خبر مؤتمر هرتسيليا العاشر هل يؤسس لعدوان إسرائيلي جديد؟ .. نبيل السهلي

الساعة 02:58 م|19 فبراير 2010

بقلم: نبيل السهلي

أنهى مؤتمر هرتسيليا الأمني العاشر أعماله يوم الأربعاء 3/2/2010، وقد ركزت النقاشات والمداولات على الهواجس الأمنية الإسرائيلية إضافة إلى قضايا أخرى تنموية وسياسية وديبلوماسية. واختار القائمون على المؤتمر شعار "إسرائيل تحت الحصار".. كعنوان رئيسي لمؤتمرهم، وقد يكون ذلك بمثابة محاولة إسرائيلية مباشرة للهروب إلى الأمام والاستعداد لمواجهة حملات "غزة تحت الحصار"، التي تنظمها منظمات دولية غير حكومية نجحت في إيصال جزء من معاناة أهالي قطاع غزة خلال العام الذي تلا العدوان الإسرائيلي.

وقد سبق المؤتمر نشاط سياسي وديبلوماسي إسرائيلي محموم لتحسين صورة إسرائيل وتجميلها، بعد انكشاف عنصريتها إبان العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في بداية العام المنصرم 2009، وخصصت المؤسسات الإسرائيلية أموالاً طائلة وطواقم خاصة للتجوال في دول العالم من أجل النشاط الإسرائيلي المذكور في الساحة الدولية، ولم يتوقف النشاط الإسرائيلي عند الحد المذكور، بل تم العمل بشكل حثيث من أجل الحد من تداعيات تقرير غولدستون الذي أشار في أكثر من مكان إلى المجازر التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي قبل أكثر من عام في قطاع غزة. وتسعى إسرائيل منذ أكثر من عام أن تكون عضواً في العديد من منظمات حقوقية دولية لإسقاط مشروع أي قرار يدين ممارساتها التعسفية والعنصرية.

وبالعودة إلى الجانب السياسي من محاور مؤتمر هرتسيليا العاشر، فقد حمّل الجنرال عوزي أراد مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، الدول العربية مسؤولية تعثر المفاوضات على كافة المسارات، نافياً بذلك تحمّل إسرائيل المسؤولية الكاملة عن المخاطر المحدقة في المنطقة، وثمة تصريحات لوزير الخارجية الإسرائيلي العنصري افيغدور ليبرمان في المؤتمر نفسه يهدد من خلالها بشن حرب على الدول العربية وبخاصة لبنان وسوريا وقطاع غزة.

وعلى الرغم من تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مؤتمر هرتسيليا العاشر والتي اشار فيها إلى احتمال انطلاق عملية التفاوض مع الفلسطينيين بعد أسابيع عدة، إلا أن الجنرال أراد قال: "ان سياسة الرفض التي تنتهجها السلطة الفلسطينية هي السبب وراء تعثر مفاوضات السلام، حيث يواصل الفلسطينيون رفض التفاوض" حسب زعمه. وحذر الجنرال المذكور من ان هذا الرفض "سيكون مشكلة للفلسطينيين أنفسهم".

وفي هذا السياق، يشترط الرئيس الفلسطيني محمود عباس من أجل العودة إلى طاولة المفاوضات، أن توقف إسرائيل النشاط الاستيطاني تماماً في الضفة الغربية، بما فيها أيضاً وقف النشاط الاستيطاني في مدينة القدس الشرقية، الأمر الذي رفضته حكومة نتنياهو، حيث قبلت إسرائيل تجميد النشاط الاستيطاني في الضفة الغربية لمدة عشرة أشهر، لا يشمل ذلك النشاط الاستيطاني في مدينة القدس ولا النمو الطبيعي في المستوطنات أيضاً، وقد تم التأكيد على ذلك في محاور عديدة في مؤتمر هرتسيليا العاشر نفسه.

من جهته، حمّل نائب رئيس الأركان في جيش الاحتلال اللواء بيني جانتس، الحكومة اللبنانية مسؤولية أي تصعيد مستقبلي مع إسرائيل، قائلاً: "إن حكومة لبنان تسمح لـ"حزب الله" بالعمل والتسلح بحرية، ولذلك فإننا سنراها هي المسؤولة في حال اشتعال الوضع". واضاف ان السوريين "يعملون على زيادة قوتهم العسكرية ويشترون أسلحة طويلة المدى"، في اتهام مبطن منه لدمشق بتحريض "حزب الله" على إشعال الوضع في الجنوب.

واستطرد رئيس الأركان الإسرائيلي قائلاً: "إن رقعة التهديدات التي تتعرض لها إسرائيل تتسع"، مشيراً إلى "التهديد الايراني الناجم عن احتمال تزوّد إيران بأسلحة نووية".

وتبقى الإشارة إلى أن مؤتمر هرتسيليا العاشر لم يخرج عن الاطار العام الذي رسم في العام 2000، والذي أسس له الجنرال عوزي اراد، لفحص ما يسمى المناعة في إسرائيل، وبالتحديد توصيف حالة إسرائيل الأمنية، لما للأمن من مكانة في استمرار إسرائيل كدولة احتلال وتوسع وعدوان.

وتكمن أهمية المؤتمرات السنوية التي تعقد سنوياً في هرتسيليا، في الاستخلاصات والتوصيات، فبناء عليها يتم اتخاذ قرارات المؤسسات المختلفة في إسرائيل على كافة الصعد، وتتعزز أهمية المؤتمرات الدورية في هرتسيليا بفعل نوعية المشاركة والحضور، حيث يشارك رؤساء وزراء سابقون ورؤساء دولة ووزراء وعسكريون واستراتيجيون، فضلاً عن مشاركات عديدة من قبل أكاديميين إسرائيليين في مجالات الاقتصاد والعلوم السياسية والمجتمع والبحث العلمي.

واللافت في مؤتمر هرتسيليا العاشر انه على الرغم من المحاور المختلفة التي تطرق إليها، بيد ان المؤشر الأخطر هو التأسيس لعدوان إسرائيلي جديد.