خبر مفاوضات غير مباشرة وتطبيع مباشر.. نضال حمد

الساعة 07:41 م|20 فبراير 2010

مفاوضات غير مباشرة وتطبيع مباشر.. نضال حمد

 صرح الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء القطري : " أنه لا يمكن البدء بعملية سلام في الشرق الأوسط دون الجلوس على طاولة واحدة مع (اسرائيل)". لأنه برأي الشيخ القطري لا يمكن احلال السلام دون التفاوض المباشر مع الاحتلال الصهيوني.

 

في هذا الكلام تبني صريح للموقف الصهيوني ، بعيداً عن تضحيات وحقوق الشعب الفلسطيني ، الذي ارتاح قليلاً يوم اعلن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وقف المفاوضات حتى يتم تجميد أو وقف الاستيطان. نقول قليلاً لأن الشعب الفلسطيني اعتاد على مثل تلك التصريحات التي سرعان ماعادت السلطة ورئيسها وتراجعوا عنها أو لحسوها لراحة نفس الأمريكان والدول المانحة. ولكي تصدقونا أنظروا تصريح ابو مازن يوم أمس الجمعة ، فالرجل لا يخالف توقعات شعبه القابع تحت بطش الاحتلال وغول الاستطيان ، ويعلن أنه سيعود للمفاوضات ، لكن هذه المرة غير المباشرة. هذا أمر سيعجب بالتأكيد صائب عريقات كبير المفاوضين ، الذي عمر تفاوضياً أكثر من كل المفاوضين، يسجد في هذا الجديد مادة لجزء ثاني من كتابه الأخير الحياة مفاوضات ، وليكون هذه المرة بعنوان الحياة مفاوضات غير مباشرة .. لم يطل انتظار الشعب الفلسطيني للخبر اليقين..

 

لا يمكن للسلطة الفلسطينية التي تحتكر تمثيل الشعب الفلسطيني بعدما هدمت كيانه الوطني ووضعت ممثله الشرعي والوحيد على الرف أن تصمد طويلا.. بسبب ارتباطها بالمشروع الأمريكي في المنطقة. ففي كل مرة تقدم السلطة تنازلات جديدة .. هذه المرة عبر اجراءها مؤخراً تسوية سرية مع امرأة صهيونية قتل زوجها الأمريكي بعملية استشهادية ، نفذتها كتائب شهداء الأقصى التابعة لفتح الأصالة والكرامة والينابيع ، في بار متسفاه بحيفا سنة 2002 . بموجبها سيتم تعويضها بمبلغ مالي قدر بمليوني دولار أمريكي. وهي ليست المرة الأولى التي قدمت فيها جهات فلسطينية تعويضات لقتلى يهود أمريكان ، ففي سنة 1997 دفعت منظمة التحرير الفلسطينية وبالذات المرحوم أبو العباس عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة مبلغ غير معروف لتسوية دعوى قدمتها ضده وضد المنظمة عائلة ليون كلينغهروفر، وهو يهودي أمريكي تدعي عائلته أنه قتل وألقي به في البحر خلال خطف السفية الايطالية اكيلو لاورو سنة 1985 . ورغم هذا لم تكتف أمريكا بذلك فقد توفي أبو العباس في السجن الأمريكي في ظروف غامضة بعد اعتقاله في العراق عقب احتلاله من قبل قوات التحالف الأمريكي الغربي.

 

كانت ومازالت السلطة عاملاً مشجعاً للعرب المطبعين كي يواصلوا تطبيعهم مع الكيان الصهيوني .. لم يردع العرب عن ذلك قيام الصهاينة بتدمير البنية التحتية في لبنان سنة 2006 وارتكاب المذابح هناك بحق المدنيين. ولا تكرار نفس الشيء في قطاع غزة نهاية 2008 وبداية 2009 . ولا عمليات القصف التي تعرضت لها منشئة سورية ، ولا عمليات الاغتيال التي نفذتها المخابرات الصهيونية في سورية ولبنان وفلسطين ، وأخيراً جريمة اغتيال القائد الحمساوي المجاهد محمود المبحوح في دبي. الأنكى من ذلك أن بعضهم ينسق حصار الشعب الفلسطيني مع الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية ، والبعض الآخر يقوم بطرد الفلسطينيين وتهجيرهم والتضييق عليهم ومحاصرتهم. سواء في غزة أو مخيمات وتجمعات اللجوء. بينما تتم معاملة الفلسطيني بهذه الطريقة نجد أن الوفود الصهيونية تقوم بدون عوائق بزيارة معظم الدول العربية من المحيط الى الخليج. وتوضع لها حراسات ومواكبات لحمايتها من أحذية الجماهير العربية..يتم ذلك في حين أن القادة الصهاينة يتخوفون من السفر الى اوروبا خشية من اعتقالهم ومحاكمتهم بتهم ارتكاب جرائم حرب.

