خبر « كيدون ».. رأس حربة الموساد

الساعة 08:15 م|20 فبراير 2010

"كيدون".. رأس حربة الموساد

أحمد البهنسي

"كيدون... هي التي اغتالت المبحوح".. هذا ما رجحته وسائل إعلام إسرائيلية ودولية قالت إن خلية من عملاء وحدة "كيدون" السرية أو "الحربة" التابعة لجهاز الاستخبارات الإسرائيلية الخارجية (الموساد)، نفذت عملية اغتيال القيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) محمود المبحوح في أحد فنادق إمارة دبي الشهر الماضي.

 

ووفقا لتقرير هذه الوسائل فإن الـ11 شخصا المشتبه في تنفيذهم عملية الاغتيال، هم من بين 48 شخصا مدربين على مستوى عال في وحدة "كيدون"؛ إذ يتلقون تدريبات خاصة في قاعدة سرية بإسرائيل، تشمل إطلاق النار بخفة وسرعة من أنواع مسدسات مختلفة، وإخفاء عبوات ناسفة، والحقن بالسم القاتل، وجعل عملية القتل تبدو وكأنها حادثة عادية.

 

و"كيدون" هي الاسم الأشهر لما يعرف داخل "الموساد" بوحدة الاغتيالات، وهي واحدة من أهم الوحدات التي يعتمد عليها "الموساد" لتأدية مهامه التنفيذية المكلف بها من قبل حكومة الاحتلال، أهمها التخطيط، والتنفيذ لعمليات خاصة خارج حدود إسرائيل تشمل عمليات اغتيالات واختطاف لأشخاص تعتبرهم تل أبيب أعداء لها أو يهددون مصالحها.

 

وبحسب دراسة "الاستخبارات الإسرائيلية.. إلى أين؟" الصادرة عن معهد أبحاث الأمن القومي في تل أبيب في مارس الماضي، فإن وحدة "كيدون" تابعة بشكل مباشر لقسم العمليات في "الموساد" الذي يشرف عليه رئيس الجهاز، وهي تنفذ المهام الخطرة والحساسة خارج إسرائيل، ومن ثم فهي بمثابة رأس الحربة بالنسبة للجهاز.

 

أما من الناحية التنظيمية فإن هذه الوحدة، هي إحدى وحدات شعبة "متسادا" أو "قيسريا"، وهي الشعبة التنفيذية لـ"الموساد"؛ الذي يضم إلى جانبها شعبة "تيفيل" المسئولة عن العلاقات الاستخباراتية والدبلوماسية، وشعبة "تسوميت" التي تقوم بتشغيل ضباط جمع المعلومات.

 

ومن أشهر قادة "كيدون" حجاي هاداس، مسئول طاقم المفاوضات في ملف الجندي الإسرائيلي الأسير في قطاع غزة جلعاد شاليط، والذي قاد الوحدة عند اغتيال فتحي الشقاقي، الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي، في مالطا عام 1995، وتسيبي ليفني وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة وزعيمة حزب "كاديما" المعارض حاليا، التي كانت ضمن الفرقة التي دست السم لعالم نووي عراقي في باريس عام 1983.

 

آليات العمل

 

مهمة "كيدون" تتمثل بشكل أساسي في إحداث حالة من الردع والتخويف وإحباط النشاطات المعادية لإسرائيل كأحد الأهداف العامة والمهمة بالنسبة لـ"الموساد"، وهي الوحدة الوحيدة في العالم التي لأنشطتها الإجرامية غطاء قانوني داخل إسرائيل، ويختص رجالها بتحقيق أعمق اختراق ممكن للدول التي تشكل هدفا محتملا، إضافة لتنفيذ عمليات الاغتيال ميدانيا.

 

ويعد أعضاء هذه الوحدة نخبة النخبة في جهاز "الموساد"، وهم مدربون على العمل تحت أسماء وشخصيات وهمية، إضافة إلى الصمود في ظروف جسدية ونفسية غاية في الصعوبة والتعقيد؛ حيث يمتد تدريبهم لفترة طويلة جدا، ويجري اختيارهم من بين صفوف العاملين في "الموساد" بمختلف أقسامه ووحداته.

 

وبحسب فيكتور أوستروفسكى عميل "الموساد" السابق في كتابه "عن طريق الخداع"، فإن استخدام عملاء هذه الوحدة يتم بشكل دقيق ومعقد للغاية، في حين يقول يوسي ميلمان الصحفي الإسرائيلي المتخصص في الشئون الأمنية، إن الكثير من جهود "الموساد" وموارده توجه لهذه الوحدة؛ حيث يحاول الجهاز توفير جميع الإمكانات لها.

