خبر الجيش الخاص لبيبي -هآرتس

الساعة 09:24 ص|25 فبراير 2010

بقلم: أمير أورن

 (المضمون: الموساد ليس الجيش الخاص لنتنياهو ودغان بل ذراعا لدولة اسرائيل. هي ومواطنيها يدفعون ثمن الاخطاء. محظور عليهم ان يدعوا قادتهم يتملصون من الرقابة على أمل أن تشوش لحية، باروكة ونظارات هويتهم الحقيقية - المصدر).

من كل الأجهزة الأمنية لدولة إسرائيل، فان الموساد (مؤسسة الاستخبارات والمهمات الخاصة) هو الاكثر تحررا من الرقابة. الجيش الاسرائيلي يخضع لرقابة وثيقة. المخابرات، التي تعمل اساسا داخل اسرائيل ( وفي المناطق) وباحتكام مع السكان المدنيين، تقشرت في السنوات الاخيرة من الشرائح السميكة للسرية واكتشفت فضائل الشفافية بالنسبة لوزارة العدل بل للصحافة. الموساد وحده يواصل لعب الغماية ويتمتع بمكانة مميزة: فهو الجيش الخاص لرئيس الوزراء.

في نظرة الى الوراء الى الفضائح ومواقع الخلل، من الصعب التصديق بأي قدر يبدي فيه رؤساء الوزراء الاستعداد لمنح الموساد ائتمانا يحميه من تدخل محافل اخرى في الساحة الرسمية ويبقي سلسلة المسؤولية من حلقات فقط – رئيس الموساد وفوقه رئيس الوزراء، مثل تسفي زامير وغولدا مئير في قضية ليلهامر في 1973، او داني يتوم وبنيامين نتنياهو في الاغتيال الفاشل لخالد مشعل في 1997. اذا ما كان الموساد ضالع في ورطة أخرى في حكومة نتنياهو الثانية، من الهند وحتى كوش، فان المسؤولين الوحيدين هما دغان ونتنياهو. أي من زملائهما، في القيادة المهنية وفي القيادة السياسية، لا يشاركون، لا في مجد النجاحات وبالتالي لا في التنديد بالاخفاقات.

        نقيض هذا الاستنتاج ليس صحيحا. في عمليات عديدة في مركزها الجيش الاسرائيلي، ولا سيما الاذرع الجوية، البحرية والاستخباراتية فيه، يحفظ مكان لديوان رئيس الوزراء (الموساد والشاباك) بل ولوزارة الخارجية. فعمليات بالغة الاهمية في السنوات الاخيرة طرحت لقرار رئيس الوزراء ووزيري الدفاع والخارجية، في الدائرة الداخلية، على المجلس الوزاري المصغر او السباعية – الثمانية، واحيانا – للاقرار النهائي في الحكومة بكامل هيئتها. ليست هكذا عملية الموساد. في الغالب، يصادق عليها رئيس الوزراء وحده. في حالات معينة، يشرك وزير الدفاع. أطر أكبر من الوزراء لا يطلعون على سر العملية، ولا سيما عندما يكون الموضوع هو "معالجة سلبية" – وهو تعبير مدني لطيف عن الاحباط المركز من مدرسة الجيش الاسرائيلي والمخابرات الاسرائيلية.

        عمليات كهذه لا تطرح ايضا لعلم حكومة الظل القائمة في الكنيست، التي تشرف على العمليات الامنية الاكثر حساسية للحكومة القائمة. حكومة الظل، تعمل كلجنة فرعية عن لجنة الخارجية والأمن في الكنيست لشؤون الاجهزة السرية. رئيس حكومة الظل هو رئيس لجنة الخارجية والأمن تساحي هنغبي، وكل اعضائها كانوا اعضاء في حكومات سابقة في مناصب يتعرفون من خلالها بأكبر قدر على اسرار  الدولة: وزيرة الخارجية السابقة، تسيبي لفني، وزير المالية السابق، روني بار اون، وزير الدفاع السابق عمير بيرتس، رئيس الاركان السابق الذي كان ايضا وزير الدفاع، شاؤول موفاز، ورئيس المخابرات السابق الذي كان ايضا وزيرا للشؤون الامن الداخلي آفي ديختر.

