خبر بالفعل، فخر اسرائيلي -هآرتس

الساعة 09:25 ص|25 فبراير 2010

بقلم: عاموس هرئيل

(المضمون: النجاح حيال الارهاب الفلسطيني اعاد الاحساس بالامن للمواطنين الاسرائيليين. عملاء فلسطينيون، وعلى رأسهم مصعب يوسف ساهموا في هذا الانجاز – المصدر).

        ما فعلته (ظاهرا، كاميرات شرطة دبي للموساد كفيل الان بان يفعله كتاب السيرة الذاتية لـ "الامير الاخضر" مصعب حسن يوسف، لاساليب عمل المخابرات. يوسف هو أغلب الظن كبير العملاء الذين استخدمهم جهاز الامن العام "الشاباك" – المخابرات الاسرائيلية في اوساط الذراع العسكري لحماس في الضفة الغربية، شبكة الارهاب الاكثر فتكا التي عملت في المناطق في أي وقت من الاوقات. في الكتاب، وفي مقابلة آفي يسسخروف التي ستنشر بكاملها في ملحق السبت بعد غد، يكشف يوسف عن السبل التي ساعد فيها المخابرات لتحطيم الشبكة التي قتل اعضاؤها مئات الاسرائيليين في العمليات الانتحارية بين سنوات 2000 و 2005 .

        وسواء سمعوا في المخابرات عن الكتاب عندما رفعت "هآرتس" التقرير عنه الى الرقابة العسكرية في بداية الاسبوع أم انهم تعرفوا على ذلك من قبل – فانه بقدر ما  في الكتاب من صحة، فانه كان أمام جهاز المخابرات خياران: محاولة منع النشر او التسليم به، على أمل تحقيق مكسب مهني ما بواسطته رغم ذلك. من المعقول الافتراض بان رئيس المخابرات يوفال ديسكن يذكر سابقة اوستروبسكي. عندما كان اوستروبسكي، رجل الموساد السابق يوشك على اصدار مذكراته في كندا في العام 1990 حاول رئيس الوزراء اسحق شمير ورئيس الموساد في حينه، شبتاي شفيت، منع نشر الكتاب بوسائل قضائية. وكانت النتيجة معاكسة. فالمحكمة في كندا ليس فقط رفضت التدخل بل ان الخطوة الاسرائيلية المتسرعة اعطت سندا مزعوما لقصص الكتاب (بعضها مبالغ فيه على نحو ظاهر) ورفعت اوستروبسكي الى رأس قائمة المبيعات العليا في دول عديدة في العالم.

        في المخابرات، على أي حال، قرروا عدم الرد على الامر. بل ولم يحاولوا منع نشر شهادات لمسؤولي يوسف السابقين من المخابرات ممن أدوا ادوارا مركزية في صفوف الجهاز. وبقدر ما هو معروف، لم تمارس عليه ضغوطات حقيقية لسحب الكتاب. ومشكوك ان يكون الامر ممكنا على الاطلاق. مصعب يوسف هو رجل استثنائي، على مدى سنوات عاش على الحافة: خرق الولاء لابيه، الشيخ حسن يوسف من كبار رجالات حماس في الضفة، لحركته ولشعبه ويعرض حياته للخطر دون انقطاع كي ينقذ حياة اسرائيليين (ومثل العميل، فان مسؤوليه ايضا يدعون في الكتاب بان المال لم يكن الدافع الرئيسي لعمله). ومنذ فر من الضفة في 2007، احرق مصعب يوسف كل الجسور المحتملة. بداية في مقابلة صحفية قبل سنة ونصف حين ندد بحماس واعلن عن تنصره والان حين كشف عمله من أجل المخابرات.

        من زاوية نظر القارىء الاسرائيلي، وعلى فرض أن معظم ما ورد في الكتاب صحيح، ثمة فيه شيء مشجع جدا. ومثل قضايا وتقارير اخرى من السنوات الماضية، فانه يعرض تغطية استخبارية مثيرة للانطباع جدا طورته اسرائيل عما يجري لدى اعدائها. دارج الحديث عن القدرة التنصتية لدى اسرائيل والانفعال للانجازات التكنولوجية لوحدة 8.200، وحدة جمع المعلومات المركزية في شعبة الاستخبارات العسكرية. ولكن حسب الكتاب، هنا يدور الحديث عن مصدر انساني عمل ظاهرا على مدى سنين داخل لباب شبكة العمليات لدى حماس ووفر معلومات استخبارية عظيمة القيمة دون أن ينكشف. نشر الامور لا بد سيجعل من الصعب على المخابرات الاسرائيلية العودة لاستخدام بعض من الاساليب. لا ريب أيضا أن حماس ستسارع الى شراء نسخ عن الكتب كي تحاول رؤية أي ثغرات يمكن سدها. من جهة اخرى لا يمكن تجاهل القيمة الردعية للامور. ومثلما ستؤدي قضية دبي بكبار رجالات منظمات الارهاب الى التفكير مرتين في تحركاتهم في خارج البلاد والتخوف من الذراع الطويلة لاسرائيل، هذا الكتاب هو ايضا سيزيد الاشتباه والقلق في صفوف حماس.

        وحتى لو كان 50 في المائة مما ينشر عن اجراءات الاستخبارات الاسرائيلية (امان، الشاباك، الموساد) في ارجاء الشرق الاوسط صحيحا، ان رجال الاستخبارات ليسوا بالضبط عصبة من الاغبياء كما ترتسم صورتهم لدى المحللين في الصحف في الاسبوعين الاخيرين. الميمات الاربعة المنسوبة لاسرائيل: اغتيال محمود المبحوح في دبي، تصفية كبير حزب الله عماد مغنية، والجنرال السوري محمد سليمان في سوريا، تصفية العالم النووي الايراني مسعود محمودي في طهران، مثل المعلومات الاستخبارية التي جمعت عن شبكات حماس، تدل على تطور كبير وخبرة عالية مثلما شهد أمس ايضا رئيس الاركان السابق دان حلوتس.

        بشكل عام، نحن نسمع عن رجال الاستخبارات اساسا في حالات الفشل والتورط. عشرات العمليات  الانتحارية الفتاكة التي بادرت اليها شبكة حماس في السامرة أملت جدول الاعمال العام في اسرائيل في سنوات الانتفاضة الثانية. ولكن الى جانبها احبط عدد اكبر بكثير من اعمال الارهاب، باساليب ووسائل بعضها تنشر لاول مرة بمثل هذا التفصيل في كتاب مصعب يوسف. هذه الاحباطات، التي في السنوات الاخيرة انضمت اليها نشاطات وقائية واسعة من جانب اجهزة امن السلطة الفلسطينية، اوصلت الذراع العسكري لحماس الى الدرك الاسفل، الامر الذي يجعل من الصعب عليها اليوم التهديد بشكل متواصل للجبهة الداخلية الاسرائيلية. النجاح الاسرائيلي حيال الارهاب الفلسطيني والذي تم بجهد هائل، اعاد احساس الامن النسبي لحياة المواطن الاسرائيلي اليومية. "الامير الاخضر" يدعي الان بان عملاء فلسطينيين كانوا شركاء في هذا الانجاز. يمكن الافتراض بان أغلبيتهم الساحقة، خلافا لمصعب يوسف، سيفضلون البقاء مجهولين.