 

ويترصد أعضاء وحدة "كيدون" الأهداف المطلوب تصفيتها بشكل جيد للغاية، ولفترات طويلة تسبق التنفيذ، ويشاركهم أحيانا بعض عناصر الكوماندوز (القوات الخاصة) الإسرائيلي، بالإضافة إلى عناصر خفية لا تكون ظاهرة على مسرح العملية بأي شكل ولا يتم رصدها، وتكون مهمتها توفير الدعم اللوجستي والفني للمنفذين.

 

وتشير دراسة "المخابرات الإسرائيلية.. إلى أين؟" إلى أن آلية العمل في "كيدون" تتبع نوعية تسمى بـ"العمل الاستخباراتي الفعال"؛ بمعنى استخدام الاستخبارات كـ"مقاتل" مشارك في الحروب، وبالتالي فهي مكلفة باستخدام كل الوسائل الشرعية وغير الشرعية لتنفيذ مهامها خارج إسرائيل.

 

كما تقول الدراسة إن الموساد، يحاول أن يوفر لهذه الوحدة مستوى عاليا من القدرات القتالية التقليدية وغير التقليدية، بشكل يساعد على تحسين قدرات عمليات "الإحباط الاستباقية"؛ لمنع عمليات التآمر ضد إسرائيل والجرائم الإستراتيجية المنظمة التي تشن ضدها.

 

عمليات ناجحة

 

ولوحدة "كيدون" سلسلة من عمليات الاغتيال الناجحة، فهي الوحدة المسئولة عن اغتيال وائل زعيتر ممثل منظمة التحرير الفلسطينية بإيطاليا في أكتوبر 1972 بإطلاق اثني عشر رصاصة في أماكن مختلفة من جسده.

 

كما اغتالت حسين البشير ممثل حركة التحرير الوطني الفلسطينية (فتح) في قبرص بشحنة ناسفة وضعت تحت سريره في الفندق الأوليمبي بنيقوسيا في نوفمبر 1973، وسبق ذلك في أبريل من نفس العام اغتيالها الدكتور ياسر القبوسي أستاذ القانون في الجامعة الأمريكية ببيروت، الذي تمت تصفيته بـ12 رصاصة في باريس كما الحال بالنسبة زعيتر.

 

وفي ديسمبر 1977، اغتالت هذه الوحدة محمد الهمشري ممثل منظمة التحرير في فرنسا بواسطة شحنة متفجرة زرعت تحت مكتبه؛ حيث رتب عميل "الموساد" الذي انتحل شخصية صحفي إجراء حديث تليفزيوني معه ليعطي إشارة لمفجر القنبلة بالتفجير حين وصول الهمشري مكتبه.

 

وفي مارس 1990، اغتالت "كيدون" جيرالد بول العالم الكندي الذي قام بتطوير برنامج عسكري للعراق، وذلك بغرفته في العاصمة البلجيكية بروكسل، وهو ما أثر بالسلب بشكل كبير على تطوير هذا البرنامج. وفي أكتوبر 1995 اغتالت وحدة "كيدون" فتحي الشقاقي الذي تمت تصفيته برصاصتين اخترقتا رأسه عن قرب من الجهة اليمنى.

 

وأخرى فاشلة

 

لكن في سجل "كيدون" أيضا سلسلة من العمليات الفاشلة، ففي عام 1973 وفي مدينة ليلهامر  بالنرويج قتل عملاء الوحدة أحمد بوشيخي النادل المغربى الذى كان عائدا مع زوجته الحامل إلى منزله بعد أن ظنوا أنه حسن علي سلامة قائد عملية ميونخ الفدائية، وتم اعتقال هؤلاء العملاء من قبل السلطات النرويجية فيما عرف بـ"فضيحة ليلهامر".

 

وفي أوائل تسعينيات القرن الماضي قُتل اثنان من "كيدون" في العاصمة النمساوية فينا أثناء ملاحقتهما لنائب وزير الدفاع الإيراني آنذاك مجيد عبسفور، حيث انقلبت دراجتهما النارية وارتطاما بسيارة مسرعة، ولا تزال السلطات الإسرائيلية تمنع نشر اسميهما بالرغم من مرور 14 عاما على موتهما.

 

وفي عام 1997 كانت أول محاولة لـ"كيدون" على أرض عربية هي المحاولة الفاشلة لاغتيال خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس برش السم في الأردن. وكانت عمليات الاغتيال قبل هذا التاريخ تنفذ في الدول العربية بواسطة وحدات خاصة تابعة لجيش الاحتلال، مثل "سرية الأركان" أو "سيرت متكال"، التي قتلت أبو جهاد القائد الثاني في حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) بتونس.