خبر المخطط الاستعماري لطمس الهوية الإسلامية ,,د. محمد عمارة

الساعة 11:52 ص|26 فبراير 2010

المخطط الاستعماري لطمس الهوية الإسلامية  ,,د. محمد عمارة

 

إن اللغة والقانون من ثوابت الهوية القومية والحضارية لأمتنا العربية الإسلامية.. ولذلك كانت الحرب الاستعمارية معلنة عليهما، منذ بدء الغزوة الاستعمارية الأوروبية الحديثة وحتى هذه اللحظات!

 

فتغريب اللغة واللسان، وعلمنة القانون والتشريع، في مقدمة العوامل المفضية إلى التبعية والإلحاق والذوبان في المركز الغربي ونموذجه الحضاري.. ومن ثَمَّ تأبيد الاستعمار، حتى وإن ظلَّت بلادنا خاليةً من الجيوش الأجنبية، وأصبح لدينا "استقلال" الإعلام والأناشيد!

 

وعندما احتلَّت فرنسا بلاد المغرب العربي كان فلاسفة الاستعمار صرحاء -إلى حد الوقاحة- عندما أعلنوا: "أن الأسلحة الفرنسية هي التي فتحت البلاد العربية، وهذا يخولنا حق التشريع الذي يجب تطبيقه في هذه البلاد!.. ويجب جمع العادات البربرية، لئلَّا تضمحل في الشرع الإسلامي.. إذ العرف ينمحي إزاء القانون.. والأَوْلى أن نرى العُرف البربري يندمج في القانون الفرنسي من أن نراه يُدمج في القانون الإسلامي!

 

إن مبدأ استقلال العرف البربريّ ودوائر اختصاصه عن الشرع الإسلامي، يحقِّق أكبر مصلحة سياسية لفرنسا، وإن إبعاد الشرع الإسلامي من جميع بلاد البربر بشكلٍ نهائي ومطلق يسمح لنا -في يوم قد لا يكون بعيدًا- بإنشاء نظام للعدلية البربرية في اتجاه فرنسي خالص!

 

ومثلما سعى الاستعمار الفرنسي ببلاد المغرب العربي إلى "علمنة.. وفرنسة" الأعراف والقوانين، لفصلها عن الشريعة الإسلامية، وجعلها "فرنسية خالصة".. سعى هذا الاستعمار إلى تغريب اللغة وفرنستها.. فكتب فلاسفة هذا التغريب يقولون: "يمكننا بسهولة كتابة البربرية بالحروف الفرنسية، كما فعلنا بالهند الصينية".. وإذا لم يمكننا عقد الأمل على رجوع البربر عن الإسلام، ونبذهم لهذا الدين، لأن جميع الشعوب لا تبقى بدون دين في مرحلة تطورها، فيجب أن لا نخشى من ذلك، خاصةً إذا تمكنَّا أن نفصل بين الإسلام والاستعراب.. وفصل الدين عن القانون المدني، مثلما حدث في قانون الأحوال الشخصية سنة 1917م.. ولذلك يمكننا أن نحصر الإسلام في الاعتقاد وحده.. وعلى هذا لا يهمُّنا كثيرًا أن تضمّ الديانة الشعب كله، أو أن آيات من القرآن يتلوها رجال بلغة لا يفهمونها!

 

كذلك أعلن دهاقنة هذا الاستعمار ضرورة فصل العربية عن الإسلام، مع ضرورة فصل العرب عن الشريعة الإسلامية.. وقالوا: "إنه لخطأ فاحش التصرف بشكل يساعد على إعادة إحياء العلاقة بين العرب والبربر، ولا حاجة لنا في تعليم العربية للبربر، فالعربية هي رائد الإسلام؛ لأن هذه اللغة تُعلَّم من القرآن، ومصلحتنا هي تمدين البربر خارج دائرة الإسلام، وأما ما يتعلق باللغة فيجب علينا أن نضمن الانتقال مباشرة من البربرية إلى الفرنسية بدون واسطة..

 

هكذا صاغ فلاسفة الاستعمار ودهاقنته مخطط تغريب اللسان والقانون.. وذلك "بحصر الإسلام في الاعتقاد وحدَه" وعلمنة العرف والقانون والتشريع.. وإحياء اللغات غير العربية، لا لتكون ميسورةً لقومياتها، والتي تتكلم العربية كلغة للقرآن والشريعة، وإنما لإحياء هذه اللغات لتكون بديلًا للعربية.. وليتم الانتقال -كما قالوا "مباشرةً من البربرية إلى الفرنسية"!.. فالعربية –باعترافهم- هي رائد الإسلام!

 

هذا هو المخطط، الذي تنفذه "الأمازيغية السياسية" الآن بمساعدة فرنسا.. والذي طبقته الأحزاب الكردية العلمانية في شمال العراق، التي تخرِّج في مدارسها مئات الألوف لا يعرفون حرفًا من لغة القرآن والإسلام!.. والذي تسعى إليه طوائف أخرى في مواقع أخرى من وطن العروبة وعالم الإسلام!