خبر مليونا دولار لزوجة قتيل إسرائيلي -أمريكي .. ياسر الزعاترة

الساعة 04:59 م|21 فبراير 2010

بقلم: ياسر الزعاترة

 بحسب موقع صحيفة "غلوبس" الاقتصادية الإسرائيلية، فقد وافقت السلطة الفلسطينية على دفع تعويض قدره مليونا دولار لزوجة مواطن أمريكي إسرائيلي قتل في عملية استشهادية لكتائب شهداء الأقصى في مدينة الخضيرة عام 2002، وقد تمت الصفقة سرا نهاية العام الماضي كي لا تتكرر الدعاوى في هذا الشأن، مع العلم أن صاحبة الدعوى كانت قد حصلت في العام 2006 على حكم غيابي من محكمة أمريكية بتعويض قدره 192 مليون دولار، الأمر الذي دفع السلطة إلى تسوية خارج المحكمة بمبلغ المليوني دولار.

بداية، نتفهم أن يخرج علينا من يتحدث عن حساسية النقل عن وسائل الإعلام الإسرائيلية، لكننا نعرف كما يعرف سوانا من المعنيين كيفية التعامل مع ما ينشر ويذاع على نحو يفرق بين ما هو صحيح وما هو غير صحيح أو مشكوك فيه مثل التسريبات الأمنية والسياسية الموجهة.

فيما يتعلق بالخبر الذي نحن بصدده ، الأرجح أنه صحيح، وهو ليس جديدا على أية حال، فقد سبق للمحاكم الأمريكية أن أدانت حماس بنفس الطريقة، وكان أن تورط بنك مصري في دفع جزء من التعويضات المحكوم بها من خلال بعض الأموال التي صودرت من قادة حماس على معبر رفح. ثم إن سكوت السلطة على الخبر يرجح صحته، وعموما فنحن إزاء خبر عن واقعة يسهل التأكد منها، ويستبعد أن تنشره أية صحيفة لو لم يكن صحيحا.

مبرر السلطة معروف بطبيعة الحال، فهي تتحدث عن إمكانية الحجز على أموال وممتلكات لها هنا وهناك إذا لم تفعل، تماما كما برر البنك المصري الذي أودعت في حساباته أموال حماس المصادرة موقفه بدفع أموال حماس الموجودة لديه.

لا يُعرف بالطبع ما الذي سيجري بعد تسرب الخبر وشروع العديد من المواطنين الأمريكيين الإسرائيليين، وربما البريطانيين والفرنسيين وسواهم في رفع دعاوى من هذا النوع، لا سيما أن نسبة لا بأس بها من مواطني الدولة العبرية يحملون جنسات أجنبية، وكان من الطبيعي أن يقع عدد منهم ضحايا العمليات الفدائية خلال انتفاضة الأقصى وما قبلها.

تؤكد هذه الواقعة حقيقة الأزمة التي تعيشها هذه السلطة (سلطة أوسلو بطبعتها القديمة والجديدة)، والتي نحب على الدوام التذكير بوصف المحلل الإسرائيلي (عكيفا الدار) لها وهو "الاختراع العبقري المسمى سلطة فلسطينية"، لأنها كذلك بالفعل.

إنها أزمة مستعصية عنوانها الارتهان للإملاءات الأمريكية الإسرائيلية، إذا لا يمكن لأية حركة تحرر أن تعتمد على عدوها في كل ما يتصل بشؤونها، ثم تدعي أنها ستقاومه وتفرض عليه التراجع وتقديم التنازلات.

ليس هذا تبريرا لما فعلته السلطة بالموافقة على التعويض المشار إليه، لكنه تفسير للموقف وعموم مواقفها على مختلف الصعد، الأمر الذي يطرح سؤالا بالغ الأهمية على كل شرفاء الشعب الفلسطيني وفصائله أيضا حول ما إذا كان بالإمكان الجمع بين المحافظة على هذه السلطة بصيغتها الحالية، وبين معادلة جعل الاحتلال مكلفا كمسار لإنهائه، أو حتى دحره بالفعل عن كامل الأراضي المحتلة عام 67 كما تنص القرارات الدولية.

سنتحدث طويلا هنا عن المعايير المزدوجة، وما إذا كان بوسع مواطنين فلسطينيين يحملون الجنسية الأمريكية أو البريطانية أن يرفعوا دعاوى على الدولة العبرية للحصول على تعويضات بالطريقة المشابهة، فيما ستصفعنا حقيقة أن تعويض ضحايا لوكربي كان مقداره (مئة مليون دولار) للشخص الواحد، بينما لا يتجاوز تعويض المواطن الأفغاني المسلم الذي تقتله الطائرات الأمريكية عن طريق "الخطأ" 500 دولار في أحسن الأحوال. ولا تسأل عن الضحايا في العراق ولبنان وغزة وسائر فلسطين الذين قتلوا ويقتلون دون أي تعويض، إما بأيدْ أمريكية، أو بالسلاح الأمريكي.