خبر خائفون..الإسرائيليون عادوا.. يديعوت

الساعة 12:33 م|18 فبراير 2010

بقلم: غي بخور

مستشرق

الوضع غريب، لم نشهد مثله منذ سنوات عديدة: اعداء اسرائيل يعيشون في فزع، ربما في جنون اضطهاد، خشية أن تهاجمهم اسرائيل. حزب الله مقتنع بانه ستوجه اليه ضربة في كل لحظة. حماس تلعق جراحها، سوريا تخشى، ووزير الخارجية الايراني اعلن بان اسرائيل هي "شعب مجانين"، مع "قيادات مجنونة"، من شأنها ان تهاجم. اللبنانيون الفزعون توجهوا الى الامم المتحدة، الى اليونيفيل، الى الرئيس ساركوزي وطلبوا حماية فرنسا من اسرائيل "الفظيعة"، غير ان الفرنسيين اعلنوا بانه طالما كان حزب الله مسلحا فانهم سيعملون لدى اسرائيل فقط كي لا تدمر البنى التحتية المدنية في لبنان "وليس اكثر من ذلك". هكذا نشر في الصحافة العربية.

بالمقابل، الحدود هادئة مثلما لم تكن ابدا منذ سنوات طويلة.

إذن كيف نفسر جنون الاضطهاد الشرق اوسطي الغريب؟

الجيش الاسرائيلي يتدرب اليوم مثلما لم يتدرب لعشرات السنين. كل يوم، من الصباح حتى المساء: دبابات، طائرات، مروحيات، تدريبات بالنار الحية، جنود يتراكضون. اللبنانيون ينظرون من الطرف الاخر، وكذا ايضا السوريون، ويدخلون في حالة ضغط: ما الذي يتآمرون عليه الاسرائيليون هناك؟ قد يكون هناك شيء لا نعرفه؟

الحراك الاسرائيلي يدخلهم في قلق، موهوم او حقيقي، وهذا، بالطبع، جيد. يسمون هذا الردع. في حزب الله وفي سوريا يعرفون ايضا بان الجيش الاسرائيلي ارتفع جيلا منذ حرب لبنان الثانية، وهو الجيش الاول في العالم الذي يسلح الان تماما دباباته بمنظومات دفاعية ضد الصواريخ، الامر الذي يغير قواعد المعركة، ويتزود بمجنزرات جديدة، طائرات متطورة، منظومات تكنولوجية مذهلة – بينما هم عالقون في الثمانينيات والتسعينيات.

فضلا عن ذلك، سلسلة تصفيات جريئة، نسبت لاسرائيل، تدخل قيادة محور الشر في مخاوف شخصية. فهم يشتبهون بكل من يوجد الى جانبهم والحرج كبير. فقط لنذكر بان نصرالله يختبىء منذ ثلاث سنوات ونصف، وهذا محرج جدا لمن سارع الى الاعلان عن "نصر الهي" ليس أقل.

بزعم منظمات الارهاب، تصف اسرائيل الى كل مكان وقد تسللت الى كل منظمة وكل دولة عربية. الهالة حول الاجهزة السرية الاسرائيلية تجددت والخوف منها تعاظم.

ماذا يقولون في المنطقة بينهم وبين انفسهم؟ "اسرائيل عادت". فقد اختفت لعقد او عقد ونصف من "السلام"، اعتبرت فيها ضعيفة والان هي عادت، بكامل القوة.

حربا لبنان وغزة ايضا تفعلان فعلهما. واذا كان في الماضي أثر لبنان على الفلسطينيين للشروع في انتفاضة او على التجرؤ في غزة، تحت رعاية نظرية "بيت العنكبوت" لنصرالله، فاليوم الوضع انقلب رأسا على عقب. في حزب الله يرون الدمار والخراب اللذين زرعتهما اسرائيل في غزة، والرغبة في القتال ضدنا تنطفىء لديهم. هم ينظرون الى غزة ويفكرون بأنفسهم.

تقرير غولدستون الذي ادعى بان اسرائيل يجن جنونها حين تتعرض للهجوم، الحق بنا ضررا ما (لا ينبغي المبالغة فيه) في العالم، ولكن في منطقتنا جلب لنا التقرير البركة فقط. اذا كانت اسرائيل يجن جنونها وتهدم كل ما تراه في طريقها حين تتعرض للهجوم، فيجدر الحذر. فلا استفزاز للمجانين.

ولكن ما هو الامر الاكثر اقلاقا للاعداء؟ الفهم في أن اسرائيل تتعلم، لاول مرة في تاريخها، قواعد المنطقة. فهم يفهمون بان انتهت الايام التي تصرفت فيها اسرائيل كدولة لا كرامة لها، مستعدة لان تستسلم لكل من يثقل عليها. وهم يفهمون بان اسرائيل نضجت، تعلمت فن خلق الردع، وانها هنا كي تبقى، وان اسرائيل لن تستسلم لهم بعد اليوم مقابل الاوهام او الكلمات. وانه ليس سهلا عليهم السيطرة عليها من الخارج او استخدام مؤيديهم في داخلها إذ فقدوا ثقة الجمهور. وهم بدأوا في الفهم بان اسرائيل قوية مثلما قدروا او تخيلوا، وهذا الفهم يؤثر على نظرتهم الى أنفسهم.

وهذه، لاسفهم، أليمة.