خبر ياسر الزعاترة يكتب : «العميل الأخضر» نجل القيادي الحمساوي

الساعة 09:23 ص|27 فبراير 2010

ياسر الزعاترة يكتب : «العميل الأخضر» نجل القيادي الحمساوي

غادر مصعب ، نجل القيادي المعروف في حركة حماس حسن يوسف الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى الولايات المتحدة منذ سنوات ، وأعلن أنه تحول للمسيحية حيث تبنته كنيسة هناك ، وكان بوسع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أن تكشف قصته منذ ذلك الحين في سياق من الفخر الذي اعتادت عليه ، لكنها لم تفعل إلا قبل أيام ، فلماذا وقع ذلك؟

بداية من المفيد القول إن حسن يوسف هو واحد من قادة الضفة الغربية ، وخلال ذروة العمل العسكري والعمليات الاستشهادية قبل عام 2003 ، كان هناك من هو أعلى منه ، بعضهم استشهد ، وبعضهم الآخر رهن الاعتقال ، كما أن سقوط ابنه لا يسيء إليه إلا في وعي الصغار ، فالرجل الذي قضى في سجون الاحتلال وسجون السلطة حوالي 14 عاما لا يستحق شهادة من أحد ، فضلا عن أن سمعته بين الناس وبين إخوانه كانت رائعة بكل المقاييس ، مع العلم أن الشماتة في مثل هذه المواقف ليست من شيم الشرفاء.

يأتي توقيت إثارة القصة في خضم المعركة مع حركة حماس ، وهي جزء من مساعي بث الإحباط في صفوف الشارع الفلسطيني من أجل القبول بصيغة دايتون - بلير ورفض المقاومة ، كما تأتي في خضم قضية محمود المبحوح وتداعياتها ، حيث يراد استخدامها بهذه الطريقة الحقيرة التي تنم عن عقلية هذا الكيان الذي لا يتورع عن إسقاط الناس بشتى الوسائل من أجل دفعهم للتعاون معه ضد شعبهم. وفي هذا السياق قصص لا تحصى يعرفها بعض المتابعين لتاريخ النضال الفلسطيني ، بل وتاريخ سائر حركات التحرر التي لم تنج بدورها من العملاء والاختراق.

مصعب ابتداء ليس من عناصر حماس ، ومعلوم أن الأبناء لا يسيرون دائما على نهج الآباء ، بدليل ابن سيدنا نوح عليه السلام ، وعندما اعتقل الابن في العام 96 أحسّ الأب بوضعه بعد الإفراج عنه ، وإمكانية أن يكون قد أسقط ، فكان أن حذر عناصر الحركة من التعامل معه ، مع أنه لم يكن يملك دليلا حسيا على عمالته.

معلوم أن المنطقة التي ينتمي إليها الشيخ حسن يوسف هي رام الله ، وهي من أقل المناطق التي خرج منها رجال كتائب القسام ، وبالتالي فإن القصة في مجملها وما انطوت عليه من حديث عن عشرات العمليات التي أفشلها ، تبدو مضخمة إلى حد كبير ، حتى لو سلمنا بأن الشاب قد دلهم على بعض العناصر ، وعموما كانت سنوات الذروة في العمل العسكري قد انطلقت بينما كان الرجل مكشوفا من الناحية العملية.

يضاف إلى هذا البعد أن الشيخ حسن يوسف نفسه كان قائدا سياسيا لا صلة له بالعمل العسكري ، ما يعني أن فرصة الابن في الحصول على المعلومات لم تكن واردة ، اللهم إلا في نطاق ضيق إلى حد كبير ، لكن الساقط الذي باع أهله ووطنه لا يُستغرب منه الكذب لإرضاء سادته وأولياء نعمته.

حركة حماس ليست محصنة تماما ضد الاختراق ، والعدو له القدرة على إسقاط أقوام كان بوسعهم تقمص أدوار الدين والتدين ، وقد حصل ذلك مع إمام مسجد في الضفة ، وكذلك مسؤول في جهاز الدعوة في القطاع كان له دوره في اغتيال الشهيد عماد عقل وشهداء آخرين ، وقد قتل العميلان بعد ذلك.

يبقى أن طبيعة الحركة وفكرها ومن ينخرطون فيها تجعلها أكثر قدرة على مكافحة مساعي الاختراق ، بدليل أنها كانت الأكثر تماسكا والأقل تعرضا لهذه المشكلة قياسا بحجمها ومقارنة بالآخرين ، أكانوا من أصحاب الأيديولوجيات الدنيوية ، أم الذين لا أيديولوجيا لهم.

من الواضح أن التركيز على مصعب قد تم بسبب والده ، فكان أن أسقط وأصبح عميلا رخيصا للاحتلال ، مع العلم أن سيرة قيادات حماس في أبنائهم كانت مشرفة ، وقد استشهد كثيرون منهم ، بينما يقبع عدد كبير منهم في السجون.

لقد سعوا إلى تجنيده للعمالة ، ولم يكتفوا بذلك بل عملوا على دفعه إلى تغيير دينه ، فيما يبدو أن الشاب قد استسلم تماما لهم بعد إسقاطه (ليس من الصعب تخيل وسيلة الإسقاط التي لن يتحدث هو ولن يتحدثوا هم عنها) ، بدليل تصريحاته الكثيرة الغريبة ، سواء العام الماضي في سياق الحديث عن تركه لدينه ، أم هذه المرة في سياق فخره بعمالته (إذا صحت رواية هآرتس بالطبع).

نتعاطف مع الشيخ حسن يوسف ، ذلك العملاق الأشم ، ونقول له إن ما جرى لك هو ابتلاء آخر ستصبر عليه كما صبرت طويلا على عناء السجن والسجان ، ويبقى الخزي والعار من نصيب القتلة الساقطين الذين لا يعرفون الفضيلة ولا القيم كما يؤكد تاريخهم.