خبر اليسار الحقيقي.. معاريف

الساعة 12:31 م|18 فبراير 2010

بقلم: عينات وايزمن

صدر اخيرا نشرتان جديدتان تتناولان اليسار الجذري. تنظر مقالة في مجلة "تخيليت" عن مركز شليم الليبرالي الجديد، في الفكر الجذري والمنطق الذي يقوده مرورا بالمفكرين الرواد في المجال مثل عادي اوفير واريئيلا ازولاي، ويهودا شنهاف، واورن يفتحئيل وايال وايزمن. تنفيهم المقالة على انهم غير ذوي صلة من ناحية اخلاقية بل لانهم بلا قدرة. اعتاد اليسار الجذري نقدا من هذا النوع، فهو لا يحظى دائما بتأمل جيد لمفكريه مع ذكر أنه توجد "تصورات صائبة وقليل من الحقيقة"، لكنهم نفوه دائما بلا شيء.

كان تقرير معهد ريئوت "تحدي سلب اسرائيل شرعيتها – خلق سور نار سياسي" اكثر مفاجأة وتشجيعا. فالتقرير يصف في ستين صفحة شبكة شر السالبين للشرعية الذين يرمون الى هدم اسرائيل بتغيير نظام حكمها. لم يفاجئني ان أتبين ان معهد ريئوت يذكر في رأس قائمة الشكر زميلي الكبير في الصحيفة، الذي أصبح معروفا بأنه يشبه شارلوك هولمز يعرف التمييز لكل همسة جذرية وأن يعلمها بعلامة السوء. ان ما فاجأني كان أن أرى ان التقرير يبين على رؤوس الاشهاد ان اشخاص اليسار ليسوا قلة من الحالمين الهاذين، كما قالوا عنا دائما، بل انهم نقط في شبكة دولية محكمة متشعبة تهدد بهدم اسرائيل. فقد تحولنا عن كوننا عاملا هامشيا غير ذي صلة لنصبح تهديدا استراتيجيا قد يفضي الى انهيار اسرائيل من الداخل – على نحو يشبه جنوب افريقيا البيضاء والاتحاد السوفياتي، اللذين انهارا نتاج ضغوط سياسية واجتماعية داخلية – ولسلب شرعية وضغط اقتصادي وسياسي دولي.

من المدهش ان نتبين ان الدرس الوحيد الذي نجح كتاب التقرير في تعلمه من الموازنة التي قاموا بها بين اسرائيل لعهدنا ونظام التمييز العنصري والاتحاد السوفياتي الشمولي هو ان النظام الاسرائيلي يجب ان يدفع منتقديه افضل مما فعلت تلك النظم الظلامية. ولا يثور في بالهم البتة امكان ان نحاول ألا نكون مثلها بحيث لا يكون هنالك ما ينتقد علينا. لكن اذا تجاوزنا الاخفاقات المنطقية هذه، كان من المدهش والمشجع ان نقرأ استنتاجات التقرير، التي يتبين منها ان اليسار الجذري اعظم تأثيرا مما اعتقدنا قط – "احد التحديات المركزية التي تواجه اسرائيل في العقد السابع لوجودها" الى جنب التهديد الايراني، وصواريخ حزب الله وغزة.

لم يعد فجأة طالب جامعي من باريس، ومستعمل للانترنت من تورينتو ومحاضر في العلوم السياسية من لندن موجودين خارج المعادلة السياسية بل متصلين بعضهم ببعض بشبكة توجد في مركز الخريطة السياسية. وكيف يقترح التقرير محاربة الصيت السيء الذي يطير لاسرائيلي؟ لم يفكر حالمو التقرير بطبيعة الامر للحظة في أنه يحسن تغيير سياسة الوطء  للشعب الفلسطيني، بل يقترحون أنه تنبغي محاربة الشبكة بمنطق شبكة مضاد أي تعرف مراكز سلب الشرعية (سجلوا أمامكم، لندن هي "محور الشر" وحولها تورنتو، وباريس، ومدريد وخليج سان فرانسسكو) والتشويش على عملها. ينبغي من اجل ذلك استعمال جهاز الاستخبارات وتطوير النظرية القتالية والعمل.

مع تلاشي الفرح لاعادة صلة اليسار الراديكالي الجديدة، يشم من كلام التقرير رائحة غير حسنة. ماذا يعني هذا في الحقيقة "التشويش على عملها"؟ أيجب على الموساد ان يرسل اشخاصا مع جوازات سفر مسروقة لاعمال احباط مركز في باركلي؟ لا يفصل التقرير ذلك. من الجهة الاخرى، يفصل التقرير كيف "تسوق اسرائيل من جديد"، ويعرض أمثلة عن اسرائيل الحسنة مثل الكاتب عاموس عوز او فيلم "فالس مع بشير". من المثير ان نعلم هل يعلمان انهما جندا للمعركة من أجل التشويش والطمس على حقائق ان اسرائيل لا تريد ان يرى العالم وأن يعلم.

الفكرة التي يقدمها المركز الحالم هي حل الدولتين. ازاء تلك الشبكة من النشطاء الذين يوشكون ان يهدموا الدولة يوجد حل متزن وهو، ويا لها من مفاجأة، نفس الحل الذي اقترحه اولئك المتطرفون وطلبوه منذ نهاية الستينيات. أخذ المركز الحالم حل اليسار الجذري في الأمس وجعله ملكا له. لا قبل ان يدعوا عدة عقود تمضي وعدة مئات من آلاف المواطنين الاسرائيليين يدقون اوتادا في أراضي الضفة. لمن نصغي اذن؟ أللأصوات المعروفة كما تزعم مقالة مجلة "تخيليت" ان اليسار الجذري لم يعد ذا صلة، أم ان اليسار هو التهديد الاستراتيجي الجديد للدولة؟ أفترض ان الجواب لا هذا ولا ذاك، فربما بدل الغائنا او الخوف منا يجب فقط الانصات باصغاء كثير.