خبر سياسة نعامة -هآرتس

الساعة 09:47 ص|23 فبراير 2010

بقلم: يوئيل ماركوس

 (المضمون: يجب على حكومة اسرائيل ان تعي ما يواجهها من مشكلات حقيقية ولا تكون كالنعامة تدفن رأسها غافلة عما يرتقبها - المصدر).

        حسن. كانت هذه عملية ناجحة. ربما تكون هنا او هناك مختلة شيئا ما. او وجد هنا وهناك شيء من عدم الحذر. ان الرسم الكاريكاتوري لعاموس بيدرمان في صحيفة "هآرتس"، الذي يصور "شباننا الممتازين" وهم يضعون النظارات أنفسها بسبب تنزيلات "اوبتيكانا"، يعبر عن الانشغال الزائد بتصفية عربي واحد، مهما يكن خطرا وغدا. لا يحل لنا هذا أي من المشكلات الجدية التي يجب ان تشغل الدولة حقا في هذه الايام.

        الاعلام مملوء بقصص مدهشة عن النجاح المدهش للعملية السرية الاكثر تغطية اعلاميا. الاعلام البريطاني ليوم الاحد الذي يخصص للكشوف الصحفية النهائية، ابلغ عن ان نتنياهو استعرض شخصيا وحدة الموساد (بحسب ما تقوله صحف اجنبية بطبيعة الامر) وتمنى لها "النجاح". "وتكشف" صحيفة اخرى، عن ان التدريب تم في فندق في تل ابيب.

        صورت لخاطري، كمن أكثر عقب لقاءات في ردهات الفنادق، جميع طرز مضارب التنس وسراويل الرياضة التي جالت حولي وتساءلت، أربما أكون واجهت احدا منهم وجها لوجه؟ هل تلك السيدة التي حدجتني بنظرة هي نفس السيدة مع تغيير المعطف في دبي؟

        في حين كنت أبتلع قصص التوتر استوقفني نبأ باراك رابيد وآفي يسسخاروف في صحيفة "هآرتس" عن انه تطبخ "مبادرة فرنسية – اسبانية هي اعتراف اوروبي بدولة فلسطينية قبل انهاء التفاوض". يعيدنا هذا النبأ الى الواقع، الى المشكلة الحقة التي تواجهنا وهي ان حكومة بيبي تعمل منذ اكثر من سنة ولم يتقدم اي شيء في موضوع السلام. لا مع الفلسطينيين ولا مع سورية.

        خلص الفلسطينيون الى استنتاج انه لن تجدي اي جولة تفاوض أخرى. وكذلك ايضا حكم الجانب الاسرائيلي. كل ذلك بسبب بيبي. لم يحدث شيء في هذه الاثناء، وليس واضحا ما الذي سيحدث في السنة التي تستقبلنا. من حسن حظنا انه لا يوجد ارهاب الان – وهذا في مصلحة بيبي. لكن الشعور هو ان الامريكيين تنحوا جانبا شيئا ما. أسمع احد في المدة الاخيرة بميتشل؟ او بالصوت المعدني لهيلاري كلينتون؟ لا يتكل احد على ان يتوصل الطرفان الى اتفاق. في هذا الوضع اما ان يفرضوا تسوية واما ان ينفضوا ايديهم. في حين يهدد التطوير الذري الايراني العالم كله فانه اكثر منطقا ان نفترض ان يفرضوا علينا ان عاجلا او آجلا تسوية قسرية.

        اذا كان صحيحا نبأ ان ابا مازن مستعد لتجديد التفاوض والى جنبه سلام فياض، الذي أعاد بناء الضفة، والزعيم المحتمل الاكثر جدية المرئي في الافق، فعلينا ان نقرر كيف نترجم التزام بيبي في خطبة بار ايلان لدولتين للشعبين.

        شرط سابق لنجاح التفاوض اذا جرى، ان يتخلى الطرفان سلفا من طلب الشروط المسبقة. لان الشروط المسبقة هي مثل دفن الالغام في بدء الطريق. وشرط ثان هو ان يصوغ كل طرف قبل الاقتراب من التفاوض اقسى حد للتنازلات التي هو مستعد لها – كي يأتي التفاوض نصف ناضج بينه وبين نفسه في الاقل. هل الفلسطينيون مستعدون لمرونة في رسم الحدود الثابتة؟ وهل اسرائيل مستعدة، او لمزيد دقة هل هي قادرة على نقل جزء من المستوطنات الى مناطق اخرى؟ وهل هي مستعدة لتبادل أراض؟ وهل حكومة بيبي تأخذ في حسابها أن التسلل الى كنيس "نعران" في أريحا مثال صغير فقط مما يستعد له زعران التلال؟ وهل سيكون عند بيبي وحكومته قوة النفس على استعمال قوة مادية في مواجهة تمرد داخلي؟

        اذا كانت المبادرة الفرنسية – الاوروبية الى اعتراف اوروبي بفلسطين قبل التفاوض جدية، فيحسن ان نرى ذلك طرف الجبل الجليدي لما قد يحدث لنا اذا اصررنا على عرض شروط غير منطقية وتركنا لقوى اليمين ان تقرر السياسة. لا يبدو في الافق شركاء أكثر اعتدالا من ابي مازن وفياض.

        السؤال هو، كم من الوقت سنشغل انفسنا بهذه القضية التجسسية. من غير ان نبطل والعياذ بالله قدر نجاح الموساد، اذا كان هو المسؤول عن العملية، الحديث عن  نجاح محدد. ليس هذا سببا يدعو الدولة الى ان تسلك مثل نعامة تدفن رأسها في الرمل وتحسب ان العالم كف عن الحركة.