خبر ليس في مواقعنا -يديعوت

الساعة 09:22 ص|25 فبراير 2010

كل شيء باستثناء الاعلام

بقلم: يريف اوفينهايمر

في الايام الاخيرة دشنت وزارة الاعلام والشتات موقعا على الانترنت يدعو الجمهور الى تصفحه كي يساعدوا الاعلام الاسرائيلي في خارج البلاد. تدشين الموقع يترافق وحملة اعلانات واسعة وباهظة الثمن، الا أن التعمق في الموقع وفي مضمونه يظهر الاستنتاج المقلق في أن وزير الاعلام اختار ان يستغل مصادر وزارته كي يدفع الى الامام بمواقف سياسية يمينية متطرفة في البلاد، تحت غطاء عمل اعلامي تجاه العالم.

المواقف المعروضة في الموقع تعكس ايديولوجيا متطرفة، ومراجعة معمقة لها تثير الاشتباه بان هدفها على الاطلاق ليس المساعدة في تغيير مواقف العالم تجاه اسرائيل بل جذب الرأي العام في البلاد الى اليمين.

مثلا: يعرض الموقع المستوطنات واراضي الضفة كذخائر محظور على اسرائيل ان تتنازل عنها في أي حال، ويطرح اقتباسات انتقائية لتأكيد هذا المذهب الفكري. هكذا مثلا يقتبس الرئيس الامريكي الاسبق ليندون جونسون، يقول (في زمن ما في نهاية الستينيات) انه "واضح ان العودة الى حدود 67 لن تجلب السلام". وبالمقابل، فان رؤساء بارزين وذوي صلة اكثر مثل كلينتون، بوش واوباما، ممن ايدوا ويؤيدون فكرة الدولتين، لا يذكرون على الاطلاق.

"الحفاظ  على يهودا والسامرة يمكنه ان يمنع مصير غلاف غزة مرة اخرى"، يقول الموقع، ويضيف بان مناطق يهودا والسامرة مخصصة لصد غزو محتمل على اسرائيل ومنح مهلة لتجنيد الاحتياط. اما المستوطنات فتوصف بانها "تستأنف الاستيطان اليهودي القديم"، واخلاء محتمل لها هو "خرق لحقوق الانسان".

ويواصل الموقع في هجومه عديم الجماح تجاه العالم العربي بأسره، من معتدلين ومتطرفين على حد سواء، ويصف الشرق الاوسط بانه "الحي العنيف والخائن في العالم"، والقيادة الفلسطينية، التي يرغب رئيس الوزراء نتنياهو في اجراء مفاوضات سلام معها بانها "تدعو الى ابادة الدولة اليهودية والى حرب جهادية". تزييف واوصاف جارفة اخرى ضد العالم العربي والاسلامي يمتلىء بها الموقع مع اوصاف يكررها في الغالب الناطقون اليمينيون المتطرفون.

ولكن ليس أقل مما يوجد فيه – مثير للاهتمام ما لا يوجد فيه: كتاب الوثيقة اختاروا ابقاء حقائق ومفاهيم عديدة في الخارج، ابرزها هو الحل المقبول لدى اغلبية مواطني اسرائيل: الدولتين للشعبين. ببساطة، لا ذكر للمذهب الذي يتبنى مثل هذا الحل. كما أن المبادرة العربية، واستعداد الدول العربية للتوقيع على اتفاق سلام مع اسرائيل غير جديرين بالاعلام، حسب فهم وزارة الاعلام. السلطة الفلسطينية، التعاون الامني، المكافحة المشتركة ضد حماس – هي ايضا خارج الموقع.

والاعجب من ذلك هو أن من يسعى الى معرفة كيفية التصدي لمسائل في موضوع جدار الفصل – الذي كل من يتحدث مع مواطن اجنبي يعرف انه تطرح في كل لقاء، مع العاطفين ومع المعارضين – لن يجد هنا جوابا. موقع وزارة الاعلام اختار الا يعلم احدا بشيء في موضوع الجدار وقرارات محكمة العدل العليا بشأنه.

موقع حكومي يولي على المواطنين ما يفكرون به، ما يقولونه وكيف ينظرون الى الواقع – مكانه في دولة فاشية وظلامية. فضلا عن ذلك، فان تبني هذه المواقف ومحاولة تسويقها سيضر فقط باسرائيل وبمكانتها في العالم. فعدم الدقة، الاختيار الانتقائي والمغرض الذي يعرض به النزاع الاسرائيلي – العربي سيعمق فقط النفور من اسرائيل وسياستها. "اعلام" مزيف ومصاب بالعنصرية سيلحق الضرر، ويعمق أكثر فأكثر الشرخ بين المجتمع الاسرائيلي والعالم العربي.