خبر ماذا لو لم تكن كاميرات دبي ساهرة؟! .. راجح الخوري

الساعة 05:01 م|21 فبراير 2010

بقلم: راجح الخوري    

ثمة حاجة ملحة فعلا الى الكتابة وبشيء من الغضب والاستهوال عن ذلك الحياء المذبوح في جريمة اغتيال القيادي في حركة حماس محمود المبحوح في دبي.

فبعد أقل من أسبوعين على وقوع الجريمة، يمكن من خلال متابعة طوفان الاخبار والتصريحات المتصلة بها، ملاحظة ما يثير الدهشة، لأن القضية أو بالاحرى محور الاهتمام العربي والدولي بها، لم يتناول المبحوح إلا من زاوية انه الرجل الذي اغتيل على يد فرقة الموساد ونقطة على السطر كما يقال.

ما هو أهم من الجريمة البشعة في نظر العواصم والحكومات ووزارات الخارجية في عدد من الدول الأوروبية، مسألة الجوازات التي حملها أعضاء فرقة القتل وما اذا كانت مزورة او أصلية، وكيف أجاز القتلة لأنفسهم استعمال هذه الجوازات أو تزويرها.

وهكذا فإن الاحتجاج والغضب والتنديد في بريطانيا وايرلندا وفرنسا والمانيا، ليست على جريمة القتل بمقدار ما هي على استعمال الجوازات وتلويث اسرائيل الصورة "الناصعة جدا" لهذه الجوازات.

ليس مهما ترك المبحوح جثة هامدة في غرفته، المهم عدم ترك بصمات القتلة على الجوازات. وليس المهم استنكار الجريمة والتنديد بـ"إسرائيل" والموساد، المهم استنكار الاعتداء الآثم على الهويات والجنسيات.

دخل المبحوح عالم النسيان، صار في ذمة الله. المهم الآن مقارعة "إسرائيل" من أجل التزوير لا بسبب القتل والجريمة البغيضة.

الاحتجاج واستدعاء السفراء الاسرائيليين في العواصم الاوروبية المعنية، ليس لابلاغ "إسرائيل" الغضب من عملية القتل، بل اللوم والاحتجاج على عملية التزوير، التي تناولت الجوازات البريطانية والفرنسية والايرلندية والالمانية، وهي جوازات الاتحاد الاوروبي عموما. وكذلك  للتلويح باتخاذ اجراءات استخبارية ضد "إسرائيل" (ومن يصدّق؟) تؤدي الى تأزم في العلاقات الأوروبية معها!

ما يزيد الصورة بؤسا هو انخراط حماس وفتح في التراشق بالاتهامات حيال الشخصين الفلسطينيين المعتقلين في دبي على خلفية هذه الجريمة. وما يزيدها فضيحة هو ذلك الصمت المريب في "العالم" الواقع تحت دوي خدش حياء الجوازات. وقد نسي الرجل الذي ذهب غيلة في دبي، التي لا يجوز إلا الثناء على قدرتها في كشف الجريمة مصورة في معظم مراحلها في خلال أيام.

لو لم تكن كاميرات المراقبة في دبي ساهرة، ولو لم تكن الجوازات الاوروبية على صلة، ما كانت القصة تثير كل هذا الدوي. كان المبحوح قتل كما قتل غيره من الفلسطينيين والعرب من قبل ولم يحظ بأكثر من خبر ثم تنديد فتهديد ووعيد بالانتقام.

المبحوح قتل يا جماعة، فلماذا الدوي والمأتم والضجيج عند أهل الجوازات لا عند أهل المغدور؟

اذا كان شرف الجوازات يستحق الدوي، وبراعة شرطة دبي تستحق التصفيق فان المبحوح يستحق كل الدوي وهو الذي قتل، إلا اذا كنا في "حضرة" المثل الذي يمكن أن يقول:

تزوير الجوازات الاوروبية جريمة لا تغتفر وقتل المبحوح في دبي مسألة فيها نظر!.