثمانية من أفراد عائلته يعتمدون في مصاريفهم على تصنيع المنظفات، ومن بينهم شقيقته وهي أرملة شهيد وابنتها التي تعاني من مرض جلدي وتحتاج إلى رعاية وعلاج دائمين، موضحاً أنهم لا يمتلكون مصنعا أو حتى دكاناً بل يستغلون مساحة خالية في المنزل لصنع المنظفات، الأمر الذي يؤثر على الكميات التي ينتجونها، في ظل منافسة قوية مع المصانع الكبيرة.

وأكد أحمد أنه ووالده رفضوا الاستسلام والتخلي عن مهنة العائلة، واتجهوا إلى شراء المنظفات وتسويقها بدلا من صناعتها، الأمر الذي جعل نسبة أرباحهم ضئيلة جدا مقارنة مع عائد إنتاجها منزليا وبيعها.

ويوضح والده سعيد بنات (57 عاماً) أنهم لا يمتلكون محلا أو مصنعا ولا يستطيعون الاستعانة بعمال من خارج الأسرة، حيث يقوم بالعمل هو وابنه أحمد وأحياناً نساء العائلة إذا كانت هناك طلبيات كبيرة، غير أنهم حققوا اسما تجاريا في الأسواق بسبب التزامهم بإنتاج منظفات تتمتع بمواصفات عالمية وتتلاءم ومعايير الجودة، وفي الوقت ذاته يعرضون أسعارا أقل في محاولة للنجاة أمام المنافسة التي قد تقضي على اسمهم التجاري.

وأشار إلى أنه يعمل جاهداً كي لا تختفي منتجاتهم من السوق المحلية، ومنها شامبو "حنين" الذي يحمل اسم حفيدته ومنظفات "آل بنات".

ولفت إلى أنه تعلم هذه المهنة حين كان يبلغ من العمر 15 عاما في مصنع ينتج أنواعا مختلفة من الصابون والكريمات وبعض أدوات التجميل والشامبو، وظل كذلك حتى بلغ الخامسة والعشرين وبدأ يعمل بمفرده، ولكن دون أن يقترب من الصناعات المعقدة مثل الكريمات الخاصة بترطيب البشرة.

صناعة مكلفة

ونوه إلى أن صناعة المنظفات مكلفة لأنها لا تتضمن فقط شراء المواد الخام بل أيضا العبوات وطباعة الملصقات التي تحمل اسمهم التجاري ثم توزيعها، مؤكدا خلو السوق بعد سنين من الحصار من العبوات المناسبة أو مواد الخام، أو حتى توفر قطع الغيار للآلة الوحيدة التي يملكها لصناعة الشامبو، وقد تعطلت منذ فترة طويلة.

وهنا تتذكر زوجة أحمد بنات (20 عاماً) الأوقات التي كان يشتد فيها العمل فتضطر إلى مساعدة زوجها ووالده، مشيرة إلى تعرضهم للخطر في بداية العدوان على قطاع غزة قائلة: "خرج زوجي وشقيقه على عربة كارو لتسويق الكلور للمنازل كما يفعلون عادة، وأطلقت الطائرات صاروخاً ما تسبب في إصابة زوجي وشقيقه ومقتل الحمار وتدمير المواد التي كانوا يحملونها".

وتدخل أبو أحمد قائلا "كانت الخسارة كبيرة بنحو ألف دينار"، منبهاً إلى أن هذه الحادثة إضافة إلى تكاليف علاج حفيدته المرتفعة كادت تسبب له نكسة مالية، واحتاج الأمر إلى تدخل خارجي لإنعاش مشروعهم العائلي.

وقد تدخل منتدى "شارك" الشبابي فقدم لابنتهم أريج أرملة الشهيد التي تسكن في منزل والدها منحة للنهوض بمهنة العائلة وتحسين الدخل، بلغت نحو أربعة آلاف دولار على مرحلتين في العامين 2008 و2009، أي قبل الحرب وبعدها، وجاءت هذه المنحة عبر قائمة بالمشتريات لمواد التنظيف الخام وغيرها من اللوازم التي حسنت الدخل بالفعل، واستطاع أحمد ووالده شراء عربة كارو جديدة لتسويق منتجاتهم، كما تمكن من إرسال حفيدته هبة ذات الثلاثة أعوام للعلاج في الخارج.