        المكانة الشخصية والسياسية لكل هؤلاء تجعلهم مؤتمنين على الاجهزة الاكثر سرية وخفاء على العين، بما في ذلك عائلة الخاصين – الوسائل والعمليات. كله، باستثناء "المعالجة السلبية اياها" الذي يتفق عليه بين دغان ونتنياهو.

        قيادة الامن القومي، التي تم رفع مستواها بصخب عال مع اقامة حكومة نتنياهو ليست مساعدا هاما في الرقابة على الموساد. عمليات عديدة، وان لم تكن جميعها، تستعرض في مداولات رؤساء الاجهزة الامنية. رئيس اللجنة هو دغان وتضم في عضويتها ايضا رئيسي "أمان" (شعبة الاستخبارات العسكرية) و "الشاباك" – المخابرات والسكرتير العسكري لرئيس الوزراء. وهذه تركيبة اشكالية لان الموساد والشاباك هما هيئتا جمع للمعلومات واحباط عملياتي، بينما أمان هي المقدر الاستخباري الاعلى وكذا جامع المعلومات والمنفذ، ولكنه ليس الوحيد في ذلك في الجيش الاسرائيلي – توجد أذرع جو، بحر وبر، سرب استخبارات في سلاح الجو و شعبة استخبارات في سلاح البحرية، وفوقهم جميعهم رئيس الاركان الذي ليس عضوا في لجنة الاجهزة الامنية، قائد رئيس أمان (الخاضع لوزير الدفاع وللحكومة) وعمليا، مع فارق درجة الاجر المشابهة، اعلى من رئيسي الموساد والشاباك.

        مراقب الدولة، القاضي المتقاعد ميخا لندنشتراوس اعلن في تقريره الاخير، الذي رفع قبل شهر بأنه انتهى فحص أداة لجنة رؤساء الاجهزة ولكن المراقب قرر ألا يضع على طاولة الكنيست هذا الفصل السري، والى جانبه فصل عني بالوحدة الخاصة في الجيش الاسرائيلي "سييرت متكال". هذا البيان المجرد لا يسمح للبحث في مضمون الرقابة على لجنة الاجهزة. محظور ايضا أن نواسي أنفسنا بالمعلومة عن أن دائرة الرقابة الأمنية في مكتب المراقب، برئاسة اللواء احتياطي يعقوب (مندي) اور، تستطيع اكثر من الماضي النزول للتحقيق في بواطن العمليات في اسرة الاستخبارات. فهذه، كطريقة الرقابة، يمكنها بعد الفعل، وبعد ان لا يكون ممكنا اعادة العجلة الى الوراء. من مكتب المستشار القانوني للحكومة، يهودا فينشتاين، الذي يفترض ان يعطي تسويغا قانونيا لعمليات الموساد جاء ان المستشار الجديد لم يتفرغ بعد للقاء دغان.

        خوف الانكشاف للموساد أدى الى وقف دراسة رجاله في كلية الامن القومي من اللحظة التي بدأت تستوعب ايضا ضباطا اجانب من جيوش صديقة (ممن يواصلون اللقاء فيها برجال الشاباك وضباط "امان" سلاح الجو واجهزة حساسة اخرى في الجيش الاسرائيلي). مبرر أمن المعلومات الدارج تتميز به القيادة التنفيذية المسؤولة عن نجاج المهمة وحياة رجالها ومصادرها، ولكن عندما يستخدم كحجة لحصر المشاركين في التفكير برئيس الوزراء ورئيس الموساد، دون شركاء اخرين في تحليل المعاني الاستراتيجية والدبلوماسية فان النتيجة المحتمة هي سلسلة من الاخفاقات كصفقة العار في القاهرة 54 وعمان 97 اللتين كانتا فقط أبرز الفصول. الموساد ليس الجيش الخاص لنتنياهو ودغان بل ذراعا لدولة اسرائيل. هي ومواطنيها يدفعون ثمن الاخطاء. محظور عليهم ان يدعوا قادتهم يتملصون من الرقابة على أمل أن تشوش لحية، باروكة ونظارات هويتهم الحقيقية.