 

في دبي حيث تمت تصفية القيادي  في حماس محمود المبحوح ، تواصل لاعبة التنس الصهيونية شاحر بيئير تمثيل الكيان الصهيوني في دورات التنس. وتقيم في فنادق الامارة مع حراسها. وصلت بيئير الى دبي يوم السبت الفائت أي بعد عملية الاغتيال، وتحاول السلطات في دبي التعتيم على وجودها واخفاء هذا الأمر عن الجمهور المحلي، خاصة أن الوضع هذه الأيام لا يسمح بذلك. تقول وسائل الاعلام الصهيونية أن بيئير شاركت للمرة الأولى في مؤتمر صحفي مع أكثر من مراسل اعلامي. و يحرص منظمو اللعبة في دبي على بيئير ، مما جعلهم يضعون لها الحراسة الشديدة ، التي بدأت منذ لحظة هبوطها في المطار. حيث خرجت من بوابة جانبية، مباشرة الى الفندق. وعندما وصلت اليه تبين لها بانه بدلا من غرفة ترتاح فيها تلقت طابقا كاملا لنفسها فقط. اكثر من عشرين حارس يحرسون طابق بيئير، بعضهم يوجدون هناك فقط لخلق التشويش والسرية: كي لا يعرف احد في أي غرفة توجد هي. وحتى موظفي الاستقبال في الفندق لا يعرفون في أي غرفة بالضبط تنزل لاعبة التنس "الاسرائيلية". منظمو المسابقة طلبوا من بيئير تغطية كل شيء له علاقة "باسرائيل" ولهذا فقد ألصقت على حذائها قطعا ورقية تخفي علم "اسرائيل" المطبوع عليها... في المرات النادرة التي تخرج فيها بيئير من غرفتها المنعزلة، يقفز عليها عصبة من الحراس المحليين، الذين يقتادونها الى الخارج، في كل مرة عن طريق آخر. في الملاعب توضع في ملعب رقم 1، وهو الاصغر، وليس في الملعب المركزي والكبير.

 

نعم الضيافة العربية الأصيلة ولو كانت حتى للأعداء .. فما هم هؤلاء المطبعين بغزة وناسها وجياعها وحصارها وقتلاها وجرحاها ومرضاها .. يمكنهم الحديث كثيراً عن التعاطف مع غزة وضرورة تحمل المسؤولية الأخلاقية والسياسية لانهاء تلك المعاناة الانسانية، وتوفير الدعم اللازم لاعداد البناء والخ .. لكنهم في النهاية يقولون كما جارهم سمو الشيخ جاسم ، يجب ان نجلس مع الصهاينة على طاولة واحدة للتفاوض ... وإذا تعذر ذلك يفعلون كما في دبي ، يلعبون تنس على طاولة واحدة ..

 

هؤلاء القادة العرب ليس فيهم اي صلة ولا رابط بصلاح الدين والمعتصم وعز الدين القسام إذ غير مهم بالنسبة لهم نجدة اخوانهم واخواتهم .. ولا رأي الذين يعذبون ويقتلون ويحاصرون ويجوعون و يمنعون من الخروج والدخول الى ديارهم في غزة. ولا اصحاب القضية المشردين والمشتتين واللاجئين في كل الدنيا. ولا الذين اصبحوا اسرى في ضفتهم المحتلة ، المحاطة بجدار عازل إلتهم أراضي السكان .. فالشيخ القطري يقول: "قد نتفق او لا نتفق ولكن نعتقد ان هذا هو المجال الوحيد للوصول الى نتيجة مرضية في عملية السلام". شيخنا الشاب صريح جداً مثل رئيس السلطة الفلسطينية الذي مازال يكرر تمسكه بالسلام كخيار وحيد، تماماً كما تمسكه بالممثل الشرعي والوحيد ..

 

هؤلاء ليسوا وحدهم في ميدان التطبيع العلني والسري ، فالأمير السعودي تركي الفيصل قام في ميونيخ بمصافحة المجرم داني ايالون نائب وزير خارجية الصهاينة.. فعل ذلك بدون أي شعور بالذنب ولا احترام لمشاعر ونبض الجماهير العربية من المحيط الى الخليج. ترى هل رأى أو سمع جدران مكة والمدينة والقدس وهي تهتز وترتج مع رجة يده التي وضعها بيد ايالون..