خبر تقارب بعيد جدا -هآرتس

الساعة 09:46 ص|23 فبراير 2010

بقلم: عكيفا الدار

(المضمون: توقعات الفلسطينيين من "محادثات التقارب" مع اسرائيل التي يفترض ان تبدأ في شهر آيار ضئيلة جدا - المصدر).

في مقابلة صحفية مع أري شافيت نشرت أمس في صحيفة "هآرتس"، بشر رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بأنه توجد علامات على ان التفاوض مع الفلسطينيين سيبدأ في المستقبل القريب. بحسب مصادر أردنية، "محادثات التقارب" بين اسرائيل والفلسطينيين، بوساطة الولايات المتحدة يفترض ان تبدأ في 12 آذار وان تستمر ثلاثة اشهر. أعلن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس اول من أمس في طرابلس انه حصل على أجوبة عشرة أسئلة توضيح عرضها على الامريكيين قد تتصل بالمحادثات.

        ما زالت الاجوبة لم تنشر، لكن الاسئلة تدل على توقعات الفلسطينيين المنخفضة من محادثات التقارب – ويتصل اكثرها بالصباح الذي يلي الازمة.

        مثلا اذا دفعت الاتصالات غير المباشرة الى طريق مسدود، هل ستوافق الولايات المتحدة على جمع الرباعية لالقاء المسؤولية على الطرف المسؤول عن الاخفاق؟ ومع عدم وجود اتفاق على اساس التفاوض في الاتفاق الدائم – هل ستعلن واشنطن ان الاساس هو حدود 1967 مشتملة على شرقي القدس؟ هل الولايات المتحدة مستعدة ان تتكفل بتجميد البناء في المستوطنات في الضفة وفي شرقي القدس في اثناء التفاوض كله، حتى بغير اعلان رسمي من اسرائيل بالتجميد؟

        الدكتور صائب عريقات، رئيس قسم التفاوض في منظمة التحرير الفلسطينية، لا يلبس زي الاحتفال استعدادا لمحادثات التقارب. يقول المستشار السياسي الكبير لابي مازن انه يصعب عليه ان يتعرف الفرق بينها وبين الـ 31 لقاء التي أتمها هو ورفاقه مع جورج ميتشل منذ تعيينه في كانون الثاني من العام الماضي المبعوث الرئاسي الخاص الى الشرق الاوسط.

        يقول عريقات ان فرح نتنياهو الكبير لان الفلسطينيين "بدأوا ينزلون عن الشجرة" سابق لاوانه بل مبالغ فيه جدا.

        ان استقرار رأي الحكومة على ترميم قبر راحيل في بيت لحم ومغارة المكفيلا في الخليل اثبت ما الذي ينتظرهم في اسفل. ذكر ذلك خريجي اوسلو بأمر رئيس الحكومة نتنياهو في أيلول 1996 بفتح نفق حائط البراق ("صخرة وجودنا"). ان ضعف نتنياهو ازاء تراث اسرائيل، وعدم حساسيته بكرامة الجيران، كلفا آنذاك عشرات الضحايا من الاسرائيليين والفلسطينيين.

        تدل وثيقة شاملة من 21 صفحة، بقلم عريقات على اتجاه توقعات الفلسطينيين من الرئيس براك اوباما. تستعيد الوثيقة التي نشرت اخيرا بين ساسة اوروبيين المحطات في رحلتهم بعد الادارة الجديدة الى رأس الشجرة.

        قال أوباما في لقائه الاول لابي مازن في البيت الابيض في الثامن والعشرين من آيار من العام الماضي ان على الطرفين ان يفيا بجميع التزاماتهم في اطار خريطة الطريق. وفي خلال ذلك، ذكر الرئيس ان على اسرائيل ان تكف من الفور عن كل بناء في المستوطنات. وافق اوباما على انه ينبغي تجديد التفاوض من النقطة التي انتهى اليها في شهر كانون الاول 2008 بين (محادثات اولمرت – ابي مازن).

        يزعم عريقات انه في جميع اللقاءات التي اجراها معه ميتشل كرر وقال له – "لست اطلب منكم شيئا. تابعوا فقط الوفاء بالتزاماتكم. تنحصر جهودي في الطرف الاسرائيلي. يجب عليكم ان تفهموا انه يجب عليهم وقف البناء في المستوطنات وفي ضمن ذلك الزيادة الطبيعية وتجديد التفاوض من النقطة التي وقف عندها في كانون الاول 2008". واضاف ميتشل ان على الدول العربية في الوقت نفسه ان تبدأ خطوات تطبيع مع اسرائيل لتشجيعها على تطبيق الخطوات التي تطلب منها.

        "في آب الاخير بدأ ميتشل يتحدث حديثا مختلفا"، يتابع عريقات. قال المبعوث لهم، بحسب قوله: "لا تطلب الولايات المتحدة شيئا من الدول العربية، وفيما يتعلق باسرائيل يبدو اننا لن ننجح في أن نحرز منها كل ما أردناه".

        في الخامس عشر من ايلول التقى ميتشل أبا مازن في المقاطعة وأبلغه بموافقة نتنياهو على أن يجمد تجميدا مؤقتا البناء في المستوطنات. ولخص قائلا "هذا أفضل ما نجحنا في الحصول عليه"، ورفض أن يفصل.

        يقول عريقات ان التفاصيل الكاملة (الاعفاء من التجميد في شرقي القدس والمباني العامة في الضفة، والاذن ببناء 3000 وحدة سكنية في المستوطنات) علمها الفلسطينيون من مصادر اسرائيلية.

        فيما يتعلق بتجديد التفاوض، أبلغ عريقات عن أن ميتشل اتفق مع نتنياهو على ان يجدد التفاوض بغير شروط مسبقة. سيتناول في الحقيقة جميع الموضوعات الجوهرية وفي ضمنها القدس واللاجئون لكن (بخلاف موقف اوباما في آيار 2009) لن يبدأ التفاوض من النقطة التي وقف عندها في نهاية 2008. في محاولة للتغطية على التراجع الذي طرأ على الموقف الامريكي، أبلغته الادارة في الثلاثين من ايلول وفي العشرين من تشرين الاول، كما قال عريقات، استعداها ان تمنح الفلسطينيين رسائل مصاحبة تذكر ان الولايات المتحدة تعترف بعدم شرعية البناء في المستوطنات وضم شرقي القدس. وتلتزم الادارة في رسالة اخرى ان تبذل كل جهد ممكن ليستكمل التفاوض في غضون 24 شهرا، تنشأ على اثره دولة فلسطينية مستقلة.

        بعد ان بين الامريكيون انه لا يوجد للرسائل اي معنى قانوني، أعلن ابو مازن بأنه يصر على رفضه تجديد التفاوض، واضطر اوباما الى التخلي من خطته اعلان تجدد التفاوض في نهاية اللقاء المشترك الذي أجراه في نيويورك في نهاية ايلول مع نتنياهو وأبي مازن. قدر عريقات ان التطورات في الملف الايراني، والمشكلات الداخلية والوضع في افغانستان وفي العراق، لعبت دورا مركزيا في رجوع اوباما عن موقفه الاصلي.

        برغم كل ذلك، يرفض عريقات ان يمحو حل الدولتين. في الفصل الختامي يذكر رئيس قسم التفاوض في الحقيقة خيار دولة ثنائية القومية بين البحر والاردن، لكنه أكد لي ان هذا هو الامكان الاسوأ. وقد وعد بفعل كل ما يستطيع كي لا ننزلق الى هذه الهاوية.