خبر فارس الخوف.. هآرتس

الساعة 11:00 ص|26 فبراير 2010

بقلم: يوئيل ماركوس

ليس واضحا ماذا لدى نتنياهو الذي في ولايتيه كرئيس للوزراء يتورط؛ وللدقة، يورط الدولة في مواضيع قابلة للاشتعال. في ولايته الاولى ورط الدولة في اضطرابات دموية عقب فتح نفق المبكى ("صخرة وجودنا"). والان قرر، بضغط من قوى اليمين في حكومته، ضم مغارة المكفيلا وقبر راحيل الى قائمة المواقع لحفظ التراث اليهودي وسمح بذلك لابو مازن الذي كان في اوروبا ان يحذر بان اسرائيل تهدد باشعال نار حرب دينية.

الناطق بلسان بيبي، نير حيفتس، أعلن بان "قبر راحيل" ومغارة المكفيلا هما موقعا دفن منذ قبل 3.500 سنة لاباء الشعب اليهودي. ويدور الحديث عن "مواقع هي بالتأكيد جديرة بالترميم والحفظ". جميل قال. ولكن المسألة هي لماذا تذكروا هذا الان؟ بالذات الان حين تعهد بيبي بدولتين للشعبين والعالم يبحث عن السبل ببدء المفاوضات، اما فهو فيفتح صندوق مفاسد كهذا؟

لا ريب ان المستوطنين يطالبون بان يدرج في قائمة المواقع التراثية ايضا قبر عتنئيل بن كنز وقبر روت المؤابية. يمكن التعويل على متزمتين، الا يمر وقت طويل حتى يعثروا على قبور مقدسة اخرى. يوجد نهج في الجنون، والقبور الحقيقية او الموهومة لا تنقص.

أحد اصدقائي قال انه منذ أن هاجر الى البلاد لم يشعر مثل اليوم بان الدولة تفلت له من بين اليدين. "هذه بلاد اخرى"، يقول، "اكثر فأكثر أنت تسمع تعبير اليهودي وأقل فأقل تعبير الاسرائيلي. اسرائيل تعود الى فترة ما قبل الدولة. ايام خوف، جنون اضطهاد وهوس وكأن كارثة اخرى تهددنا".

اسرائيل تخلق، وليس فقط في عهد بيبي، حرائق على امور لا تجلب لها منفعة حقيقية. قانون القدس وقانون الجولان خلقا توترا في علاقاتنا مع امريكا. ولما لم تكن هناك تسميات دون تنازلات، فما المعنى من تقييد انفسنا مسبقا؟ قصف المفاعل النووي في العراق في عهد بيغن مر في العالم بتفهم. دون تهديدات واخطارات مسبقة، جرى تفهم مبرر العملية. ولكنهم لا يفهمون اسرائيل التي تقيد نفسها. إذ واضح بانه اذا وصلنا الى تسوية سلمية حقيقية مع سوريا، فسنضطر الى النزول من هضبة الجولان. سواء كان هناك قانون ام لم يكن.

توجد خطوات مآلها الاضطراب. فمثلا، المصادقة التي اعطاها رئيس الوزراء ايهود باراك لاربك شارون بالحجيج الى الحرم، الامر الذي اوقع علينا الانتفاضة الثانية. وهذا مثال على خلق حرائق على امور لا تجلب لنا منفعة.

صحيح أن لبيبي حكومة مستقرة، وهو يمكنه أن يسافر الى هنا والى هناك ما زوجته سارة، وهو يأمل ان في الشهر القادم، حين يحل ضيف شرف على مؤتمر اللوبي اليهودي، سيستقبل في حديث مع اوباما. ولكن المشكلة هي أن النبرة في الحكومة تحددها اسرائيل بيتنا وشاس. هذان القطاعان، الروسي والاصولي، يعملان على هدم كل ما تبقى من رسمية اكسبها بن غوريون للدولة.

لا يمر اسبوع دون ان تطرح في الكنيست أو في الحكومة اقتراحات لقلب الامور رأسا على عقب. من ناحية شاس – تعميق الصلة الاصولية للدولة. من ناحية القطاع الروسي – تعميق سيطرتنا في المناطق. حزب العمل انضم الى الائتلاف كي يلطف حدته. باراك ادعى "اذا لم نكن في الحكومة فلن تكون دولة". اما اليوم فيبدو هذا كنكتة. العمل في الائتلاف لا ينجح في منع حتى مشروع قانون او تصريح يتعارض ورأي نتنياهو.

في مقال نشره النائب دانييل بن سيمون في موقع "والا" يصف كيف أنه "في يوم واحد، ولا نقول في ساعة واحدة، خسر حزب العمل روحه. فقد دخل هذا الائتلاف كي يلطف حدته، وبدلا من ذلك انجر وراء التطرف الذي يستشري فيه واصبح جزءا منه". وهو يقصد مشاريع القوانين العاجلة الثلاثة التي اقرت الاسبوع الماضي في غضون ساعة: تعويض المستوطنين بالمليارات على التجميد؛ اقامة معهد تراث لرحبعام زئيفي مثلما لرئيس دولة، مثل بن تسفي مثلا؛ وكذا مشروع قانون يستهدف الكشف عمن يمول المنظمات العاملة على تقدم السلام.

النائب عينات فيلف، التي جاءت بدلا من اوفير بينس المستقيل، اعلنت بانه انتهت ايام اليسار البهيجة وحان الوقت لان يرفع العمل علم العزة الصهيونية واليهودية. وأعلنت قائلة: "نحن لسنا جزءا من اليسار الهاذي". لقد انجرف العمل الى معمعان يميني ديني اصولي لم نشهد له مثيلا منذ قيام الدولة. التزاوج بين باراك وبيبي يحدث ثورة في انظمة حياة الدولة. عادت ايام "العالم كله ضدنا".

بدلا من الانشغال بالامر الاساس نحن ننشغل في امور لا تؤدي الى أي مكان. ننثر اعواد الثقاب القابلة للاشتعال، التي تشعل الحرائق، وتحدث اضرارا بالمكانة الدولية لاسرائيل سواء في الموضوع الايراني ام في مواضيع السلام. بيبي بقي ذات بيبي، فارس الخوف.