خبر كيف يعدون الخوف -هآرتس

الساعة 09:59 ص|28 فبراير 2010

بقلم: عميرة هاس

 (المضمون: 212 حادثة تتصل بالاحتلال عدها قسم التفاوض في منظمة التحرير الفلسطينية في يوم واحد في شباط هذا العام. هذا هو روتين العيش في الضفة والقطاع الذي لا يبلغ البتة الى علم الجمهور في اسرائيل- المصدر).

        "كانت سنة 2009 الاهدأ للاسرائيليين من جهة أمنية، والأعنف بالفلسطينيين من جهة هجمات المستوطنين في الضفة الغربية". في حين كان وزير الزراعة الفلسطيني، اسماعيل دعيك يقول ذلك – كواحد من امثلة المفارقة التي تميز الوضع السياسي – تلقى مكالمة هاتفية من محافظة جنين: أن خمس آبار ماء ارتوازية في أراضي كفر دان هدمت في الصباح كما أبلغ. أطلقت النار على شخص وجرح في بطنه عندما أراد رفع المضخة، محاولا انقاذها من الهدم. لم يكن ذلك هجوم مستوطنين بل غزوا للجيش.

        لم تكن تلك هي الحادثة الراتبة الوحيدة في يوم الاربعاء ذاك 24 شباط. فقسم المفاوضات من منظمة التحرير الفلسطينية يجمع كل يوم معلومات من جميع محافظات المناطق المحتلة (غزة والضفة وفي ظل ذلك القدس) وينشرها في "تقرير وضع" يومي لـ "جماعة المتابعة الفلسطينية". من أجل الراحة، يرتب تقرير الوضع الاحداث بحسب قضايا ثابتة، وبعد ذلك يفصلها بحسب المحافظات المختلفة. في يوم الاربعاء ذاك سجلت في الحصيلة العامة 2012 حادثة تتعلق بالاحتلال.

        اليكم عددا منها: هجمات جسمانية – أربع (في الضفة الغربية، فيها ضرب مواطنين في نابلس وفي القدس)؛ وجرح واحد – مواطن في اثناء مصادمة في كفر دان؛ وهجمات اطلاق نار عسكرية: ثمان منها اثنتان في غزة واثنتان في اثناء اعمال دهم، وواحدة من موقع عسكري؛ وأعمال دهم عسكرية – 39 (واحدة في غزة)؛ واعتقالات 28. وتعويق على الحواجز وفي الاحياء السكنية – 12. تشتمل القائمة الثابتة ايضا على هدم بيوت (صفر في ذلك اليوم)، وتسطيح ارض زراعية (واحدة في غزة)، وبناء السور (22 نقطة). والى ذلك يشتمل تقرير الوضع على هدم أملاك – 7 حالات، تشمل الآبار وابادة محاصيل؛ واغلاق حواجز – ثماني حالات، منها خمس حالات تعويق على الحاجز؛ واقامة حواجز متنقلة – 23، وسد ثابت للطريق الى القرى – 7؛ وسد لشوارع مركزية – 40 (منها 4 في بيت لحم و 14 في الخليل، تشمل قرية جبع شرقي رام الله)؛ واغلاق معابر رئيسة – 4 (في غزة، حصار دائم)؛ وتشويش على مدارس – ثلاث حالات (تشمل القاء قنبلتي غاز مسيل للدموع)؛ وعنف مستوطنين – 1 في (الشيخ جراح)؛ ومظاهرات 1 (في الخليل). وتشتمل القائمة الثابتة ايضا على "هجوم فلسطيني"، كان صفرا في ذلك اليوم.

        ان فلسفة تقرير الوضع واضحة. فليست "الحادثة" موتا فقط او ضربا او اطلاق نار او هدما، بل المس الدائم الذي يصحب سياسة الاغلاق وبناء  السور ومحاصرة غزة. لكن بغير "تفصيلات الاحتلال" هذه ايضا، لا تبلغ الكثرة المطلقة من هذه الاحداث الى علم الكثرة الكبرى من الاسرائيليين.

        لا يعبر أي احصاء عن الضوائق النفسية والاجتماعية التي  تصحب كل حادثة او عدم حادثة، مثل سجن مليون ونصف مليون من البشر في قطاع غزة، وحقيقة ان عشرات الالآف ما زالوا لا يستطيعون رمّ بيوتهم التي أصيبت بهجوم الجيش الاسرائيلي. يمكن بغير ان نسأل ايضا ان نعلم ان سبب طم الآبار في محافظة جنين هو أنها حفرت "بلا رخصة". لكن السيد الذي يطم هو الذي يسيطر على موارد الماء ويقرر تقسيم ماء غير متساو بين الفلسطينيين والاسرائيليين. ولا يشتمل الاحصاء على صعاب العيش وعلى الاهانة الدائمة التي يحدثها التمييز في قسمة الماء.

        في اثناء 2009 هدمت اسرائيل 225 مبنى فلسطينيا في الضفة الغربية واقتلعت 515 فلسطينيا من أماكن سكنهم. هذا ما أبلغ عنه مكتب الأمم المتحدة بتنسيق الشؤون الانسانية. ويعيش آلاف آخرون في "المنطقة ج" وفي القدس في خوف دائم من هدم بيوتهم واقتلاعهم من مدنهم. كيف يعد الخوف؟

        مثل الخوف الذي حدث في بيوت نحو من 700 حدث اعتقلهم الجيش الاسرائيلي في اثناء 2009. مثل الفرع الفلسطيني لمنظمة "الدفاع العالمي عن الصغار" (DCI) 218 من هؤلاء الاحداث. سرح 40، 28 بكفالة و12 بلا شروط. واعتقل 7 صغار اعتقالا اداريا اي اعتقالا بلا محاكمة. في الحصيلة العامة حكم على 192 منهم 23 (12 في المائة) في سن 12 و 13، و46 (24 في المائة) في سن 14 و 15. و123 (64 في المائة) في سن 16 و 17. وحكم على 63 في المائة من المعتقلين (121) بعقوبات سجن أقل من 6 أشهر. وحكم على 31 (16.1 في المائة) بعقوبات سجن بين نصف سنة الى سنة، وعلى 32 (16.7) – بين سنة الى ثلاث. وحكم على 8 احداث بأكثر من ثلاث سنين سجن.

        حكم على الكثرة الكبرى (117) لرمي الحجارة، وعلى 33 للامساك ولرمي زجاجات حارقة، وعلى 11 للعضوية في منظمة غير قانونية، وعلى 8 لصلة بقتل، وعلى 7 لحيازة مواد متفجرة ودفنها وعلى 16 لحيازة سلاح وانتاجه. بغير أن نتطرق الى ماهية نظام الاعتقال والحكم العسكري ايضا – الذي يعزز الاحتلال لكنه يسمي ذلك حفاظا على القانون والنظام – وبغير أن نحتسب حقيقة ان المحاكم العسكرية يفضل فيها الاعتراف بأعمال لم تفعل وإلا فان الاعتقال سيكون اطول من الاعتقال عن الجناية – كيف نحتسب الغضب الشخصي والعام الذي تعبر عنه الحجارة والذي أحدثه عنف الجهاز القضائي العسكري؟

        كل نبأ ينشر عندنا يكون موضوعه سيطرة اسرائيل على الفلسطينيين مخادع. فهو يحدث انطباع ان هذا كل ما حدث عند الفلسطينيين اما ما سوى ذلك فكل شيء طبيعي او في نماء اذا اردنا الحكم على حسب السيارات الجديدة والبناء في رام الله. كل نبأ ينشر عندنا يدل على النقص وعلى ما لا نريد معرفته.